شنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، هجوماً لاذعاً على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لانتقاده استراتيجية حلف شمال الأطلسي (ناتو) ووصفه إياه بأنه «ميت دماغياً»، في حين آثر ماكرون توجيه نيرانه باتجاه تركيا.
وخيمت هذه المعركة الثلاثية على القمة التي عقدت في لندن بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس الحلف.
وحاول ماكرون تغيير أجندة الاجتماع عبر المطالبة بمراجعة استراتيجية الحلف، إلا أن ترامب، الذي تفاخر بإجباره الدول الأعضاء على زيادة إنفاقها الدفاعي، انتقده بشدة، وتطرق في مؤتمر صحافي لمدة 52 دقيقة إلى عدد كبير من المواضيع. وانتقد من جديد «من لا يدفعون» جيداً في الحلف الأطلسي، خصوصاً ألمانيا.
وانتقد ترامب تعليق ماكرون واعتبره «مهيناً للغاية». وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ قبيل القمة، إن تعليقات ماكرون «بغيضة بدرجة كبيرة جداً بشكل أساسي بالنسبة للدول الـ28».
وأكد أنه «فوجئ جداً» بتصريح ماكرون، معتبراً أنه «خطير جداً». واعتبر أن «لا أحد يحتاج إلى حلف شمال الأطلسي أكثر من فرنسا».
وخفف ترامب من لهجته أثناء مؤتمر صحافي مع ماكرون الذي أصر على تصريحاته. وقال ماكرون: «تصريحي خلق ردود فعل من الكثير من الناس. ولكنني متمسك به».
وأضاف: «العدو المشترك اليوم هو الجماعات الإرهابية، كما ذكرنا، ويؤسفني أن أقول إننا لا نتفق على التعريف نفسه للإرهاب»، مشيراً إلى أن تركيا هاجمت مقاتلين أكراداً دعموا الحلفاء ضد تنظيم داعش. مؤكدا: «عندما أنظر إلى تركيا أرى أنها الآن تقاتل ضد من قاتلوا معنا. وأحياناً تعمل مع مقاتلين على صلة بداعش».
وأكد ماكرون أن مسألة تنظيم داعش يجب أن تكون واضحة، وقال إن تصرفات تركيا ضد المقاتلين الأكراد الذين ساعدوا الحلفاء في القتال ضد التنظيم الإرهابي تُظهر الحاجة إلى تحسين التنسيق.
وهدد أردوغان بتعطيل جهود الناتو لتعزيز حماية جمهوريات البلطيق ضد روسيا إلا إذا أعلن الحلفاء الآخرون أن المقاتلين الأكراد شمال شرقي سوريا «إرهابيون».
من جهته، أعلن ستولتنبرغ أنه «لا يتفق» مع ماكرون، مضيفاً: «يجب عدم التشكيك بوحدة الحلفاء وعزمهم على الدفاع عن بعضهم البعض»، على اعتبار أن ذلك يشكّل أساساً لمبدأ الردع.
ووافق زعماء دول الناتو على نص البيان الختامي. ويشير البيان صراحة ولأول مرة في تاريخ قمم الحلف، إلى اعتبار القوة العسكرية الصاعدة، الصين، عدواً جديداً محتملاً. وأكد ستولتنبرغ أن على الحلف معالجة «التأثيرات الأمنية» لتصاعد الصين كقوة عسكرية، إلا أنه أكد أنه لا يرغب في جعل الصين عدواً. وقال ستولتنبرغ إن قدرات الصين العسكرية المتنامية - بما فيها الصواريخ التي يمكن أن تضرب أوروبا والولايات المتحدة - تعني أن على التحالف أن يعالج القضية بشكل جماعي. وأضاف: «الصين تملك ثاني أكبر ميزانية دفاعية في العالم».
ودعا الرئيس الفرنسي إلى حوار استراتيجي مع روسيا بعيداً من «السذاجة»، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ترامب. ودعا أيضاً إلى معاهدة جديدة حول الأسلحة النووية المتوسطة المدى، مؤكداً أن «فرنسا وألمانيا والدول الأوروبية الأخرى مهددة راهناً بصواريخ روسية جديدة». وتابع أن «التهديد المشترك الأول هو الإرهاب الدولي وإرهاب تنظيم داعش».
من جهته، عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الحلف الأطلسي التعاون. ونقلت وكالة أنباء (إنترفاكس) الروسية عن بوتين قوله في سوتشي: «أعربنا مراراً عن استعدادنا للتعاون مع الناتو والتصدي معا للأخطار الحقيقية». وأضاف: «يجب علينا اليوم الانطلاق من أن توسع الناتو وتطوير بنيته التحتية قرب الحدود الروسية يمثلان أحد التهديدات المحتملة لأمن بلادنا».