تتواصل المعارك العنيفة على تخوم طرابلس على أشدها وسط مؤشرات على تفوق ميداني لقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر خاصة في ظل تقدمها الميداني وغاراتها الجوية الكثيفة التي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق،وسط تأكيدات عسكرية على قرب حسم المعارك.

ويتجه الجيش الوطني الليبي نحو تكثيف هجماته ضد المليشيات المسلحة في محاولة لحسم المعركة،حيث نفذ سلاح الجو التابع للقوات المسلحة فجر الجمعة عدة غارات جوية إستهدفت معسكر الحامية وأهداف أخرى لقوات الوفاق داخل مدينة مصراتة.ونتج عن هذه الغارات الجوية  وفق ايجاز صادر عن الجيش عدة إنفجارات كبيرة جراء تدمير وإحتراق مستودع لتخزين الصواريخ والذخائر كانت تستخدمه  قوات الوفاق طيلة الفترة الماضية. 

واكد الجيش الليبي أن هذه الضربات الجوية كانت نتيجة عمل لفرق وأجهزة الآستخبارات والإستطلاع بالقوات المسلحة الليبية، التي أستطاعت بمجهوداتها إكتشاف وتحديد مواقع هذه الأهداف التي كانت تستخدم لغرض تخرين الذخائر ومعدات الدفاع الجوي التي وصلت لها من تركيا.وهنأت القوات المسلحة الليبية جميع منتسبيها وأجهزتها الإستخباراتية وسلاح الجو الليبي التابع لها على نجاح هذه العملية في تدمير أكبر مخزن أسلحة ومعدات داخل مصراتة الذي كان يهدد أمن وسلامة القوات المسلحة والمدنيين.

ويحمل "توجيه ضربات إلى مصراتة" كثيرا من الدلالات على صعيد عمليات الجيش الوطني الليبي، كون المدينة الواقعة 200 كم شرق طرابلس،تعتبر معقل أقوى المليشيات المسلحة المناهضة للجيش الليبي وعمود قوات حكومة الوفاق، وقد لعبت دوراً كبيراً وحاسماً في تأخير بسط سيطرة قوات الجيش على العاصمة طرابلس وتحريرها من الميليشيات المسلّحة، بعدما أرسلت آلاف المقاتلين للمشاركة في القتال، وصدّ تقدّم الجيش نحو وسط العاصمة.

ومن جهته أكد مصدر مطلع في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية" أن الغارات استهدفت مخازن لصواريخ الجراد وورشة صيانة للطائرات المسيرة ومخزن للطيران المسير.وأضاف المصدر أن سلاح الجو استهدف بضربات قوية القاعدة الجوية في مصراتة  وكرزاز وطمينة كما شن غارات على معسكر الحامية قرب منطقة طمينة.

وألحقت الغارات الجوية للجيش الليبي خسائر كبيرة في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق،حيث أعلن "اللواء 73 مشاة"، التابع للجيش،الخميس أن قواته كبدت قوات الوفاق خسائر فادحة، بعد أن نجحت في تدمير آليات، وقتل عدد كبير من المجموعات التابعة للحشد الميليشياوي، في أكثر من محور بالعاصمة طرابلس، خلال الـ48 ساعة الأخيرة.

واعتبر اللواء أن ظهور قادة الإرهاب في محاور القتال، إلى جانب الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج:"لا يمثل مفاجأة لقوات الجيش".ولم يستبعد البيان استخدام التنظيمات الإرهابية لأساليب القتال السابقة في بنغازي ودرنة، من ألغام وعمليات انتحارية بالسيارات المفخخة.

وقال العميد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي،لـ"العربية.نت"، إن سلاح الجو نفذ، الخميس، غارات جويّة متزامنة، على عدة مواقع ومعسكرات تابعة لقوات الوفاق بضواحي العاصمة طرابلس.وأوضح المحجوب، أن سلاح الجو شنّ غارات جوية عنيفة ودقيقة، استهدفت منطقة مشروع الموز الواقعة بين عين زارة والسبيعة وبعض التجمّعات التابعة للمليشيات في منطقة العزيزية، وكذلك الموجودة قرب الاستراحة الحمراء.وأضاف أنّه تمّ أيضا ضرب مقر مليشيا باب تاجوراء والتي تستخدم بشكل سري ويعتقد أنّ بداخلها غرفة عمليات لإدارة المعركة، مشيرا إلى أن القصف تمّ أثناء اجتماع، وهو ما أدّى إلى مقتل عدّة عناصر وتدمير مخزن الذخيرة الموجود فيها.

والأربعاء، قال الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي أن سلاح الجو والمدفعية الثقيلة قد استهدفا مخزنا للذخيرة في عين زارة، لافتا إلى أنه تم تدمير 3 آليات مسلحة كانت تقوم بتأمين المخزن، كما قصف سلاح الجو هدفا مهما بمنطقة المحمية في صرمان، وأسفرت عن سقوط 21 قتيلا من قوات الوفاق.

وبالتزامن مع ذلك يتواصل تقدم الجيش الليبي على الأرض في عدة محاور هامة،وفي هذا السياق،أكد مسؤول في الجيش الليبي، أن معسكر اليرموك تحت سيطرة قواته، مشددًا على أن ميليشيات حكومة الوفاق تعيش الآن مرحلة "بداية النهاية".ونقل موقع "ارم نيوز" عن اللواء فوزي المنصوري نفيه ما ردتته الميليشيات الأربعاء عن سيطرتها على معسكر اليرموك، قائلًا:"اليرموك وأغلب محور الخلاطات المجاور بأيدينا".ووصف الوضع في محاور القتال جنوبي العاصمة بأنه "ممتاز، ولصالح الجيش".

وشنت القوات الموالية لحكومة الوفاق الأربعاء هجمات مضادة على معسكر اليرموك وشارع الخلاطات ومنطقة أربعة الشوارع السويحلي، دون إحراز أي تقدم.ويعدّ معسكر اليرموك الواقع في منطقة الخلة في الطريق الرابط بين قصر بن غشير والعاصمة طرابلس، من أهم المواقع العسكرية في المنطقة.

ووفق تقارير اعلامية،يعتبر معسكر اليرموك أكبر المعسكرات جنوب طرابلس،  وهو من أهم المواقع العسكرية في المنطقة،  فقد شغلته بعد عام 2011،  كتيبة "ثوار طرابلس" وبعدها تناوب الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق السيطرة عليه وأصبح بعدها منطقة شبه معزولة.

ومنذ الرابع من أبريل، تشن قوات الجيش الليبي هجوما على العاصمة الليبية طرابلس، بهدف تطهيرها من الميليشيات المتطرفة والمسلحين المتحالفين معها.وبعد تقدم سريع تقف قوات الجيش على أبواب العاصمة، بمواجهة الميليشيات المدعومة أيضا من مجموعات مسلحة في مدينة مصراتة.وتدور معارك يوميا في الضاحية الجنوبية للعاصمة، وكذلك في جنوبي المدينة.

ويعزو مسؤولون عسكريون تأخر الحسم في معركة طرابلس الى حماية المدنيين خاصة في ظل تمترس المليشيات في الأحياء والمنازل واستغلالها للمرافق العمومي على غرار مطار معيتيقة الذي تعرض لعدة ضربات.الشئ الذي أكده مؤخرا القائد العام للقوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر،الذي قال إن الجيش الليبي قادر على حسم معركة طرابلس في غضون 48 ساعة، عبر اجتياح كاسح بالأسلحة الثقيلة من جميع المحاور.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن حفتر قوله أن ذلك سيؤدي إلى دمار المدينة وخسائر كبيرة في صفوف المدنيين من سكانها، مستدركًا:"حرب تحرير طرابلس ليست مشروع مقاولات يمكن أن نضع له جدولًا زمنيًا محددًا".لكنه تحدث عن إستراتيجية بديلة لتدارك وقوع ضحايا من المدنيين في المواجهات، عبر "استدراج المجموعات إلى ضواحي المدينة، ومن ثم إلحاق خسائر فادحة في صفوفهم"، وهو ما حدث في العديد من المحاور خلال الفترة الماضية.

وعن خطة الجيش بعد تحرير العاصمة، تابع حفتر:"مسألة انتشار السلاح والمليشيات والخلايا الإرهابية النائمة من أهم القضايا التي تتطلب معالجة جذرية عاجلة، وتتصدر الأولويات بعد دخول طرابلس، وهناك خطط أمنية شاملة لضبط الأمور في العاصمة".وردًا على سؤال بشأن إمكانية وجود وساطة مع المجلس الرئاسي في طرابلس، أجاب حفتر:"للأسف أضعنا وقتًا ثمينًا في الحوار معه، استجابةً لمساعٍ إقليمية ودولية، أما الآن فلا توجد أي وساطة لا دولية ولا محلية بيننا وبين المجلس أو رئيسه".

وأتهم الجيش الليبي في أكثر من مناسبة بقصف المدنيين كان آخرها الاثنين الماضي حين قتل ثلاثة مدنيين عقب سقوط منزل جراء قصف جوي استهدف منطقة الفرناج بالعاصمة طرابلس واتهمت حكومة الوفاق قوات الجيش الليبي بتنفيذ القصف فيما نفى الأخير الأمر.وعقب ذلك كشفت تقارير اعلامية زيف الاتهامات ضد الجيش الليبي.

ويشير الكثير من المتابعين للشأن الليبي أن الاتهامات المتكررة للجيش الليبي بقصف المدنيين لا يعدو أن يكون محاولة من المليشيات المسلحة لتشويه الجيش الليبي في وقت بات يحضى فيه بدعم محلي واسع.وكانت 17 مدينة ومنطقة من الجبل الغربي والساحل الغربي،قد أعلنت الأحد الماضي،تجديد دعمها وتأييدها للقوات المسلحة في عملياتها العسكرية بالعاصمة طرابلس.

جاء ذلك خلال اجتماع موسع اعقد،الأحد، في مدينة الزنتان وشارك فيه أعيان ومشائخ غدامس وسيناون والحرابة والرحيبات والرجبان وظاهر الجبل ومزدة والقريات وباطن الجبل والأصابعة والمشاشية وشكشوك والقواليش ومن مناطق الساحل الغربي   صرمان وصبراته والعجيلات.وأصدر المشاركون في الاجتماع بيانا أكدوا فيه وحدة التراب الليبي وعدم الإصغاء إلي نداءات التقسيم التي تدعو لها جماعة الإخوان المسلمين.

وتشير هذه التطورات الى اصرار الجيش الوطني الليبي على تحرير العاصمة طرابلس.ويؤكد مراقبون أن الخناق بدأ يضيق على الجماعات المسلحة في محيط العاصمة الليبية خاصة بعد نجاح الجيش الليبي في التقدم على جميع المحاور والجبهات،وتزايد الخسائر في صفوف المليشيات،وهو ما يؤكد اقتراب الحسم في معركة الدفاع عن سيادة الدولة واستقرار البلاد وأمن المواطن.