أطلق ناشطون شباب في السودان مؤخراً، مبادرة لإيقاف الحرب المندلعة في إقليم دارفور المضطرب (غرب)، وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان (جنوب)، وحث طرفي النزاع (الحكومة والمتمردين) على وقف القتال فوراً.
وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال عضو المبادرة، ناظم سراج، اليوم الإثنين، إن "المبادرة أطلقها عدد من الناشطين الشباب من مختلف الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني بعنوان (لا للحرب)".ونوه إلى أن "المبادرة تهدف لائتلاف كافة القطاعات الشعبية من أجل العمل لإيقاف الحرب المندلعة في عدد من الأقاليم السودانية، وإيجاد حلول لمشاكل النازحين المتأثرين بها، وتسجيل زيارات ميدانية لمناطق سكنهم في مخيمات النزوح، والأحياء العشوائية بأطراف العاصمة السودانية الخرطوم لتقديم المساعدات الإنسانية الممكنة لهم".
وتشهد ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، جنوبي السودان، حرباً بين الجيش السوداني والحركة الشعبية قطاع الشمال منذ 2011، اندلعت بعد زهاء شهرين من انفصال جنوب السودان.كما تقاتل ثلاث حركات، الحكومة السودانية بدارفور منذ 2003، وهي حركات "العدل والمساواة"، بزعامة جبريل إبراهيم، و"جيش تحرير السودان"، بزعامة مني مناوي، و"تحرير السودان"، التي يقودها عبد الواحد نور.
ووفق إحصائيات رسمية، فإن قاطني المناطق العشوائية حول الخرطوم يشكلون ثلثي سكانها الذين يبلغ عددهم 8 ملايين نسمة، يتوزعون على أكثر من تجمع سكني في بيئة تفتقر المقومات الأساسية للحياة مثل: المياه النقية، وخدمات الصحة، والتعليم.وأوضح "سراج" أنهم "يعولون على الشعب السوداني والمنظمات الإنسانية، لتمويل أنشطة المبادرة بالإضافة إلى تبرعات الأعضاء".وأشار إلى أنهم دشنوا المبادرة الأربعاء الماضي، (وأعلنوا عنها اليوم) بزيارة لإحدى مناطق سكن النازحين بمنطقة (جبرونا) غربي الخرطوم الذين يعانون أوضاعا إنسانية سيئة للغاية، ويفتقدون أبسط الخدمات الاساسية".
ومضى قائلاً: "قمنا بتوزيع عدد من المساعدات الإنسانية للمتضررين بالإضافة إلى توزيع هدايا، وألعاب للأطفال، ونعتزم تدشين حملة كبيرة لجمع الملابس لتوزيعها على المتأثرين بالحرب، ولن تتوقف زياراتنا لمناطق سكنهم".وأعرب عن أمله في تجاوب كافة قطاعات المجتمع مع مبادرتهم.ووفقًا لتقرير صدر عن الأمم المتحدة عام 2008 (لم يصدر تقرير أحدث منه)، فإن نزاع دارفور تسبب في نزوح حوالي 2.5 مليون شخص، ومقتل نحو 300 ألف آخرين، بينما تشير الحكومة السودانية إلى أن عدد القتلى لا يتخطى 10 آلاف.وبسبب هذا النزاع، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر البشير؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، قبل أن تضيف إليها عام 2011 تهمة الإبادة الجماعية، وهو ما ينفيه البشير.
ويعول أعضاء مبادرة "لا للحرب" على الثقافة والفنون (شعر، غناء) لنشر ثقافة السلام ونبذ العنف، وفي إطار الترويج لها، أعلن التنظيم خلال الأيام الماضية عددا من الفعاليات الثقافية، والفنية.وأضاف "سراج": "مساء الخميس الماضي نظمنا لقاء بشارع النيل القريب من القصر الرئاسي، شارك فيه عدد من الشعراء والفنانين، وتضمن إلقاء قصائد تمجد السلم وتنبذ الحرب، ولقي تجاوبا كبيرا من المارة في الشارع".وينشر الناشطون في المبادرة تعليقات باللهجة العامية السودانية على صفحة المبادرة بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بهدف استقطاب أكبر عدد من السودانيين.
وتابع "سراج": "الدم السوداني واحد"، ومقتل أي مواطن مؤلم لكل السودانيين والعالم أجمع".وزاد بقوله "نريد أن نلفت انتباه كل السودانيين إلى أن الحرب يمكن أن تمتد شرارتها إلى أي مكان، ليس هناك إنسان يستطيع أن يدعي أنه بمعزل عن الحرب مالم تتوقف بالكامل".ودعا الحكومة والمتمردين إلى الاستجابة لمطالبهم (أعضاء المبادرة) بتحكيم صوت العقل، وإيقاف الحرب فوراً.من جهته، قال عضو المبادرة شوقي مهدي: "الحرب قضت على مئات الأشخاص، وشردت الآلاف، ويجب أن تتوقف فوراً.. نريد أن نعيش في سلام، لقد سئمنا الحرب".
وتابع في حديثه لوكالة الاناضول: "عمدنا على تأسيس المبادرة لإحساسنا أن الحرب تخلف أوضاعا إنسانية سيئة".وأعرب مهدي عن اعتزام أعضاء المبادرة "تسجيل زيارة لمعسكرات النزوح المقامة حول عدد من مدن دارفور المضطرب، وولايتي وجنوب كردفان والنيل الأزرق، للتبشير بالمبادرة ونشر ثقافة السلام وتقديم الدعم اللازم للنازحين".وأضاف: "نسعى للفت نظر المجتمع المحلي والعالم لموجة النزوح الجديدة في مناطق النزاع".من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين في الخرطوم محمد حمدان إن "المبادرة جاءت وسط أكوام الاحباط، لتنتشل السودانيين من حالة الحرب، والنزوح إلى تبصير المواطن بحقوقه الأساسية"،
وفي حديث لوكالة الأناضول، أشار إلى "ضرورة المطالبة بإيقاف الحرب أولاً، لأنها تتسبب في قتل الأبرياء والنزوح، وتهلك الاقتصاد، وتقضي على الآمال بمستقبل زاهر".وأضاف حمدان أن "الأحزاب السياسية (حكومة ومعارضة)، فشلت في معالجة الأزمة التي كان من الممكن احتواؤها قبل أن تستفحل، كما فشلت في إيجاد حل لمعاناة المواطنين في مناطق النزاعات".وأشار إلى أنها "تتحرك فقط عبر الحديث في الإعلام، لكنها لا تدري بمعاناة الذين يقيمون في العراء، ويتعرضون إلى القصف بالقنابل صباحا ومساء".
وأوضح أن "استمرار القتال جعل عشرات المدنيين يبحثون عن ملاذ آمن حتى ولو كان في دول الجوار"، وأعرب عن أمله في استجابة أطراف النزاع للمبادرة، وإعلان وقف العدائيات.ولفت إلى أن الحرب تكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة يوميا، تنفقها الحكومة على التسليح، وقال إن الأموال المهدرة في الحرب كافية لتحقيق التنمية في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.