قال النائب عن حركة نداء تونس الحاكمة و رئيس لجنة شؤون الإدارة و القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان جلال غديرة إن الأزمة الليبية كانت لها تداعيات ثقيلة على الوضعين الأمني و الإقتصادي في بلاده، مبينا أن تونس تحملت ثقلا ماليا مضاعفا جراء بناء الساتر الترابي على حدودها مع ليبيا بهدف منع تسلل العناصر الإرهابية إلى ترابها الوطني. و أضاف أن بناء الجدار العازل على الحدود التونسية مع القطر الليبي كلف البلاد كلفة مالية عالية، موضحا أن لهذا الإجراء الوقائي تأثير كبير على الإقتصاد التونسي رغم نجاعته الأمنية العالية المتمثلة في مكافحة الأنشطة الإرهابية و التصدي لظاهرة التهريب في تلك المنطقة.

و أشار النائب التونسي، في حديث ل"بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الإثنين 14 ديسمبر 2015، إلى أن قيمة الخسائر الإقتصادية في بلاده جراء الأزمة الليبية قدرت ب 6 آلاف مليون دينار، دون نسيان الأعباء الأمنية التي تحملتها تونس و لا تزال لمواجهة المخاطر الإرهابية القادمة من ليبيا. و أكد جلال غديرة أن تمركز تنظيم "داعش" الإرهابي في الجارة الليبية يمثل خطرا قائما على بلاده، و من أول التهديدات الأمنية التي يجب أخذها بعين الإعتبار.

و بخصوص تنامي ظاهرة التهريب على الحدود التونسية الليبية، خاصة و أن هذه الآفة تهدد الإقتصاد و الأمن التونسيين، قال غديرة إنه تم في السابق، و تحديدا منذ  سنة 1987 و إلى غاية 2011، أي خلال عهد بن علي، التشجيع على هذه الظاهرة، مضيفا أن ظهور ما يسمى ب"الإقتصاد الموازي" في تونس شهد انفلاتا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، و حتى تاريخ انتخابات 2014.

و تابع بأن قانون المالية التونسي لسنة 2016 سيمكن من الحد من ظاهرة التهريب، من خلال إرساء ضوابط قانونية جديدة على معاليم الجمارك و الأداء على الإستهلاك، إضافة إلى إقرار ضوابط الفواتير المرقمة في كل القطاعات تدريجيا، مع إلزامية التصريح بمختلف المعاملات التجارية، و كذلك منع التداول المالي بالعملة في حال فاقت مبلغ ال 5 ملايين دينار نقدا. و استطرد أن قانون المالية التونسي لسنة 2016 سيمكن من منع تداول الأموال المشبوهة بجميع أنواعها، مع واجب التحري فيها من طرف مختلف المؤسسات المالية، و غيرها من الإجراءات الأخرى التي ستساهم في التصدي للتهريب و الإقتصاد الموازي.

أما عن المشهد السياسي في تونس، فأوضح غديرة أنه سليم للغاية و مفيد للبلاد، كما أنه مشهد أفرزته صناديق الإنتخاب. و اعتبر أن الأطراف السياسية الواعية في بلاده تسعى إلى المحافظة على هذا المشهد من خلال المحافظة على مختلف التوازنات التي تشكله، معقبا بأن نداء تونس و النهضة الإسلامية و بقية الأحزاب المكونة للمشهد السياسي التونسي يسعون إلى الحفاظ على مختلف التوازنات الموجودة كما هي. و أعقب في الإطار ذاته أن حزبه يدعم حكومة الحبيب الصيد و أنه منحها ثقته الكاملة، كما أن الحكومة الحالية بصدد تحقيق النتائج المرجوة منها.

و في إجابة عن سؤال "بوابة إفريقيا الإخبارية" حول الطرف الذي يحكم تونس فعليا، لا سيما و أن عدة جهات ما فتئت تردد أن رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي هو الحاكم الفعلي للبلاد، أفاد جلال غديرة بأن كل طرف سياسي يحكم تونس حسب موقعه، معتبرا في الأثناء أن نداء تونس هو من يحكم البلاد لأنه هو من قام بتعيين الصيد رئيسا للحكومة و هو من أوصل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى قرطاج و محمد الناصر  إلى رئاسة البرلمان. و لاحظ أن للغنوشي تأثير في المشهد السياسي في تونس، و ذلك حسب تمثيلية النهضة الإسلامية في البرلمان (69 نائبا).

و أكد أن حزبه لم يجد أي سوء تفاهم يذكر مع النهضة، و أن هذه الأخيرة لا تعرقل العمل الحكومي بما يمس يالمصلحة العليا للوطن،  أو تضع العصا في العجلة في مجال مكافحة الإرهاب ، مثلما تعتبر بعض الأطراف، مضيفا أنه حتى في ظل حدوث اختلافات معها في بعض الجوانب، فإن هذه الاختلافات إيجابية على حد قوله.

و  في سياق منفصل اعتبر رئيس لجنة شؤون الإدارة و القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان التونسي أن ظاهرة الإرهاب في بلاده تحت السيطرة، مؤكدا أن الدولة التونسية قوية من الناحية الأمنية مقارنة بغيرها. و شدد على أن سيطرة الدولة التونسية على الوضع الأمني لا يمنع من مزيد مضاعفة الجهود في الحرب على الإرهاب، و ذلك من خلال العمل على تدعيم و تطوير المخططات الأمنية و العسكرية لمجابهة هذه الآفة، خاصة إزء التهديدات الإرهابية القادمة من الجبهة الليبية، و إزاء عدم قدرة المجتمع الدولي على القضاء على بؤر الإرهاب في الشام و ليبيا.

و شدد جلال غديرة على ضرورة تشديد الرقابة الدولية و رقابة الدولة التونسية على العصابات الإرهابية الناشطة على الشبكة العنكبوتية التي تقوم  بالإستقطاب و التنسيق لعملياتها عبر الفضاء الإفتراضي، مضيفا أنه لا بد من إعتراض مخططات هذه الجماعات و إستباقها قبل أن تدخل حيز التنفيذ.

و بخصوص أزمة نداء تونس، خير محدثنا عدم التعليق.