المبعوث الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ،يان كوبيش، أمام مجلس الأمن أن التداعيات المترتبة على المختنق السياسي والخطورة التي يشكلها على الأولويات الوطنية الأساسية الأخرى، لا سيما على المسارين الأمني والاقتصادي، بدأت بالظهور.
نص الكلمة:
السيد الرئيس،
أعضاء مجلس الأمن الموقرون
اسمحوا لي أن أستهل بالإعراب عن الشكر للوزير لو دريان والرئاسة الفرنسية على عقد هذا الاجتماع المباشر. وأرحب برئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة والممثلين رفيعي المستوى.
أتيت إلى هنا مباشرة بعد زيارتي الأخيرة إلى ليبيا حيث أجريت مشاورات مع مجموعة كبيرة من الأطراف الفاعلة لإقناعهم بالمحافظة على المسار المؤدي إلى انتخابات برلمانية ورئاسية وطنية شاملة وحرة ونزيهة في شهر كانون الأول/ ديسمبر وإحراز تقدم في ذلك. وفي حين جدد جميع من تحاورت معهم تقريباً تأكيد التزامهم بإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، غير إنني أخشى أن العديد منهم ليسوا مستعدين للمضي قدماً في ترجمة أقوالهم إلى أفعال. وقد ذكّرت الجميع بمطالب وتوقعات الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي والمجتمع الدولي لإجراء الانتخابات في موعدها، وهو أمر ضروري لاستكمال التحول الديمقراطي في ليبيا وتجنب العودة إلى النزاع والعنف والفوضى.
كان من المفترض أن تكون القاعدة الدستورية للانتخابات قد أقرت الآن. غير إن مجلس النواب، وللأسف، وهو الجهة المفوضة بذلك بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، لم يتخذ أي إجراء بعد. وفي الأسبوع الماضي، تم تشكيل لجنة جديدة من مجلس النواب لإعداد قوانين الانتخابات اللازمة لإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر وطلبت دعم الأمم المتحدة. وقد أشرت على رئيس مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة بما يتسق والاتفاق السياسي الليبي والتأكد من وجود الأساس القانوني والدستوري لإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2570 ومخرجات مؤتمر برلين الثاني وخارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وقمت أيضاً بعقد اجتماع افتراضي لملتقى الحوار السياسي الليبي في أواخر شهر أيار/ مايو للنظر في مسودة القاعدة الدستورية التي أوصت بها اللجنة القانونية المنبثقة عن الملتقى ومعالجة القضايا الرئيسية التي لم تتوصل اللجنة إلى حل بشانها. ومن بين القضايا العالقة التي أثارها أعضاء الملتقى أنفسهم ما إذا كان ينبغي إجراء الانتخابات الرئاسية من خلال التصويت المباشر للشعب أو بشكل غير مباشر عبر البرلمان؛ وما إذا كان ينبغي إجراء الاستفتاء على مسودة الدستور الدائم أولاً، حتى كشرط مسبق لإجراء انتخابات رئاسية مباشرة؛ وما الذي ينبغي أن تكون عليه شروط الترشح للمرشحين، وبالأخص لمنصب الرئيس، ومدى أهلية العسكريين وحاملي الجنسية المزدوجة وبأية شروط؛ ومسائل تتعلق بتمثيل المكونات الثقافية.
ولم يتمكن اجتماع الملتقى المنعقد في أيار/ مايو من حل هذه المشكلات وأصرّ المجتمعون على إن الاجتماع الشخصي ضروري للتفاوض على حل وسط. وعُقد هذا الاجتماع في جنيف بدعم كريم من سويسرا في 28 حزيران/ يونيو ولغاية 2 تموز/ يوليو. وبناء على طلب بعض اعضاء الملتقى، عقدت البعثة اجتماعاً للجنة الاستشارية المنبثقة عن الملتقى في العاصمة التونسية في الفترة من 24 إلى 26 حزيران/ يونيو بهدف التحضير للجلسة العامة للملتقى في جنيف وذلك عبر وضع خيارات لجسر هوة الخلافات حول القضايا العالقة. وتوصلت اللجنة الاستشارية إلى إجماع واسع النطاق حول مقترح توفيقي سعى إلى معالجة مخاوف مختلف الفئات والمجموعات ذات المصالح داخل الملتقى. وتم عرض هذا المقترح خلال اجتماع ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف.
غير إنه اتضح في جنيف أن أعضاء الملتقى منقسمون إلى تكتلات مختلفة ومجموعات ذات مصالح مختلفة بانتماءات مختلفة. وأصرت الكتل المختلفة على مواقفها المتخندقة التي انعكست في مقترحاتها، ولم يتمكن الملتقى ولم يرغب في التوصل إلى اتفاق حول مقترح نهائي لقاعدة دستورية للانتخابات.
وبسبب إخفاق المؤسستين الدستوريتين وملتقى الحوار السياسي الليبي، أصبح الوضع في ليبيا اكثر صعوبة وأكثر صدامية وتوتراً، حيث تقف المصالح المؤسسية والسياسية والفردية حائلاً دون الاتفاق على الإطار القانوني كشرط مسبق لإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021 وذلك وفقاً لما اتفق عليه ملتقى الحوار السياسي الليبي في خارطة الطريق التي أقرها مجلس الأمن الدولي. كما إن قوى الوضع الراهن القديمة والجديدة تستخدم أساليب متنوعة وحججاً مشروعة في الغالب تفضي إلى نتيجة واحدة فقط - وهي عرقلة إجراء الانتخابات. وقد أسماهم سلفي الذي كان لديه تجربته الخاصة مع الأساليب المماثلة "المعرقلين" – وهو وصف صحيح بالنظر لتأثير نهجهم ومناوراتهم.
وتواصل البعثة تيسير الجهود الرامية إلى إيجاد أرضية مشتركة، بما في ذلك من خلال عمل لجنة التوافقات التي شكلها الملتقى والتي سوف تجتمع يوم غد، وأيضاً عبر تواصلي شخصياً مع القادة السياسيين وغيرهم في ليبيا.
وقد طُلب من البعثة والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات تقديم المشورة للجنة التي شكلها مجلس النواب. ونحن على استعداد للقيام بذلك بهدف تسهيل إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر مع اتخاذ خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي ومقترح اللجنة القانونية كمرجع لنا. وتعتزم هذه اللجنة الاجتماع الأسبوع المقبل في إيطاليا.
وبغية تكثيف تواصلنا مع المجتمع المدني بما في ذلك شريحة النساء والشباب في البلاد، تعتزم قيادة البعثة إشراكهم في حوار رقمي، وهو أمر اعتمدته البعثة في السابق.
السيد الرئيس
يعتريني قلق عميق من التبعات الأكبر التي سوف تترتب عن هذا المختنق في المسار السياسي/ الانتخابي والتصدعات ذات الصلة التي نجمت عن الخلاف بين مؤسسات الدولة الليبية الرئيسية، وبالأخص بين حكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب، وكذلك بين حكومة الوحدة الوطنية والجيش الوطني الليبي، وأيضاً بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وبين الراغبين في احترام تاريخ 24 كانون الأول/ ديسمبر ومن يرتأي إرجاء الانتخابات.
أما عن الجانب الإيجابي، فعلى الرغم من غياب الإطار القانوني التشريعي المنظم للانتخابات، إلا أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات شرعت في 4 تموز/ يوليو بتحديث سجل الناخبين، مع مراعاة الأحكام الخاصة المتعلقة بإدراج النازحين. وقد قررت المفوضية أن تخطو خطوة إلى الأمام وأن تبدأ بتنفيذ هذه الجزئية من العملية والتي لا تتطلب وجود تشريع معين بشكل تام. إلا أن هناك حدوداً لما يمكن فعله في غياب التشريعات المنظمة للانتخابات.
وفي حال لم يصل المختنق حول القاعدة الدستورية والجفوة الحالية بين مؤسسات الدولة إلى حل سريع وفي حال لم تبدر على أبرز قادة البلاد ما ينم عن وجود الإرادة السياسية للتوصل إلى حل وتقديم التنازلات والتنفيذ، فإن ذلك سوف يؤدي إلى انتكاسة في الزخم الإيجابي الذي لمسناه قبل أشهر قلائل فقط.
أما التداعيات المترتبة على المختنق السياسي والخطورة التي يشكلها على الأولويات الوطنية الأساسية الأخرى، لا سيما على المسارين الأمني والاقتصادي، فقد بدأت بالظهور. فمجلس النواب لم يقر الميزانية المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية رغم الجولات المتعددة من المشاورات بين مجلس النواب والحكومة لوضع اللمسات الأخيرة على مقترح الميزانية. وباءت آخر الجهود بهذا الخصوص بالفشل في هذا الأسبوع تحديداً وهذا يعني أن ليبيا تتجه نحو إجازة العيد بدون ميزانية وبدون الدعم اللازم الذي يمكن تقديمه للناس. ولحد الآن، لم يتفق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على كيفية المضي في عملية التعيين في المناصب السيادية رغم العديد من الاجتماعات التي عُقدت بتيسير من المغرب. ولم يسمح الجيش الوطني الليبي لحكومة الوحدة الوطنية ببسط سلطتها على المناطق الواقعة تحت سيطرته. وكذلك لم يتمكن المجلس الرئاسي والحكومة من التوصل إلى اتفاق بشأن تعيين وزير الدفاع، وهو منصب حيوي وبالغ الأهمية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإحراز تقدم في نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريحها وإعادة ادماجها وإصلاح القطاع الأمني وإعادة توحيد المؤسسة العسكرية. ومؤخراً، قامت اللجنة العسكرية (5+5) بتأجيل إعادة فتح الطريق الساحلي لربط الأجزاء الشرقية بالغربية من البلاد اعتراضاً منها على الإخفاق في اتخاذ قرارات يمكنها أن تيسر اجراء الانتخابات في وقتها وعلى الجمود الحاصل بشأن انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية، واعربوا عن تذمرهم أيضاً من عدم قيام حكومة الوحدة الوطنية بدفع مرتبات القوات والمقاتلين المعارضين لها. وإذا لم تتم معالجته، فقد يتسبب كل ذلك في تعليق مشاركة أي من الطرفين في اللجنة العسكرية المشتركة، والتي بخلاف ذلك برزت كمثال يُحتذى للوحدة والروح الوطنية والقيادية عندما اتخذت خطوات نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
السيد الرئيس،
يساورني القلق بأنه رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار ما يزال قائماً عدا عن بعض المناوشات البسيطة بين المجموعات المسلحة والعصابات الإجرامية، إلا أن وحدة اللجنة العسكرية المشتركة وتنفيذ الاتفاق معرّضان للانهيار في حال استمرار تعثر التقدم السياسي، حيث تضطلع اللجنة العسكرية المشتركة بدور حيوي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإنجازات هذه اللجنة في السابق هي التي مهدت الطريق لإحراز تقدم على الصعيد السياسي. لذا، لا بد من بذل أقصى الجهود للحفاظ على وحدتها وعزل عملها عن الآثار الضارة لهذا المختنق السياسي والخلاف الدائر بين أبرز الأطراف السياسية الليبية.
وسوف تواصل الأمم المتحدة دعمها لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا. ففي اتساق مع قرار مجلس الأمن 2570، تجري الاستعدادات لإرسال وحدة لمراقبة وقف إطلاق النار تابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وذلك دعماً لآلية مراقبة وقف إطلاق النار التي يقودها الليبيون ويمسكون بزمامها.
وفي الوقت الراهن، تعد الأمانة العامة العدة للمرحلة الأولى من عملية إرسال مراقبي وقف إطلاق النار، بما في ذلك عبر توظيف العاملين وشراء ما يمكّن من القيام بهذه العملية. ومن ثم ستتواصل الأمانة العامة مع الدول الأعضاء بشأن الدعم اللازم لاستكمال إرسال وحدة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للبعثة فور تأمين الموارد المالية اللازمة.
ومع ذلك، يغيب الوضوح حتى الآن بشأن موعد انضمام الوحدة الليبية إلى الآلية. فقد أشارت الحكومة واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في بعض المرات إلى أن المهمة الرئيسية للوحدة التابعة للأمم المتحدة هي مراقبة انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب، بدلاً من تسيير دوريات للتحقق من الامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار.
وتعتبر إعادة فتح الطريق الساحلي خطوة أساسية لتنفيذ وقف إطلاق النار. ففي 8 حزيران/ يونيو، أصدر المجلس الرئاسي أمراً إلى آمر غرفة عمليات سرت-الجفرة بتغيير مواقع المجموعات المسلحة تحت إمرته، وهي خطوة ضرورية قبل إعادة فتح الطريق. وقد أعطى ذلك دفعة قوية لعقد اجتماع للجنة العسكرية المشتركة في سرت في الفترة من 19 إلى 22 حزيران/ يونيو لمناقشة الاستعدادات لفتح الطريق بشكل آمن، وكان من المفترض أن يعقب ذلك اجتماع آخر في 5 تموز/ يوليو لمناقشة الترتيبات النهائية. بيد أن وفد الشرق في اللجنة العسكرية المشتركة أرجأ الاجتماع في رد فعل على اجتماع ملتقى الحوار السياسي الليبي وما اعتبره محاولات من جانب بعض الكتل لتأجيل الانتخابات. وقد شددتُ أمام اللجنة العسكرية المشتركة على أهمية المضي قدماً في فتح الطريق الساحلي، حيث إن عدم القيام بذلك من شأنه أن يخدم مصلحة المعرقلين. وأشدد أيضاً على ضرورة قيام جميع الجهات والمؤسسات الناشطة في الملف الأمني بالتشاور والتنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5).
كما أن استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب يهدد وقف إطلاق النار. لذا لا بد للأطراف الليبية والدولية الفاعلة أن تتفق على خطة للبدء في سحب المرتزقة والقوات الأجنبية بالكامل. إن المؤشرات الأولية لتحقيق هذه الغاية مشجعة، بيد إن هناك حاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة والتوصل إلى اتفاقات.
ومما يزيد الوضع الأمني تعقيداً الهجمات الأخيرة والتهديد الإرهابي المتجدد من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لاسيما في الجنوب، حيث إن التأخر في إعادة توحيد الجهاز الأمني والعسكري الليبي إلى جانب عدم وجود نهج مركزي ومنسق يفسح المجال أمام المنظمات المتطرفة من دعاة العنف للتجنيد والعمل وزيادة أنشطتها الشاذة. وهنا، أحثّ الجهات الأمنية في ليبيا على التصدي بشكل مشترك لهذا التهديد وذلك بالتشاور والتعاون مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والجهات المحلية الفاعلة، لا سيما زعماء القبائل، مسترشدين بالمصلحة العامة في تعزيز الاستقرار والأمن.
السيد الرئيس،
في 8 تموز/ يوليو، سلمتُ تقرير المراجعة المالية الدولية إلى المجلس الرئاسي بحضور رئيس الوزراء ورئيسي فرعي مصرف ليبيا المركزي. وكان رئيس المجلس الرئاسي السابق، السيد فائز السراج، قد طلب إجراء هذه المراجعة في رسالة بتاريخ 10 تموز/ يوليو 2018، ثم كُلفت البعثة فيما بعد بتيسير هذه العملية بتفويض من مجلس الأمن.
وخلصت النتيجة الرئيسية لعملية المراجعة إلى أن توحيد مصرف ليبيا المركزي لم يعد مستحسناً فحسب، بل بات مطلوباً. ففي حين كانت احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي محمية إلى حد كبير خلال السنوات الخمسة الماضية، إلا أن الانقسام في مصرف ليبيا المركزي قد نال من سلامة النظام المصرفي وأدى إلى عرقلة الإصلاح النقدي. وبسبب عدم وجود ميزانية موحدة وكذا الإغلاق النفطي المتكرر، قدم فرعا المصرف المركزي قروضا ائتمانية لحكومتيهما السابقتين مما أدى بالتالي إلى تراكم ديون كبيرة. ولا يمكن إدارة هذا الدين إلا إذا توحد المصرف المركزي. وبعبارة بسيطة، من المرجح أن ينهار النظام المصرفي الليبي في غياب التوحيد.
ويؤشر تسليم التقرير النهائي للمراجعة نهاية عملية المراجعة المالية وإيذاناً بالبدء في عملية توحيد فرعي مصرف ليبيا المركزي. ويحدوني الأمل في أن يتمكن المجتمع الدولي من دعم هذه العملية وهي تمضي قدماً، وذلك في إطار عملية برلين.
السيد الرئيس،
في 31 أيار/ مايو، أطلق المجلس الرئاسي سلسلة من ورش العمل لوضع إطار قانوني وهيكل للمفوضية الوطنية الليبية العليا للمصالحة، بمشاركة الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ووزيرة العدل فضلاً عن خبراء قانونيين وممثلين عن النازحين. وتدعم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المبادرات التي يعتزم المجلس الرئاسي تنفيذها، بما في ذلك عقد اجتماعات مع زعماء القبائل والمجتمعات المحلية والنساء والشباب. إن الدفع بهذه المبادرات قدماً أمر جوهري لإرساء الأسس اللازمة لعملية مصالحة وطنية طويلة الأمد، على أساس مساءلة واضح، فضلاً عن تعزيز الوحدة والتماسك الاجتماعي قبل انتخابات كانون الأول/ ديسمبر.
أصحاب المعالي،
ما تزال أوضاع المهاجرين واللاجئين في ليبيا مزرية مع استمرار تزايد عدد الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط وذلك في الأشهر الخمس الأولى من عام 2021. وحتى 26 حزيران/يونيو، كان خفر السواحل الليبي قد اعترض 14751 مهاجراً ولاجئاً وأعادهم إلى ليبيا، متجاوزاً بذلك العدد الإجمالي لجميع المعادين في عام 2020..
ونتيجة لذلك، هناك تزايد كبير في أعداد المهاجرين واللاجئين المحتجزين بشكل تعسفي في مراكز الاحتجاز الرسمية، دون النظر قضائياً في أوضاعهم، وكثيراً ما يتم احتجازهم في ظروف غير إنسانية. ومنذ 21 حزيران/ يونيو، تم احتجاز ما يقدر بنحو 6377 مهاجراً ولاجئاً بشكل تعسفي في مراكز الاحتجاز الرسمية في جميع أنحاء البلاد، وذلك بزيادة قدرها 550 في المائة منذ كانون الثاني/ يناير 2021. وقد أدت هذه التطورات إلى زيادة المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان والشؤون الإنسانية والحماية بشكل كبير. وما تزال الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات تواجه قيوداً من جانب السلطات الليبية على وصول المساعدات الإنسانية ودخول بعثات مراقبة حقوق الإنسان إلى مراكز الاحتجاز. وهنا، نحُث الحكومة مرة أخرى على التعجيل بالموافقة على استئناف عمل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة لتيسير عمليات الإجلاء الإنساني ورحلات إعادة التوطين والعودة الطوعية ورحلات مغادرة المهاجرين واللاجئين من ليبيا. وقد تم تسجيل حوالي 6000 شخص حتى الآن في مثل هذه الرحلات والتي ما زالت متوقفة منذ عدة أشهر.
وفي حزيران/ يونيو، تلقت البعثة تقارير أكثر ترويعاً عن العنف الجنسي ضد الفتيات والفتيان في مراكز الاحتجاز الرسمية للمهاجرين. وقد تُشكل مثل هذه الأفعال جرائم بموجب القوانين الدولية والوطنية.
وهنا أؤكد مجدداً أن ليبيا ليست وجهة آمنة لإنزال المهاجرين واللاجئين. وعلى الدول الأعضاء التي تدعم عمليات إعادة الأشخاص إلى ليبيا إعادة النظر في سياساتها، مع الأخذ في الاعتبار أن المهاجرين واللاجئين ما زالوا يواجهون خطراً حقيقياً من التعذيب والعنف الجنسي إذا ما أعيدوا إلى الشواطئ الليبية.
ويجب على الدول الأعضاء ذات النفوذ بذل مزيد من الجهود لمنع هذه الجرائم. وهنا أحث كل من يقدم الدعم للأجهزة الامنية الليبية التي يزعم تورطها في هذه الانتهاكات على تحمل مسؤولياتهم واتخاذ جميع التدابير الممكنة التي من شأنها منع هذه السلوكيات الفظيعة.
السيد الرئيس،
إن الوضع الإنساني بشكل عام قد شهد بعض التحسن منذ اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي مع عودة المزيد من النازحين إلى مناطقهم، حيث انخفض عدد النازحين إلى ما يقدر بنحو 224 ألف شخص، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 19 في المائة منذ شباط/ فبراير. ولكن ما تزال هناك تحديات جسيمة تتعلق بضمان حصول هؤلاء العائدين بشكل كافٍ ومستدام على الخدمات الأساسية، كمرافق الرعاية الصحية والمرافق التعليمية، مع استمرار الحاجة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية بشكل عاجل. كما وإن عمليات الإخلاء المخطط لها والتي كثيراً ما تكون قسرية والتي تستهدف مجتمعات النازحين من قبل السلطات الليبية تشكل مصدر قلق متزايد. ففي أيار/ مايو، تم إجلاء حوالي 500 عائلة من مدينة تاورغاء تعيش في مخيم للنازحين في أكاديمية الدراسات البحرية العسكرية في طرابلس. كما يواجه موقعان آخران في طرابلس يقطنه النازحون والمهاجرون واللاجئون عمليات إخلاء قسري مع تعرض المهاجرين واللاجئين للمضايقات والاعتداءات. وأنوه هنا إلى أن عمليات الإخلاء القسري دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة هي انتهاكات لحقوق الإنسان.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، قد استضافت اجتماعاً مباشراً في العاصمة تونس في الفترة من 16 إلى 18 حزيران/ يونيو للجنة الخبراء الليبيين المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة. وقد اختتمت اللجنة أعمالها باعتماد أول مشروع قانون شامل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حول مناهضة العنف ضد المرأة. وقامت وزارة الدولة لشؤون المرأة برعاية هذا الاجتماع، حيث حضرت الوزيرة السيدة حورية الطرمال وأعلنت أن الوزارة سوف تحيل مشروع القرار إلى مجلس النواب لاعتماده.
السيد الرئيس،
إننا نرحب بمخرجات مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا وبالجهود الجماعية التي تبذلها الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية لمساعدة الشعب الليبي في سعيه إلى تحقيق الوحدة والسلام والاستقرار والازدهار. وإذا ما قورن الوضع بمؤتمر برلين الأول، فإن ليبيا أصبحت مشاركاً أكثر فعالية وشريكاً في وضع مخرجات مؤتمر برلين الثاني في صيغتها النهائية.
وكما يتضح منذ خريف عام 2020، فإننا نرى مدى الترابط بين تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والتقدم المحرز على المسار السياسي والإصلاحات الاقتصادية اللازمة. وتتجلى الحاجة الآن إلى اتخاذ خطوات إيجابية لتفادي حدوث أية انتكاسات في أي من هذه المسارات. ونأمل أن نعول على الدعم المستمر من مجلس الأمن وشركاء عملية برلين في ذلك. وأود أن أشكر عدداً من الشركاء الدوليين لليبيا على دعمهم لعمل البعثة وجهود الأطراف الليبية لتحقيق مزيد من التقدم في مختلف المسارات من خلال التكرم باستضافة اجتماعاتهم.
هذا ويتعين الآن على الأطراف السياسية الليبية الفاعلة بذل قصارى جهدها لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021 وفقاً لخارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي ووفقاً لما دعا إليه مجلس الأمن والمجتمع الدولي. كما نحُث أعضاء الملتقى على وضع خلافاتهم جانباً والتوصل إلى اتفاق حول مقترح القاعدة الدستورية للنظر فيه واعتماده فوراً من قبل مجلس النواب، كي يتسنى إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر. إن أهمية وفعالية هذه الأجسام تعتمد على مدى قدرتها على الوفاء بمسؤولياتها وتلبية تطلعات الشعب الليبي. ويجب عدم السماح للجهات ذات المصالح و المعرقلين والأطراف المسلحة بإخراج العملية عن مسارها وذلك من أجل استعادة شرعية الدولة الليبية ووحدتها وسيادتها. وهنا، قد يكون للمجتمع الدولي دور خاص يتسق وقراري مجلس الأمن رقم 2570 و2571 في محاسبة المفسدين.
شكراً لكم