عقدت منظمة MOAS (منظمة مساعدة اللاجيء في السواحل) نقاشا شارك فيه خمسة خبراء مهتمين بملفات اللاجئين والهجرة على مستويات مختلفة. وضمت اللجنة مالك جندلي، عازف البيانو الحائز على جائزة التلحين وهو مؤسس ورئيس تنفيذي لـ "بيانو من أجل السلام"، وفصاهة الغانيش مؤسِّسة ورئيسة جمعية "غاندي"، و سيسيليا سترادا رئيسة "الطوارئ" (وهي منظمة إنسانية إيطالية)، وسامي زابيتا مدير تحرير في صحيفة "ليبيا هيرالد" وناندو سيغونا محاضر كبير ونائب مدير معهد بحوث للتنوع في جامعة برمنغهام.

وقبل انطلاق النقاش، تم عرض شريط فيديو، أوضح أن ما يقرب من 4000 شخص توفوا في عام 2015 وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط. تحدثت فصاهة ألغانيش مؤسِّسة ورئيسة جميعة "غاندي" عن الاتجار بالأعضاء، وقالت إن مهربي البشر يبيعون اللاجئين ضد إرادتهم إلى تنظيم داعش مضيفة أنه "آخر مرة كنت فيها هناك، سمعت أن أمّا قتلت مع طفليها، وأنه تمت إزالة أعضائهم".

كما تحدثت عن طفلة ليبية، كانت على متن قارب مفقود، وبعد عام، تمكن أحد الأشخاص من إجراء اتصالات مع عائلتها وقال لهم إنها أمَة لدى تنظيم داعش.

وأوضحت السيدة فصاهة إن الرجال الذين تم تهريبهم إلى داعش يقاتلون إلى جانبهم، في حين تُستغل النساء لإنجاب الأطفال.

وتوقفت عند طريق هجرة جديد. "الوضع في ليبيا أصبح حاسما والناس لا يمكنهم أن ينتظروا، لذلك يعودون إلى السودان، ثم يتوجهون إلى قناة السويس وبعدها إلى الإسكندرية. وفي الإسكندرية، يتطور تهريب اللاجئين بسرعة، ولكن الذهاب إلى أوروبا من الإسكندرية يستغرق 15 يوما. يضع المهربون اللاجئين في مجموعات صغيرة على متن قوارب صغيرة، ينقلونهم إلى جزيرة، حيث ينتظرون هناك. ويتم تكرار هذه العملية عبر ثلاث أو أربع جزر. وفي المحطة النهائية يجمعون جميع اللاجئين ويضعونهم في قارب كبير".

من جهتها ، قالت سيسيليا سترادا إن الهجرة لن تتوقف في الأمد المنظور. "في سياق الحرب وعدم المساواة العالمية، والناس لن يتوقفوا عن التطلع إلى مستقبل أفضل . لذلك المئات ماتوا في الـ 48 ساعة الماضية". وطلبت من الجميع تصور رد فعل المرء على تحطم ثلاثة طائرات بوينغ 747 في غضون 48 ساعة.

وقالت "لو حصل ذلك، سيقف الناس وينظرون في سبب تحطم الطائرات"، لتخلص إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على المهاجرين الذين يقضون غرقا في البحر الأبيض المتوسط. واقترحت السيدة سترادا طريقة جديدة للنظر في الوضع، وحثت على ضرورة لسرد القصص عن الناس أنفسهم، من أجل إضفاء الطابع الشخصي على الوضع برمته.

وتساعد منظمتها في إدارة مخيم في العراق يأوي 20،000 لاجئ. "ما يدفعني للجنون هو، أنه إذا تمكنوا من الوصول إلى أوروبا، فإنهم يجدون ظروفا أسوأ من ظروف مخيماتهم في كردستان العراق. وعندما يصل العديد منهم إلى أوروبا يعتقدون بأن الكابوس انتهى، بينما في الواقع يبدأ آخر. التقيت جدة سافرت إلى أوروبا مع سبعة أحفاد. استغرق الأمر عامين لوصولهم إلى هناك. أسرهم في الوطن تريد حياة أفضل لأطفالها. لحسن الحظ أنهم جميعا وصلوا بأمان، وكانوا محظوظين".

من جهته ، تحدث مالك جندلي - الذي تناضل منظمته من أجل السلام من خلال الموسيقى - حول نزع الإنسانية عن الأزمة برمتها قائلا "هم أطفال ونساء، وليسوا مهاجرين".. وقال إن أي شخص في موقف هؤلاء سيرغب في مغادرة بلاده، ويخاطر بالموت. وتابع أنه "لوكنا في موقفهم، كنا سنكون أيضا على القوارب. الجميع يتحدث عن المأساة الإنسانية، ولكن من الضروري معالجة جذورهذه المشكلة، وليس فقط المشاكل السطحية." وذكر جندلي أن هناك الآلاف والآلاف من الأطفال الذين يولدون في مخيمات اللاجئين من دون أي وثائق، بلا بطاقات الهوية، وحتى بلا أسماء. هذا في حد ذاته يخلق نوعا آخر من الإبادة الجماعية. تخيل لو أنك لم تكن موجودا. الغالبية العظمى من الشعب السوري ليسوا مواطنين بسبب الديكتاتورية. لذلك لم يكن لديهم أي حقوق. ما أحاول القيام به من خلال موسيقاي هو توحيد الشعب، لتذكير أنفسنا بإنسانيتنا. أعتقد فقدان طفل واحد إضافي هو خسارة كبيرة. من خلال الموسيقى، ونحن يمكن أن نخلق سيمفونية الوحدة، سيمفونية من أجل السلام، حتى نتمكن من توحيد جهودنا لمساعدة الأطفال".

وأشار جندلي إلى الوضع مرة أخرى في سوريا، حيث يمكن للمرء أن ينظر إلى السماء ويرى طائرة روسية تحمل علما سوريا، وتسقط القنابل على المعابد والمساجد والمنازل. وقال في إشارة إلى الأسد "نحن نعرف من هو سبب هذه المشاكل، ومن يقصف شعبه، ويقتل الأطفال".

وروى قصة طفل كان يخضع لعملية جراحية. وأضاف "كان يحتضر، وآخر ما قاله للطبيب سأقول لله كل شيء... ووافته المنية. ستظل تلك القصة في قلبي إلى الأبد". أما سمير زابيتا فذكر أن الهجرة ليست ذات أهمية على جدول الأعمال الليبي، مسلطا الضوء على عدم وجود سلطة لحكومة الوحدة الوطنية على البلاد. "التضخم الأمن، وارتفاع الأسعار، الخطف، هذا ما يستأثر باهتمام الشارع الليبي، وليس الهجرة".

الناس يبحثون عن مصالحهم. في الحقيقة، وهي حقيقة محزنة، الهجرة لا تؤثر على المعيش اليومي لليبيين. هذا نشاط السوق السوداء، وعلى سبيل المثال، فإن معظم المهاجرين يتم وضعهم على متن قوارب بعد منتصف الليل، بعيدا عن أعين الأمن والمدنيين، لذلك ليس هناك نقطة تقاطع بين حياتهم اليومية ونشاط الهجرة غير الشرعية".

"لقد كان لدينا مهاجرون غير شرعيين وليبيا مستورد كبير للعمالة الأجنبية. الليبي عادة ليس مهتما بوظائف ذوي الياقات الزرقاء، والتي تكون من نصيب المهاجرين الأفارقة. الاتجار بالبشر لا يؤثر عليهم، إلا إذا كان هناك لغط ما.

"لنكن واقعيين، وأعرف أن معظم المشاركين عملوا في المجال الإنساني، ولكن العلاقات الدولية في هذه المرحلة تحكمها المصالح، وعلى أوروبا أن تجد وسيلة لربط مصالح ليبيا مع مصالح أوروبا دون التعارض مع المبادىء الإنسانية او التضحية بحقوق الإنسان".

وقال إن حكومة الوفاق الوطني لا تملك الكثير في متناول اليد، وهي لا تسيطر على شرق ليبيا من حيث يغادر معظم المهاجرين. كل سياسة الاتحاد الأوروبي، يقول: "تعتمد على التعاون مع ما هو، في هذه اللحظة، حكومة ليبية غير موجودة وليست قوية أو فعالة". "إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من مساعدة ليبيا على حل المشاكل الجذرية، فلن يمكنه مساعدتها على حل مشكلة الهجرة".