حركة المعتمدين الجدد و التصدعات الحاصلة داخل الحزب الحاكم و الخلافات و التململات المسجلة  صلب الجبهة الشعبية و أداء حكومة الصيد، إضافة إلى مشروع قانون المصالحة الإقتصادية و مآلات و انعكاسات التحالف بين نداء تونس و حركة النهضة، و غيرها من الملفات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية طرحتها "بوابة إفريقيا الإخبارية" على القيادي في الجبهة الشعبية و نائبها بالبرلمان منجي الرحوي، تعرض فيها محاورنا إلى أهم الرهانات و التحديات المطروحة على اليسار التونسي خلال المرحلة المقبلة، غير مستبعد في الأثناء نزوع الجبهويين إلى تغيير هرم قيادتهم نزولا عند مبدأ عدم وجود قيادات أزلية في عالم السياسة.

منجي الرحوي اعتبر كذلك أن حكومة الحبيب الصيد صافية النية و لكنها حكومة عاجزة و لم تنجح سوى من الناحية الأمنية، و أنه لهاته الأسباب فالغضب الساطع و الشامل آت يوم 17 ديسمبر القادم، مؤكدا في ذات الإطار أن تحالف أحزاب المعارضة في قائمات موحدة خلال الإنتخابات البلدية المقبلة سيقلب الموازين السياسية في بلاده و سيقضي على مطامح و مخططات النهضة الإسلامية في العودة إلى صدارة المشهد السياسي التونسي من جديد.

بقية التفاصيل، تقرؤونها في الحوار التالي:

سؤال مطروح بقوة خلال هذه الفترة هو التالي:  أين تفاعل الجبهة الشعبية من مجمل الأحداث التي تمر بها البلاد؟

الجبهة الشعبية موجودة. أعتقد أن تواجد الجبهة الشعبية في المشهد السياسي ليس بالقدر الكافي، كما أن حضورها لا يعبر عن انتظارات أنصارها و قواعدها. كذلك ليست هناك حالة من من الرضى على على حضور الجبهة الشعبية لدى أنصارها و قواعدها و لكن مع ذلك أقول أن الجبهويين لم يتخلفوا أبدا عن المواعيد المهمة التي مرت بها البلاد منذ الإنتخابات الفارطة و كذلك كانت حاضرة في كل النقاشات البرلمانية التي دارت حول مشاريع  قوانين المالية و المجلس الأعلى للقضاء  و مكافحة الإرهاب. في كل هذه النقاشات كانت الجبهة الشعبية حاضرة و كذلك كانت حاضرة في التصدي لمشروع قانون المصالحة المالية و الإقتصادية لما لهذا المشروع من خطورة و عمق.

الجبهة الشعبية تستعد كذلك لعقد ندوتها الوطنية الثالثة قريبا بعد أن أنهت أغلب الندوات الجهوية التي سيتم على أساسها التقييم النهائي لملخص الخط السياسي للجبهة في ظل الإستحقاقات القادمة و في ظل تبدل الخارطة السياسية بعد الترويكا و الإستعداد التنظيمي بما يؤهلها لتحقيق الإستحقاقات القادمة و على رأسها الإنتخابات البلدية، و لعل تحديد الرؤية التنظيمية التي تسمح للجبهة بتثبيت الديمقراطية كآليات و ممارسة داخل مؤسساتها.

ركود سياسي ملحوظ للجبهة الشعبية، فهل تم تقليم أظافر الجبهة الشعبية؟

نحن لا نتعامل بمنطق الأظافر و منطق من يخدش. الجبهة الشعبية ما زالت على عهدها و لم تتخل عن انحيازها للفئات الإجتماعية الكادحة و للجهات المحرومة. الجبهة الشعبية مازالت متمسكة باستحقاقات  الثورة.  من ثوابت الجبهة الشعبية أنه ليس لديها ازدواجية الخطاب و ما تعد به تلتزم به.

الجبهة الشعبية لا تدعي الكمال و لكنها تتطور في علاقتها بمجمل المحاور النضالية و السياسية المطروحة و في احتكاكها بالجماهير، و لذلك لا يمكن القول إن الجبهة فس حالة جمود أو اكتمال نهائي.
أيضا حري بالذكر أن الجبهة الشعبية تشكلت منذ ثلاث سنوات فقط و هي حافظت على وحدتها و هي تخطو طريقها بثبات رغم جميع الحملات التي تشن ضدها و ضد قياداتها، كما أنها تحظى بثقة فئات عريضة من التونسيين.

الجبهة الشعبية سبق و أن أعلنت سعيها للحكم، فهل أن هذه المساعي جادة؟

طبعا لا يمكن أن تكون الجبهة الشعبية مشاركة في المسار الديمقراطي و المشهد السياسي دون أن تضع في جدول أعمالها أن تصبح مشروع حكم. الجبهة أثبت أن لديها من الكفاءات العديدة التي قدمت عديد المقترحات و البرامج، و لذلك الجبهة هي مشروع حكم.

لو عرض عليكم الإنضمام إلى حكومة الصيد، هل تقبلون؟

انضمام الجبهة إلى الحكومة الحالية خط أحمر. الجبهة لن تتشارك مطلقا في الحكم إلى جانب حركة النهضة و إلى جانب طرف مازال ينتمي إلى التنظيم العالمي للإخوان، طرف رجعي يريد أن يعود بتونس إلى الوراء و لا يؤمن بمدنية الدولة، و قد عبر على ذلك خلال النقاش البرلماني الأخير المتعلق بالمحكمة الدستورية، حيث رفضت حركة النهضة التصويت على عديد الفصول التي تضمن علوية الدستور و حماية النظام الجمهوري، و هذه الفصول ما زالت عالقة إلى الآن بسبب امتناعها عن التصويت.
كذلك نحن إلى غاية الآن لم نر أن النهضة قطعت نهائيا مع التصورات الوهابية التكفيرية التي لها صلة أو بأخرى بالعنف بشكل عام و بالإرهاب بشكل خاص.

لكن النهضة أعلنت في عدة مرات أنها ستقوم بمراجعات في اتجاه التونسة، فهل هي مناورة أم مجرد إزدواجية في الخطاب في نظركم؟

إلى حد الآن لم نر النهضة بصدد القيام بمراجعات، ولم نتأكد بعد من مصداقية هذه المراجعات، بمعنى هل يمكن أن تكون هذه المراجعات ذات مصداقية أم أنها ليست إلا من باب المغالطة التي هي من السياسات القارة للإخوان.

جدل لافت أثارته تعيينات حركة المعتمدين الجدد، ما موقف الجبهة الشعبية من المسألة؟
التعيينات التي تم الإعلان عنها مؤخرا في حركة المعتمدين ليست في مستوى انتظارات المرحلة التي تمر بها البلاد،و كذلك ليست في مستوى انتظارات النخب السياسية. تونس تحتاج إلى تعيين معتمدين أكفاء و نزهاء و لديهم القدرة على مباشرة الإشكاليات الإجتماعية التي تهم الشعب. الجبهة الشعبية تريد أن يتم تعيين معتمدين قادرين على حلحلة الإشكاليات التنموية خاصة في المناطق المهمشة، و لكن ما حدث هو أن هذه التعيينات تمت وفق محاصصة حزبية كما هي العادة طبعا. المحاصصة الحزبية كانت حاضرة بشكل بارز في هذه التعيينات و ما كنا نلوم عليه حكومة الترويكا يتكرر الآن. 
الجبهة الشعبية تريد أن يتم التخلي عن تعيينات الترويكا و تعويضها بكفاءات حقيقية تكون قادرة على لعب دورها السياسي و الإداري و التنموي.

تململ قديم متجدد لمكون المستقلين داخل الجبهة الشعبية على خلفية إقصاءهم من القرار، فهل إرتأيتم حلولا لهذا الإشكال؟

المستقلون هم أهم مكون في الجبهة باعتباره يمثل الإسمنت الذي يوحد و يشكل لحمة مختلف المكونات الأخرى نظرا لأن المستقلين هم خارج الإنتماءات الحزبية و يتموقعون ضمن مواقفهم و آراءهم السياسية و ليس ضمن الأحزاب و لذلك تترواح مواقفهم بين تبني مواقف هذا الحزب أو ذاك و بالتالي هم قادرون على المحافظة على تماسك و وحدة الجبهة الشعبية.

من الضروري أن يحظى المستقلون داخل الجبهة الشعبية بالمكانة التي هم جديرون بها، لا سيما و أن وضعهم الحالي لا يرقى إلى الموقع الذي يجب أن يحظوا به. في إعتقادي من الضروري أن يمنح المستقلون في الجبهة الشعبية المكانة التي يستحقونها، كما أنه على الجبهة أن تجد الصيغة الكفيلة   لرد الإعتبار للمستقلين داخلها و منحهم التموقع الذي هم به جديرون.

و ماذا عن التصدع الحاصل بين الوطد و العمال الناتج عن تباين الرؤى و المواقف حول الخط السياسي للجبهة الشعبية و كذلك حول ضرورة تغيير قيادتها؟

يوجد تنافر و خلافات في التقديرات و المواقف أحيانا. نحن كحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد لدينا رؤية واضح لتطوير الجبهة الشعبية على أساس مبادئ التداول على القيادة. أنا شخصيا لا أؤمن بمبدأ القيادات الثابتة و الأبدية، و أعتقد أنه على الأطراف التي ما زالت تؤمن بالقيادات الأزلية و الأبدية مراجعة مساحة الديمقراطية داخلها.

نفهم من كلامكم أن الوطد يطمح إلى قيادة الجبهة الشعبية، لا سيما و أنه منذ اغتيال الشهيد شكري بلعيد خفت بريق الزعاماتية في صفوف اليسار الذي فقد البوصلة؟

لا شيء ثابت و مستقر لدينا، و إذا تطلب الأمر تغيير قيادة الجبهة الشعبية فالقيادات الوسطى و القواعد ستطالب بذلك.

هل من الوارد طرح هذه المسألة على أشغال الندوة الوطنية الثالثة للجبهة الشعبية؟

الندوة الوطنية الثالثة للجبهة الشعبية يجب أن تكون جريئة و صريحة بخصوص مجمل و مختلف القضايا السياسية و التنظيمية و الهيكلية التي أصبحت تثير حالة من التململ في صفوف القيادات الوسطى و القواعد و خاصة في الجهات.

القواعد الجبهوية في الجهات تتذمر كذلك من التراجع الكبير المسجل في حضور القيادات المركزية   و من انقطاع التواصل معها منذ اغتيال الشهيد شكري بلعيد الذي كان يحرص على التنقل الميداني في كل مناطق البلاد؟

هناك تراجع نسبي للحضور داخل الجهات منذ الإنتخابات الفارطة. هناك حالة من الوهن التنظيمي للجبهة الشعبية الذي لم يمنحها الوقت الكافي لمواصلة عملها داخل الجهات، خاصة العمل على أساس الحشد الجماهيري و تنظيم الاجتماعات العامة التي لم تستعد أنفاسها منذ الإنتخابات الفارطة.

متى تتخلى الجبهة الشعبية عن إيديولوجياتها الموغلة في الراديكالية و تغادر التموقع تحت "حجرة سقراط" حتى تلعب دورها السياسي بفاعلية أكثر؟

لا أعتقد أن الجبهة الشعبية تتموقع تحت حجرة سقراط، هذا الأمر مجانب للصواب. الجبهة ليست حركة جامدة بل  هي تتجدد و تتفاعل مع الواقع المتغير و المتحول.

المسيرة المنددة بمشروع قانون المصالحة المالية و الإقتصادية التي نظمتها الجبهة الشعبية أثبتت أن اليسار فقد زخم الشارع، وفق متابعين، ما تعليقكم؟

عندما قامت الجبهة الشعبية بتحريك الشارع لتنظيم المسيرة المنددة بمشروع ع قانون المصالحة الاقتصادية لم يكن ذلك يصب في خانة استعراض العضلات بل لكشف أن هذا المشروع ليس برلمانيا، كذلك ما حدث هو أن السلطة حاولت لجم الحريات و لذلك كان تحركنا سياسيا و ليس استعراضيا. كذلك عندما يحين الوقت سيكون لدينا موقفا مغايرا و أتوقع أن يكون موعد 17 ديسمبر القادم يوم غضب و احتجاج شامل في البلاد على خلفية أن مطامح الشعب ظلت خارج مدار اهتمام الإئتلاف الحاكم.

يعني أن الجبهة ستعمل على تحريك و حشد الشارع للإحتجاج يوم 17 ديسمبر المقبل؟
الشارع متأهب و مستعد تلقائيا و ليس في حاجة إلى أن تحركه الأحزاب سواء الجبهة الشعبية أو غيرها من أحزاب المعارضة. تحرك الشارع يوم 17 ديسمبر القادم سيكون من أجل التعبير عن مطامح و مطالب الشعب و من أجل سحب مشروع قانون المصالحة المالية المغشوشة.

الجبهة سبق و أن أعلنت أنها بصدد إعداد مقترح بديل لمشروع قانون المصالحة الاقتصادية، فهل سيكون هذا المقترح  بديلا حقيقيا للمشروع المذكور أم مجرد إجراء تعديلي له؟

مسألة مقترح الجبهة البديل أو التعديلي. تصور المصالحة الإقتصادية ككل يندرج في إطار تصورنا للتعاطي مع هذه المسألة لأن هذا المشروع كما تم تقديمه يرقى إلى مستوى تهديد الوحدة الوطنية و لذلك لا بد أن يخضع إلى توافق و حوار وطنيين. بدائل الجبهة الشعبية لمشروع قانون المصالحة الاقتصادية جاهزة و سيتم عرضها عندما يتم سحب المشروع كما قدمته رئاسة الجمهورية و الدخول 
في حوار حوله مع مختلف الأطراف، حينها ستقدم الجبهة الشعبية مقترحها التعديلي الذي هو ضمن قانون العدالة الإنتقالية.

و لكن رئاسة الجمهورية أكدت مرارا و تكرارا أن مشروع قانون المصالحة المالية سيتم تمريره و يبدو أنها مصرة على ذلك، خاصة و أن رئيس الدولة أكد مؤخرا على منبر قناة خاصة أن للمشروع عائدات نفعية هامة على اقتصادنا الوطني، ما رأيكم؟

يصر رئيس الجمهوري  على عرض المشروع على البرلمان و تصر المعارضة  و على رأسها الجبهة الشعبية على سحبه و إن هو أمعن في إصراره فلن نكون شهود زور على تمرير هذا المشروع و لن نشارك في اللجان التي ستناقشه و لا في الجلسات العامة التي ستصوت عليه. سيبقى مشروع قانون المصالحة الإقتصادية بالنسبة لنا مدار عمل و نضال من أجل إسقاطه.

رئيس الجمهورية قدم عدة معطيات غير صحيحة حتى لا أقول شيئا آخر حول هذا المشروع. ما قاله رئيس الجمهورية خلال الحصة التلفزية المذكورة يتنزل في باب الدعاية لمشروع قانون المصالحة المالية و الحليف المزعوم. المشروع كما قدمه رئيس الجمهورية لن يكون دافعا للإستثمار و للتنمية 
و لن يكون له سوى مرودا واحدا أوحد و هو العفو على الفاسدين و تجديد منظومة الفساد و الفاسدين في تونس.

كيف تشخصون ما يحدث في نداء تونس؟ و من يغذي الخلافات الداخلية للحزب الحاكم؟ و من عي الجهة المستفيدة من ذلك في تقديركم؟

من الأكيد أن البلاد لن تستفيد من الصراع الدائر في حركة نداء تونس لأن هذا الصراع سيخلق ارتباكا حكوميا و برلمانيا في البلاد. المستفيد الأول من هذا الصراع هو الحزب الثاني و هو المتسبب في ذلك باعتبار أنه يوجد شقان أساسيان داخل نداء تونس، أحدهما يريد أن يمضي بالعلاقة مع حركة النهضة إلى أقصاها و هذا المسعى تغذيه هذه الأخيرة. هذا الشق الندائي المذكور هو شق متسرع من أجل تسلق السلطة. أما الشق الندائي الثاني، فهو يتلمس طريقه من أجل التماسك كحزب حاكم.  ما يحدث في نداء تونس يحيل على مخاطر جدية و على إمكانية انزلاقات خطيرة سيكون الطرف المتضرر الوحيد فيها هو الشعب بمختلف فئاته.

حركة النهضة لعبت على وتر استمالة أطراف من نداء تونس و هي لديها قدرة على التأثير سواء على مستوى عائلي أو مالي أو على أساس الإيهام بالمصير المشترك و المصلحة المشتركة.

كيف تستشرفون مآلات التحالف بين النداء و النهضة، خاصة و أن بعض الجهات تؤكد أنه تحالف مغشوش و مصلحي لا يمكن أن يعمر طويلا؟

هذا التحالف قام على أساس أن كل طرف منهما يعمل على إضعاف الآخر و على التقليص من تأثيره بنية محاصرته. كل طرف في هذا التحالف يتحين الفرص للإنقضاص على الآخر و لا يدخر جهدا في العمل على تقسيمه.  تحالف على هذه الشاكلة لا يمكن له البتة أن ينجح أو يدوم أو أن يكون نافعا للبلاد.

هل أن الحزب الحاكم على شفا الإنهيار تبعا للخلافات الداخلية التي بمر بها منذ فترة؟

الوضع داخل نداء تونس خطير و ينبئ بإنقسام كبير، و هنا أود القول إن ما يحدث داخل النداء يهدد الديمقراطية و الإستقرار، كما أنه يربك الأوضاع في البلاد.

كيف تقيمون مستوى أداء الحكومة الحالية؟

نرى أن "نية هذه الحكومة صافية"، ما عدا ذلك هي حكومة عاجزة عن الإستجابة لمتطلبات المرحلة. الحكومة الحالية  لا تعمل وفق برنامج خاص بها أو منبثقا منها، بل وفق برنامج متوارث من الحكومات السابقة، و هو بالطبع برنامج مملى من صندوق النقد الدولي.

حكومة الصيد تسلك إلى حد الآن سلوك حكومة تصريف أعمال و ليس سلوك حكومة منبثقة عن انتخابات، لكن في المقابل، وجب الإقرار بأنها حققة نجاحات أمنية لا يمكن إنكارها. في الحكومة الحالية هناك وزارات محدودة العدد تقوم بمجهودات، لكن كنشاط حكومي عام تبقى الحكومة عاجزة إلى حد الآن عن تقديم الإجابات المنتظرة منها سواء على المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي.

هل يمكن القول إن تجربة الإئتلاف الرباعي الدفع أضرت بالأداء الحكومي؟

هذه التجربة غير طبيعية و لا تقوم على الإرادة و التصورات الموحدة و لا تتأسس على أرضية عمل دنيا تجمع كل الأطراف. الإئتلاف الحاكم مجرد عملية جمع لأحزاب من أجل تشكيل أغلبية برلمانية عريضة فحسب دون أية مرجعية برامجية و دون أي اتفاق في الرؤى و التصورات، ما عدا ذلك بين التشخيص.

هل تعمل النهضة في رأيكم على عرقلة العمل الحكومي، لا سيما و أن ما فتئت تبادر بالإحتجاج على قرارات الحكومة، من ذلك القرارات المتعلقة بعزل الأيمة و حركة المعتمدين و غيرها، وفق ما تعتبره بعض الأطراف؟

النهضة لا تقوم بأي عمل من أجل إنجاح الحكومة الحالية. حركة النهضة متواجدة في الحكومة من أجل مراقبتها من الداخل و من أجل تكريس أجنداتها في إطار تنسيقية الأحزاب المشكلة للرباعي الحاكم، و لعل رغبتها في التسريع بتنظيم الإنتخابات البلدية خير دليل على ذلك باعتبار أن امكانية انتصارها في هذا الإستحقاق هي خير سبيل لإعادة التموقع في صدارة المشهد السياسي و إعادة خلط الأوراق، مما يجعلها تتجاوز الهزيمة السياسية و النفسية التي منيت بها في الإنتخابات التشريعية و الرئاسية الفارطة.

و هل هذا السيناريو وارد؟

هذا الأمر يتوقف على مدى النجاح في تشكل مكونا سياسيا جديدا يكون قادرا على قلب كل المعادلات خلال الإنتخابات البلدية المقبلة، و لعل إمكانية التحالف بين الجبهة الشعبية و أحزاب المسار و  الجمهوري  و العمل و التحالف الديمقراطي و الديمقراطي الإجتماعي و الإشتراكي اليساري و حركة الشعب لخوض الإنتخابات البلدية القادمة بقائمات موحدة قد يقلب كل الموازين و  المعادلات رأسا على عقب خلال الإستحقاق الإنتخابي البلدي و ما بعده.

كيف تقرؤون تحول الإرهاب لإستهداف المواطنين تحت راية ما اصطلح عليه ب"حملة تصفية الجواسيس"، وهل يمكن اعتبار أن تونس دخلت مرحلة الإرهاب الأسود؟

صحيح أن الإرهاب يمر بمراحل  و أطوار و لكن هذه الآفة ما زالت إلى حد الآن في طور استهداف الأمن و الجيش. الإرهاب لا يختار و لا يقرر استهداف جهة دون أخرى بل هو فقط يحدد و يقدم أولوياته حسب قراءته لموازين القوى لا غير.  أعتقد أن وحدات الجيش و الأمن هي الأكثر استهدافا من طرف الإرهاب، لكن إذا رأى أن من مصلحته استهداف المدنيين فهو لن يتردد في ذلك.

ما تعليقكم على التحركات الأخيرة المثيرة للجدل المناهضة لعزل الأيمة؟

بالنسبة للتحركات التي حدثت في صفاقس تقف وراءها حركة النهضة و هدفها استعادة الأيمة المتشددين و التكفيريين الموالين لها و الذي وجب عزلهم. نحن ندرك جيدا أن المدعو الجوادي ليس إماما معتدلا و هو منحاز لحركة النهضة و يدور في فلك جماعة الحبيب اللوز و من معه و يأتمر بأوامرهم.

هل ما زالت الجبهة الشعبية تأمل في كشف حقيقة اغتيال زعيميها؟

حقيقة  اغتيال الشهيدين ستظهر و ستكشف في يوم من الأيام. الجبهة الشعبية سبق و أن أعلنت أن طبيعة العلاقة التي تربط بين الأحزاب الحاكمة و تواجد النهضة في الإئتلاف لا يشجعان على كشف الحقيقة في ملف الاغتيالات السياسية و التي عملت النهضة خلال حكم الترويكا على طمسها في الندوة الصحفية الشهيرة التي قام بها علي العريض.