وسط بناية كانت في الأصل حديقة حيوانات جنوب العاصمة نواكشوط ,تقيم أكثر من 40 امراة من افريقيا الوسطي مع ازواجهن الموريتانيين في مخيم شيدته السلطات الموريتانية لأيواء المئات من مواطنيها بعد ان شردتهم الحرب الطائفية في افريقيا الوسطي منذ أشهر.
"بوابة افريقيا الاخبارية" زارت مخيم الايواء هذا ورصدت شهادات من مواطنات من "بانغي"عن جذور الصراع العقائدي في هذا البلد الافريقي و كذلك معانات المسلمين في بلد ظل حتي عهد قريب مثالا علي التعايش الحضاري بين المسلمين والمسيحيين.
جذور الصراع
اتفقت جميع الشهادات هنا في هذا المخيم ان جذور الصراع بين المسلمين والمسيحيين ,لم تكن وليدة الصدفة, بل بفعل النفوذ المتزايد للرئيس تشادي"ا دريس ديبي" الذي دعم زعيم "سيليكا " "ميشيل دجوتوديا"، وهو مسلم من افريقيا الوسطي تربطه علاقة مصاهرة بنجامينا حيث وضعت تشاد تحت تصرفه أكثر من خمسة الاف مقاتل قادت التمرد الذي اطاح ب"فرانسوا بوزيزي" مارس 2013 وسط اعمال عنف ونهب غير مسبوقة استهدفت المسيحيين في افريقيا الوسطي ,وهو ما أثار حفيظة المسيحيين والفرنسيين الذين يعتبرون وصول المسلمين للسلطة بهذه الطريقة سيؤدي لامحالة الي القضاء علي المسيحيين خاصة وان قادة "السيليكا" لم يتورعوا يوما عن قتل المسيحيين وهو ماولد حقدا دفينا علي المسلمين ترجم لاحقا الي عمليات انتقام .
فرنسا تدخل علي الخط
تزامنا مع وصول "ميشيال دجوتوديا " رئاسة إفريقيا الوسطى كأول مسلم يحكم البلد عن طريق انقلاب عسكري مدعوم من تشاد ’وجدت فرنسا ان الوقت مناسب لبسط سيطرتها علي هذا البلد بطريقة يمكن من خلالها صد النفوذ اتشادي المتزايد في افريقيا الوسطي وارجاع الهيبة لنظام باريس ,حيث ارسلت فرنسا اكثر من 2000 جندي الي العاصمة وهي القوات التي تمكنت في مابعد من طرد "السيليكا"من العاصمة بانغي والتمركز قرب القصر الرئاسي والمطار.
باريس تسلح المسيحيين
مع اتساع رقعة المواجهات بين الجيش الفرنسي وميلشيات السيليكا اخذت فرنسا علي عاتقها تسليح الشباب المسيحي من اجل التصدي للسيليكا وهو مانجم عنه ظهور حركة مسيحية متطرفة اطلق عليها "أنتي بلاكا" وهي التي اخذت علي عاتقها شن حملات الإبادة ضد المسلمين بإفريقيا الوسطى بمباركة فرنسية ,وخلال اسبوعين استطاعت فرنسا مصادرة جميع أسلحة المسلمين ,بالمقابل قامت بتسليح الميلشيات المسيحية واعطتهم الضوء الاخضر لقتل مسلمي افريقيا الوسطي وتشاديين علي وجه الخصوص .
ابادة للمسلمين بغطاء ديني
بأمر من رهبان الكنيسة ونفوذ المسارات النصرانية، استغل حقد المسيحيين علي حركة"السيليكا" من قبل بعض القسواسة الذين افتوا بهدر دماء المسلمين ,لتقوم عصابات "آنتي بلاكا" بشن حملة ابادة جماعية ضد المسلمين اسفرت عن مقتل اكثر من خمسة الاف مسلم بطريقة وحشية ’ وكل تلك عمليات القتل كانت تحدث أمام القوات الفرنسية دون أن تحرك ساكنا .
مشاهد لاتنسي تقشعر منها الأبدان
تتحدث الشهادات التي حصلت عليها "بوابة افريقيا" في المخيم المخصص لايواء الموريتانيين العائدين من افريقيا الوسطي مع عائلاتهم عن مشاهد قتل للمسلمين في بانغي يندي لها الجبين .
وتقول "أسماء منت عبد السلام"وهي موريتانية وقعت أسيرة لدي ميلشيات آنتي بلاكا لمدة عشر دقائق قبل أن تحررها قوات تشادية انها شاهدت عن قرب عملية قتل المسلمين وأكل لحومهم وتصف بنت عبد السلام بمرارة كيف تقطع تلك الميليشيات رؤوس الرجال ويشقون بطون النساء دون رحمة .
وعن الطريقة التي نجت بها منت عبد السلام من موت محقق بعد وقوعها في الاسر تضيف"سماء",في الوقت الذي كنت اتوجه فيه الي مطار بانغي رفقة احد الموريتانيين ,وقعنا فجأة في فخ للميلشيات المسيحية حيث قاموا بسلبنا كل مانملك قبل ان يقرروا ذبحي بعد ان قطعوا أذني اليمني ,وبينما انا اقاوم ضرباتهم ,فاذا بي دورية تابعة للجيش تشادي تمر علي نفس الشارع,حيث لفت انتباههم بشرتي الفاتحة وصراخي ,ليقوموا مباشرة بالتوجه نحوي قبل ان يفر اعضاء الميليشيات ويتركوني غارقة في دمائي.
وتؤكد منت عبد السلام انها ولدت من جديد في تلك اللحظة وانها لن تنسي مهما طال الزمن فرحتها في ذلك اليوم وفرحة عناصر الجيش اتشادي بانقاذها من موت محقق كما انها ستتذكر بكل مرارة كيف قتل اثنين من الموريتانيين علي يد الميلشيات المسيحية بطريقة بشعة.