منذ أن اختار التاجر المتجول محمد البوعزيزي أن يشعل النار في جسده احتجاجا ويآسا يوم 17 ديسمبر كانون الاول 2010 ، وليشعل ثورة في تونس و تنقل شرارتها لتقود ثورات مماثلة في بلدان عربية كثيرة وليصنع ما سمي بعد وفاته بالربيع العربي، منذ ذلك التاريخ و الى اخر يوم من شهر ديسمبر من سنة2013 ، اي بعد نحو 1110 يوما شهدت تونس 194 حالة انتحار حرقا، وهو ما يعني حسابيا 5 حالات انتحار حرقا كل شهر٠

المنتحرون من كل الفئات العمرية ومن كل محافظات البلاد بتفاوت بينها ، حسبما كشفته الحماية المدنية وتنفرد به بوابة افريقيا الإخبارية ، وهم كما قاله مختص نفساني تونسي يحاولون التماهي مع شخصية البوعزيزي ، الذي ملآ الدنيا وشغل الناس في العالم كله،وهو ما أحدث لديهم عدوى سيكولوجية سلبية٠الأرقام الرسمية كشفت أن قرابة ستين بالمائة من المنتحرين حرقا ( 117 ) تتراوح أعمارهم بين عشرين وأربعين عاما أي من الشباب في حين أن عدد المنتحرين الذين تفوق أعمارهم عن أربعين سنة بلغ 43 شخصا ولم يتجاوز عدد الذين تقل أعمارهم عن عشرين عاما 34 شخصا٠

وحسب الانتماءات الجهوية فان 60 شخصا يقطنون بولايات تونس العاصمة الأربع ( 18 في بن عروس و17 في تونس و13 في آريانة و 12في منوبة) ، في حين تحتل ولاية قبلي ، جنوب غرب تونس المرتبة الاولى دون ولايات تونس الكبرى اذ سجلت 15 حالة انتحار حرقا تليها ولاية سيدي بوزيد التي ينتمي اليها محمد البوعزيزي،13 حالة وهي نفس العدد الذي شهدته ولايات آخرى مثل مدنين وقابس ونابل، لتتالي النسب ويكون أدناها في جندوبة ، شمال غرب تونس ، منتحر واحد طيلة ثلاث سنوات ، في حين كان العدد 2 منتحرين في عديد الولايات مثل باجة والكاف في الشمال الغربي ،والمهدية في الساحل وتطاوين في الجنوب الشرقي٠

احباط ويأس 

يقول الدكتور ياسين الهرابي أخصائي الأمراض النفسية ان تكرار عمليات الانتحار في فترة وجيزة يحمل رسالة موجهة الى رجال السياسة تدل على احباط المنتحرين ويأسهم من الأوضاع التي يعيشون فيها نتيجة غلاء الأسعار وانعدام الافق٠وأضاف الدكتور أن هناك حالات انتحار بطيء يلجأ لها الكثيرون هربا من أوضاعهم مثل المخدرات والكحول وايضاً التوجه الى الجهاد والقتال في سوريا٠

حالات الياس والاضطرابات النفسية التي تزايدت بعد الثورة تكشفها أرقام رسمية تم نشرها مؤخراً وتشير الى أن أكثر من 40بالمائة من التونسيين يشكون من الاكتئاب نتيجة التجاذبات السياسية والصدامات والتشنج والعنف وخاصة الاغتيالات السياسية وتفشي الإرهاب ووصوله الى المدن والأحياء السكنية٠ومن مؤشرات هذه الظاهرة ارتفاع نسب واعداد حوادث السير وتصاعد محاولات الانتحار والطلاق وكثرة لجوء الموظفين الى الإجازات والعطل المرضية٠

وحسب الدكتورة ريم غشام رئيسة الجمعية التونسية للطب النفسي فان عدد مرتادي مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعصبية بمنوبة ارتفع بنسبة  20 بالمائة مقارنة بالفترة السابقة للثورة٠وارتفعت العيادات الطبية النفسية من  2596 حالة سنة  2009 الى  3190 حالة حاليا وقفزت الاستشارات النفسية من  139 الف حالة قبل عام الى  146 الف حالة الانوارتفعت حالات الإيواء بمستشفى منوبة من  2560 حالة إيواء سنة  2011 الى  2644 سنة  2012 سواء بطلب الأولياء أو بأمر من القضاء٠

مخدرات وكحول

الاضطرابات والحيرة ، التي كانت موجودة في العهد السابق، والتي قد تكون ساهمت في الحراك الاجتماعي الذي أدى الى إسقاط النظام السابق، تطورت بعد الثورة اذ كشفت أرقام آعلنها الدكتور عبد المجيد الزحاف رئيس الجمعية التونسية للوقاية من المخدرات مؤخراً ان عدد مستعملي الأقراص المخدرة بلغ  200 ألف في حين بلغ عدد مستهلكي مخدر القنب الهندي المعروفة في تونس باسم " الزطلة" بلغ  100 الف في حين بلغ عدد الذين يتعاطون المخدرات عبر الحقن  20 الفا٠وتزايد عدد مستهلكي المشروبات الكحولية حتى بعد قدوم حزب النهضة الاسلامي بنسبة  20 بالمائة بل ان الفترة الاخيرة شهدت افتتاح مصنع جديد للمشروبات الكحولية٠