تحت عنوان "في سبيل مدرسة عربية للتجديد في كتابة التاريخ: وحدة حركة التاريخ العربي بين مشرقه ومغربه" نظمت وحدة الدراسات التاريخية وعلم الآثار بالمعهد العالمي للتجديد العربي، "أريج"، ندوة رقمية بإدارة رئيس وحدة الدراسات التاريخية وعلم الآثار أ.د محمد مظفر الأدهمي، ومشاركة أ.د حياة اجعير، وأ.د فاطمة حباش.
وقال الأدهمي، إن جورج أنطونيوس تناول في كتابه الشهير اليقظة العربية، النهضة العربية في المشرق العربي دون مغربه ومثله فعل محمد عزت دروزة في كتاباته كذلك المفكرين المشارقة على أساس أن المغرب العربي في اتجاه إسلامي لا علاقة له بالعروبة، فأحدثوا رغم عطاءاتهم الفكرية الثرية شرخاً وثغرة في فهم حركة التاريخ العربي وفق النظرة الأفقية الشاملة ولم ينتبهوا إلى العلاقة الوثيقة التي تربط المغرب بمشرقه بالعطاء الفكري والمشاركة بمقاومة الاستعمار على امتداد الوطن العربي، مشيرا إلى أن الندوة تهدف إلى إثبات وحدة التاريخ العربي في سبيل مدرسة عربية لكتابة التاريخ يتبناها المعهد وفقاً لمبادئه وأهدافه.
فيما قالت حباش، أن الجزائر عرفت كإطار جغرافي العديد من الأحداث والتطورات السياسية والاجتماعية منذ فترة طويلة جعلها مرتبطة بالبعد الحضاري العربي والاسلامي، والذي تعود جذوره إلى فترة الفتح الإسلامي عندما كانت أحد الأقاليم الثلاث للمغرب الإسلامي: المغرب الأدنى، المغرب الأوسط والمغرب الأقصى، فكانت بذلك مجالا جغرافيا شاهد على العديد من التطورات، كما عرفت أجزاءها كيانات سياسية زمانية ومكانية ذات البعد الإسلامي، واستمرت كذلك على العهد العثماني لتشكل بموقعها الاستراتيجي على ضفة البحر المتوسط حصنا منيعا، وقاعدة استراتيجية للدولة العثمانية في صراعها ضد الوجود الأوروبي النصراني.
وأضافت أن تأثير المشرق العربي في النضال الجزائري استمر بعد نهاية الحرب العالمية الأولى لتكون له لمسة مع المتغيرات والإيديولوجيات التي تمخضت عن الحرب، ليأخذ طابعا مختلفا عن مرحلة النهضة وبوادر العمل السياسي فالإيديولوجية الماركسية والأمريكية والصراع بينهما، ناهيك ما تمخض عن مبادئ ولسن سنة 1919 وقرارات سان ريمو سنة 1920 التي جعل العديد من مناطق المشرق تحت رحمة الاقتسام وعرضة للاستعمار بأشكال مختلفة، مما أدى إلى تغيير مفهوم القومية ذات أحادية الجانب مقترن بالانتماء العربي إلى مفهوم ثنائي عربي إسلامي، لافتة إلى أن هذه الازدواجية في مفهوم القومية يعود الفضل فيها إلى شكيب أرسلان الذي جمع بين العواطف الوطنية السياسية والعواطف الدينية في حلقة واحدة "الجامعة العربية الإسلامية".
أما اجعير فأكد أن الوعي السياسي لدى المغاربة تشكل منذ بداية الحماية وكانت الصحف المشرقية ومجلاتها وأفلامها لها الأثر الطيب على نمو هذا الوعي الوطني، فلا أحد يمكن أن ينكر دور المشرق في دعم حركات التحرر المغربية منذ تأسيس جامعة الدول العربية، وسيزيد هذا الدعم بعد وصول الضباط الأحرار إلى الحكم في 23 يوليو 1952 خاصة وأن الرئيس جمال عبد الناصر كان مقتنعا بأن تحرير مصر غير كافٍ فلا بد وأن يكون متبوعاً بتحرير كل الأقطار العربية المحتلة وكان هذا الدعم من بين أسباب مشاركة فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر، كما قال "إن الجهود التي بذلها المشرق لمساندة ودعم حركة المقاومة وجيش التحرير المغاربي خاصة مصر باعتبارها دولة القلب في النظام الإقليمي العربي ساهمت بشكل كبير في إنشائه من كل الجوانب فليس من الموضوعية التاريخية أن نقوم بالكتابة عن جيش التحرير المغاربي دون الحديث والنبش في الدعم المشرقي لدول شمال إفريقيا عامة والدول المغاربية خاصة".