في الثالث عشر من مارس 2020 كانت نواكشوط على موعد مع أول حالة من فيروس كورونا  المستجد لمواطن استرالي يعمل في شركة كينروس تازيازت الكندية، شكل تسجيل هذه الاصابة أول تحدي للسلطات الصحية في موريتانيا، التي طالما اعترفت بضعف نظامها الصحي، خاصة وأن لديها تجارب سابقة مع حمى الضنك والحمى القلاعية.

في الـ 18 مارس، أعلن وزير الصحة الموريتاني الدكتور نذير حامد، بعد ظهر الأربعاء، عن اكتشاف حالة إيجابية ثانية من الفيروس التاجي لموظفة أجنبية من أصول آسيوية تعمل في منزل لعائلة مقيمة، وهو ما استدعى  استحداث لجنة طوارئ خاصة  للتصدي لهذا البواء.

قرارات استعجالية للتصدي للوباء

 في التاسع عشر من مارس أقرت اللجنة الحكومية الخاصة ببحث تداعيات انتشار فيروس كورونا، جملة من القرارات ذات طابع استعجالي، شملت اغلاق  المدارس والمطارات وفرض حظر التجول ابتداء من الساعة 8 مساء وحتى 6 صباحا، وحظر كافة أنواع التجمهر والتجمعات العامة وإغلاق كافة المطاعم والمقاهي إلى إشعار جديد.

بعد يومين على إقرار أول الإجراءات الاحترازية، تفاجأت وزارة الصحة الموريتانية بظهور ثلاث حالات جديدة في أقل من أسبوع بعضها قادم من فرنسا والسنغال، وهو ما استدعى السلطات لإقرار المزيد من الإجراءات الاحترازية تمثلت في غلق الحدود  نهائيا مع السنغال والمغرب ومالي والجزائر،  بعد ارتفاع حالات الإصابة بالوباء في هذه الدول.

 

مساعدات اقتصادية للمواطنين لمواجهة الوباء

 

بالموازاة مع تشديد السلطات الموريتانية من إجراءاتها الاحترازية ضد الوباء، أعلن الرئيس الموريتاني عن إطلاق حزمة مساعدات للتخفيف من وطأة حظر التجول على المواطنين، خاصة وأن شرائح واسعة من المجتمع تأثرت من التداعيات الاقتصادية السلبية لهذا الوباء.

ومن الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس تخصيص 25 مليار أوقية حوالي (90 مليون دولار) للحد من  انتشار البواء.

وتحمل الدولة لكافة الضرائب والرسوم الجمركية على القمح والزيوت والحليب المجفف والخضروات والفواكه، طيلة ما تبقى من السنة واعفاء العائلات الفقيرة من فاتورة الماء الكهرباء لشهرين، إضافة لتخصيص اعانات مالية وتوزيع مواد غذائية على سكان الأحياء الهشة.


الجيش يتدخل على الخط

شكلت الحدود الممتدة لألفي كلومتر مع السنغال ومالي، أكبر تحدي للسلطات الموريتانية التي أحبطت أكثر من عملية لتسلل مواطنين من غرب افريقيا لحدودها الجنوبية والشرقية خاصة مع الجارة المالي التي تعيش على وقع فوضى غير مسبوقة  بسبب سيطرة الجماعات المسلحة على شمالها ،وهو ما استدعى اسناد مهمة تأمين الحدود لقوات الجيش والحرس الوطنيين. 

 

وحث قائد أركان الجيوش في موريتانيا الفريق محمد الشيخ ولد محمد الأمين في زيارة للنقاط الحدودية السلطات الإدارية والعسكرية على ضرورة تعاون السكان ومختلف الفاعلين مع الجيش الوطني والسلطات الأمنية لحماية أنفسهم وتأمين وطنهم من جائحة كورونا.

وشدد قائد أركان الجيوش على ضرورة التحلي بالصبر وتحمل المسؤولية في التعاطي مع إكراهات الحرب التي نخوضها - مسؤولين ومواطنين - لمواجهة هذا الفيروس حتى نتمكن من دحره ونجب شعبنا ووطننا الوقوع ضمن دائرة هذا الخطر العالمي.

خسائر محدودة مقارنة بدول الجوار

 

تجسد موريتانيا حالة استثنائية عن جيرانها (الجزائر،المغرب،السنغال،مالي)من حيث الإصابات بوباء كورونا ،فبعد أكثر من أسبوع على تسجيل 5 حالات  فقط من وباء كورونا وحالة وفاة 1 بسبب الوباء ، تبدو السلطات الموريتانية أكثر تفاؤلا من ذي قبل، حيث  سمحت لبعض  التجار بفتح محلاتهم التجارية، تزامنا مع وضع أكثر من ألف شخص قدموا من دول موبوءة في الحجز الصحي الاحترازي، كما أعلنت وزارة الصحة عن فتح مستشفى جديد في اطار جهودها الرامية للحد من انتشار هذا الوباء، ورغم هذه الجهود تؤكد السلطات الموريتانية يوميا عبر اعلامها المحلي أن هذا الوباء هزم أنظمة صحية متطورة ،وأن السيطرة عليه تكمن في الوقاية أولا ، وهو ما لن يتأتى الا باحترام المواطنين لإجراءات السلامة والبقاء في منازلهم