الاستاذ الباحث في الثقافة الامازيغية ادريس وادو لموقع بوابة افريقيا الاخبارية " نحن نحاول ان نؤسس لجيل جديد يتعامل مع اللغة الامازيغية كلغة قادرة على الكتابة وتجاوز المرحلة الشفهية للثقافة الامازيغية

نرمين البقالي - الرباط

في اطار فعاليات مهرجان "ايدود انشادن" الثقافي في دورته الثالثة بتمحضيت تحت شعار "الشعر الامازيغي، هوية وتواصل" ، نظمت جمعية افوسيوفوس  نشاطا ثقافيا تحت عنوان " يد في يد"، من اجل بناء ثقافة الاختلاف وهذا النشاط يتضمن ورشة حول حرف تيفيناغ من تاطير الاستاذ "ادريس وادو" استاذ باحث في الثقافة الامازيغية، بالإضافة الى مسابقة ثقافية لأوائل ثانوية عمر عبد العزيز الاعدادية وكذى ورشة للأطفال الصغار.

 وحسب تصريح مراد قمحي عضو بجمعية "افوسيوفوس" للتنمية والثقافة بتمحضيت،  يتضح ان الاطفال الصغار متأثرين بثقافتهم المحلية من خلال بعض الرسومات التي تتضمن حروف تيفيناغ بالإضافة الى رسومات وأشكال مستوحاة من المناظر الطبيعية التي تحظى بها المنطقة وكل ما يتعلق بالتراث الامازيغي.

وقال ادريس وادو، في تصريح خاص لموقع  بوابة افريقيا الاخبارية ، ان ورشة تيفيناغ تضيف الكثير، لان الوقوف على هذه الورشة وتدريب الاطفال على الانتقال من الشفهي الى الكتابي امر مهم، خصوصا وان الاطفال ينحدرون من منطقة ناطقة باللغة الامازيغية. وبالتالي تعتبر مرحلة انتظرها المغرب 35  قرن وألان مع توفر الظروف  وشروط هذا الانتقال هناك محاولة لتسهيل هذه العملية عبر مجموعة من العمليات ومنها المرور عبر الاناشيد والكتابة البسيطة للغة لاكتشاف قواعد الخط والإملائية من جهة واكتشاف كيفية الكتابة والتعريف بحرف تيفيناغ من جهة اخرى، كونه حرف يتكون من لفظين، وهما "اكتشافنا ".

 واضاف الاستاذ ادريس وادو " نحن نحاول ان نؤسس لجيل جديد يتعامل مع اللغة الامازيغية كلغة قادرة على الكتابة وتجاوز المرحلة الشفهية للثقافة الامازيغية، التي تعتبر  ثقافة وطنية بامتياز، وهي ذات جذور في جميع مناطق المغرب والدليل على ذلك اسماء المناطق التي تعبر كلها باللغة الامازيغية، من هنا فهذه تعتبر قيمة اضافية للساكنة، لتحفيزهم وتعريفهم بهذا الموروث الثقافي والمهرجان يأتي في هذا السياق لأنه يعود للأصول الشفهية ، فحن نقول اليوم اذا توفي شاعر ضاعت مكتبة، وبالتالي هذا الحفاظ يسهل التمرير بتدوين، والتدوين لا يكون الى عبر حرف تيفيناغ، لهذا كان هذا  التناغم بين تقديم ورشة تيفيناغ والتقديم الشفهي، للبحث مستقبلا على اليات وتقنيات للتدوين هذا الشعر للحفاظ على الموروث اللامادي المغربي الكبير".

وخلال هذه الورشة التعريفية بحرف تيفيناغ، تم الوقوف على مسالة اعادة التفكير في صياغة حرف تيفيناغ والصعوبة التي يطرحها على المستوى الوطني والدولي نظرا لعدم تمكن غير دارسي هذا الحرف من قراءته ونطقه، وبالتالي وقف الاستاذ الباحث في اللغة الامازيغية  "ادريس وادو" على اهمية اعادة التفكير في تلبيس حرف تيفيناغ بالحروف اللاتينية.

واشار ادريس وادو لموقع  بوابة افريقيا الاخبارية " بالنسبة لكتابة حرف تيفيناغ هو مر من مجموعة من المراحل ابان تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، بين اختيار حرف تيفيناغ و اختيار الحرف العربي والحرف اللاتيني، منطقيا اذا عدنا الى الجدور التاريخية، لا يمكن تغيير حرف تيفيناغ لانه جزء من الهوية وجزء من الثقافة وجزء من الحضارة، وحيث ان اللغة التي وجدت في الاركيولوجية اوضحت منذ القدم  مع هذا الحرف، خصوصا في شواهد القبور والمغارات في كثير من المناطق انه متأصل ومتجدر في الثقافة الامازيغية ، لكنه يطرح اشكالا كبير على مستوى التداول العالمي، بحكم ان العالم اليوم هو قرية صغيرة، ويجب التعامل مع اللغة بالحرف عالميا، الذي هو الحرف ألاتيني، يعني يجب تجاوز هذا المنظور المنحصر مكانا وزمانا في التاريخ والتحرر اللاتيني لأنه يفتح المجال اوسع للدراسات والبحوث في مجال اللغة الامازيغية وقد وقعت الكثير من الحقائق على مستوى البحث بحيث الكتب التي طبعت في المعهد الملكي للثقافة الامازيغية عندما تعرض في مكتبات كبرى وفي معارض دولية لا يمكن حتى تصنيفها بحرف تيفيناغ، لأنه غير معروف، إلا ان هذه عوائق كثيرة تنضاف الى عوائق بالنسبة للممارسة. اما بالنسبة للخط العربي اعتقد ان الحرف العربي يصعب عليه ان يحمل هذه اللغة بحكم ان وخصوصيتها تتضارب بين حروف مخففة ومفخمة، بين تكرار الحرف بين النطق حسب الجهات بدون خلفيات يصعب نوعا ما، بينما الحرف اللاتيني يمكن ان يحمل هذا الهم ويمكن ان يفتح لنا مجالا رحب في التعامل مع الثقافة الامازيغية على المستوى العالمي.

وتتميز  الدورة الثالثة من المهرجان الوطني للشعر الامازيغي، كونها  تتناول موضوع، لم يعطى له القدر الكافي في الكتابة او التنوع على مستوى الشعر، وهو موضوع شعر المقاومة بالكلمة الى جانب مقاومة انسان الاطلس المتوسط بالسلاح الذي تميز على موضوع الذي تم اقتراحه في الدورة الاولى كان اختياريا وموضوع الدورة الثانية جاء على تيمة المرأة . وبالتالي فالمهرجان يعتبر قيمة مضافة للمنطقة، باعتباره المهرجان الوحيد الذي يهتم بهذا النوع من الادب المتمثل في الشعر، كشعر "تماويت" او "المايا" و الشعر الفردي، وشعر احيدوس الذي يمتزج فيه الرقص مع الغناء.

وقال مدير المهرجان في هذا الصدد  محمد الزكري" كل هذه الاصناف يتم اظهارها في هذا المهرجان، لان الشعر الامازيغي هو شعر شفهي  والهاجس الاكبر للمهرجان او الفكرة التي تأسس عليها المهرجان، هو كيف ننقل هذا التراث من الشفهي الى المكتوب ".

وتميزت الدورة الثالثة من مهرجان "ايدود انشادن"، بحضور العديد من شعراء الشعر الامازيغي، من بينهم باسو بوجبور، محمد ابزيز، موعسى الحسين، تاعليلت حدو ، وفرقة حمو خلا، حدو افقير، عائشة مايا وغيرهم . بالاضافة الى ذلك عرف المهرجان مجموعة من الانشطة ذات الموازية لمسابقة الشعر، كعروض في فن الفروسية (التبوريدة)، معرض حول مؤهلات تيمحضيت والفن الامازيغي بالاكلس المتوسط، رسم الجداريات طيلة ايام المهرجان، مباراة رسمية وطنية في رساضة الكرة الحديدية و سباق الكتاكيت ومسابقة وطنية في الصيد الرياضي بواد كيكو.

 وتحظى مدينة تمحضيت  بالعديد من الشعراء التي عرفتهم المنطقة خلال المرحلة الاستعمارية، وخلال المرحلة المعاصرة. كما ساهم العديد من الاساتذة الباحثين في انتاجات فكرية تؤرخ لهذه المرحلة، وعلى رأسهم  الباحث والشاعر "الحسين اوعرفة" والذي يعتبر الوحيد الذي استطاع مع مجموعة من الاخوان ان يصدر كتاب تحت عنوان " اغلياس"، نشره في المعهد الملكي للثقافة الامازيغية.

وخلال هذه التظاهرة الثقافية ،  تم تسليط الضوء على مجموعة من القضايا المهمة التنظيم ندوة فكرية تحت عنوان" ادب المقاومة بالاطلس المتوسط ابان الفترة الاستعمارية: جدلية نضال السلاح والنضال الكلمة"، تاريخية التي تعاقبت على المغرب انطلاقا من المقاومة المسلحة للقبائل الى الانتاجات الفكرية والشعرية لاداب تلك الفترة وكتب شعر يجسد لتلك المرحلة ويعيد لها المجد باعتبار ان الكلمة قد تصبح سلاح مقاوم للعدو.و ساهم في تسيرها هذه الندوة  الاستاذ الباحث في التاريخ الطيب بياض، بمشاركة العديد من الكتاب من ابرزهم الكاتب عبد المالك الحمزاوي الذي ومن خلال الندوة حصل على شرف التوقيع على اصداره الجديد "كنوز الاطلس المتوسط " الذي صدر في اواخر سنة 2014،  جمع مجموعة من مشاهير الفنانين الاطلس المتوسط وبعض حاملي المشعل من بعدهم، وعلى راسهم عميد الاغنية الامازيغية الفنان الراحل " وعصيم حمواواليازيد" قد جاء ليسد الفراغ نظرا لانعدام اي مرجع يوثق سيرهم الذاتية ومساراتهم الفنية وهو  نفس الوقت تكريم لأرواح اهل الفن الذين رحلو عن الساحة الفنية وتعريف بالأحياء الذين لا زالو يبدعون وينتجون انتاجات فنية تساهم هي كذلك في احياء الاغنية الامازيغة الشعبية .