سحبت عدد من الدول، كامل بعثاتها الدبلوماسية أو جزء منها من ليبيا، خلال الأيام القليلة الماضية، على وقع مواجهات دامية بين كتائب متناحرة في مدينتي طرابلس العاصمة (غرب)، وبنغازي (شرق)، ما اعتبره البعض "خذلان" لمدنيي البلاد الذين يتعرضون لـ"حرب إبادة" دون أن يبذل أحد جهودا لإنهائها، وقال آخرين إنه "أمر طبيعي".

وخلال الأسبوع الجاري، غادر العاملون في السفارات الألمانية والكندية، والتركية ليبيا، عبر الأراضي التونسية وقلصت البعثة الدبلوماسية البريطانية، فيما تم إجلاء أعضاء البعثة الأمريكية من طرابلس، ونصحت عدة دول أوروبية رعاياها بتجنب السفر إلى ليبيا، ودعت فرنسا اليوم رعاياها إلى مغادرة ليبيا على الفور.

الكاتب والباحث السياسي الليبي، جبريل العبيدي، رأى أن "مغادرة بعض البعثات الدبلوماسية وخاصة البعثة الأمريكية البلاد دون وجود خطر مباشر كما صرح واعترف (وزير الخارجية الأمريكي جون) كيري لا يمكن إلا أن يفهم على أنه خذلان للمدنيين الليبيين وهم يتعرضون لحرب إبادة من قبل من خسروا الانتخابات فذهبوا لقتل الليبيين".

ومضى قائلا ، إن إجلاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية (من طرابلس قبل أيام) وبالمشهد الذي وصفه بـ"الهوليدي تحت حماية (مروحيات) F16 وكتيبة من المارينز على الأرض في ظل صمت تام لبنادق وصواريخ المتصارعين يؤكد أن القادر على إنهاء الابادة للمدنيين والقادر على تفعيل قرار حماية المدنيين واصدار مذكرات اعتقال لأمراء الحرب قد تركهم ورحل ببعثته".

وأضاف: "بهذه الطريقة يوجهون رسالة مفادها: تقاتلوا وسنتعاون مع المنتصر؛ فالنفط هو ما يهمنا أما دمائكم ليست سوى حبر أحمر"، على حد قوله.

فيما قال الناشط السياسي والمرشح سابقا لرئاسة الحكومة، أسامة كعبر، لوكالة الأناضول إن مغادرة بعض البعثات ليبيا في الظروف الراهنة يعتبر أمر طبيعي وليس له أي ابعاد أو مؤشرات أخرى".

وأضاف كعبر أن "الصراع المسلح الراهن في العاصمة واحتمالات تصعيده مدعاة لمغادرة كل الرعايا الأجانب من البلاد"، لافتا إلى أن ما تريده ليبيا من المجتمع الدولي هو "دعم العملية الديمقراطية والوقوف على الأقل على الحياد بين الكتائب المسلحة".

ومنذ 13 يوليو/ تموز الجاري، تشهد طرابلس مواجهات دامية أوقعت نحو 100 قتيل، بحسب مصادر طبية ليبية، بين كتائب متصارعة على السلطة، للسيطرة على مطار طرابلس الدولي، فيما تشهد بنغازي، مواجهات دموية مماثلة، منذ أكثر من شهرين، أوقعت عشرات القتلى والجرحى

أما وكيل وزراة الخارجية الليبية، سعيد الأسود، فقال لوكالة الأناضول إن "اقفال الوزارة منذ نحو شهر، وعدم تمكنها من ممارسة أعمالها تحت وطأة الأحداث في طرابلس تسبب في مغادرة العديد من البعثات الدبلوماسية".

وقال الناطق باسم الحكومة الانتقالية، أحمد الأمين، للأناضول إن "الإجلاء المفاجئ الذي قامت به الولايات المتحدة لكل الموظفين من سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس جرى بالتنسيق مع الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني"، موضحا أن "الحكومة كان لديها إخطار مسبق من الإدارة الأمريكية باعتزامها اتخاذ هذه الخطوة".

كانت الخارجية الأمريكية، قالت في وقت سابق هذا الأسبوع: "نظرا للعنف المتصاعد والاشتباكات بجوار السفارة الأمريكية في طرابلس، فإن الإدارة الأمريكية قررت إخراج كافة العاملين فيها خارج ليبيا مؤقتا"، مضيفة أنها "ستبحث خيارات لعودة بعثاتها إلى البلاد بمجرد أن تسمح الظروف الأمنية بذلك".

من جهته، قال مسؤول إعلامي بالخارجية البريطانية في لندن، فضل عدم ذكر اسمه، لوكالة الأناضول إن السفارة البريطانية في طرابلس مستمرة في العمل رغم انها قلصت عدد العاملين فيها"، لافتا إلى وجود قيادات السفارة بليبيا "للإسهام في دعم بريطانيا للحراك السياسي هناك".