عاد هاجس المحاسبة ليخيم من جديد على حركة النهضة الإسلامية التونسية برئاسة راشد الغنوشي الذي كثف من تحركاته واتصالاته السياسية محليا وإقليميا ودوليا بحثا عن ضمانات سياسية تُجنّب حركته هزات داخلية مُرتقبة، وأخرى مُرتبطة بتداعيات أفول نفوذ جماعة الإخوان.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أن حظوظ فوز حركة النهضة بها أضحت ضئيلة جدا، سعى الغنوشي إلى الحصول على ضمانات تُبقي حركته في المشهد السياسي من خلال توسيط بعض الفاعلين السياسيين العرب والأجانب.

وقالت صحيفة “العرب” إن رئيس لجنة العلاقات الخارجية لشؤون آسيا الوسطى والشرق الأدنى التابع للجنة العلاقات الدولية بمجلس الشيوخ الأميركي، سعى خلال اجتماعه مع الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس إلى مُحاولة انتزاع ضمانات سياسية منه بعدم التعرض لحركة النهضة في صورة فوز حزبه بالانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة.

ويأتي هذا التحرك في الوقت الذي يشهد الكونغرس تحركات لإقرار مشروع قانون يحمل الرقم 5194 يُصنّف جماعة الإخوان المُسلمين منظمة إرهابية، ويفرض عقوبات عليها وعلى الجمعيات التابعة لها.

وأضافت الصحيفة، أن السيناتور تيم كاين الذي يزور حاليا تونس على رأس وفد من الكونغرس، طلب خلال اجتماعه أول أمس مع الباجي قائد السبسي أن يتم التعامل مع حركة النهضة “كحزب سياسي مدني” بعد الانتخابات المُرتقبة.

وذهبت المصادر إلى حد القول إن هذا السيناتور “تصرف خلال الاجتماع كأنه محامي حركة النهضة، حيث استمات في الدفاع عنها” ما أثار استغراب الباجي قائد السبسي وبقية أعضاء حزبه الذين شاركوا في هذا الاجتماع، ومنهم محسن مرزوق .
 
وقالت الصحيفة إن السيناتور تيم كاين “طلب بشكل مباشر من السبسي عدم إقصاء حركة النهضة الإسلامية، والعمل من أجل التعايش معها، ولم لا إشراكها في الحكم بعد الانتخابات المنتظرة”.

ويبدو أن السبسي فهم أن هذا السيناتور “يقوم بوساطة للحصول على ضمانات سياسية لصالح حركة النهضة الإسلامية” ما دفعه إلى التصرف بنوع من الدبلوماسية التي أبقت الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات.

وكان السيناتور تيم كاين قد اجتمع مع قائد السبسي، كما اجتمع أيضا مع راشد الغنوشي الذي قالت حركته في بيان وزعته في أعقاب هذا الاجتماع، إن وفد الكونغرس “عبّر عن تقديره الكبير للدور الذي تلعبه حركة النهضة من أجل تأمين الاستقرار في ‫‏تونس وحماية التجربة الديمقراطية الناشئة”.

ولم يستبعد المراقبون أن يكون الغنوشي قد طلب من السيناتور الأميركي التوسط للحصول على الضمانات السياسية المطلوبة، خاصة أن رئيس حركة النهضة كثّف في الآونة الأخيرة من اتصالاته مع بعض الفاعلين السياسيين على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وربطت أوساط عليمة زيارة الغنوشي للجزائر بهذا الإطار، حيث أشارت تقارير إلى أن الغنوشي “قد يكون طلب من بوتفليقة التدخل لدى صديقه الباجي قائد السبسي للحصول على ضمانات لحركته التي يبدو أنها تخشى جديا من المُحاسبة خلال الفترة التي ستلي الانتخابات المُرتقبة”.

وتشير مصادر مقربة من حركة النهضة إلى أن قيادة هذه الحركة التي يُنظر إليها على أنها أحد فروع جماعة الإخوان المنتشرة في العالم العربي، “تشعر بنوع من الارتباك من إمكانية تراجع الحركة خلال الانتخابات، وبالتالي اضمحلال نفوذها الذي كان يوفر لها الغطاء السياسي الذي يحميها من المُحاسبة”.

كما باتت حركة النهضة تخشى من تداعيات تغير الموقف الإقليمي والدولي من جماعة الإخوان، وتزايد التحركات التي تستهدف محاصرة هذه الجماعة، وخاصة منها تلك التحركات التي يشهدها الكونغرس لإصدار قانون يعتبرها منظمة إرهابية.

وكانت النائبة عن الحزب الجمهوري ميشيل باكمان قد تقدمت بمشروع قانون إلى الكونغرس الأميركي يحمل الرقم 5194، يهدف إلى وضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب.

ويدعو مشروع هذا القانون إلى “فرض عقوبات ضد الأشخاص الذين يقدمون دعما ماديا، أو موارد أخرى، لجماعة الإخوان، أو التابعين لها، أو المرتبطين بها، أو وكلائها”.

ويُساند مشروع هذا القانون سبعة من أعضاء مجلس النواب، منهم النائب لويس غوهميرت الذي انتقد بشدة أوباما لأنه يستمع إلى نصائح جماعة الإخوان، حيث قال في تصريحات سابقة ” إذا كنت رئيسا للولايات المتحدة، يجب ألا تستمع إلى نصيحة من إخوان مسلمين عن مدى تدمير إخوانهم المسلمين”.