تفجيرات العاصمة التشادية نجامينا المنسوبة إلى "بوكو حرام"، والتي أسفرت، أوّل أمس الإثنين، عن مقتل 27 شخصا، تعدّ بمثابة الإعلان عن بداية سلسلة من "الهجمات المروّعة"، تبثّ من خلالها المجموعة المسلّحة إشارات مفادها أنها "لا تزال على قيد الحياة، وقادرة على الضرب بقوة أنّى وأينما أرادت"، وفقا لخبير المجموعات المسلحة باكاري سامبي.

سامبي أوضح، في حديث للأناضول، أنّ هذه الهجمات الدامية "تشكل تحدّيا سافرا للجيش التشادي الذي يعدّ من أعتى الجيوش في حوض بحيرة تشاد إن لم يكن في أفريقيا بأكملها، ومنطلقا لسلسلة هجمات كبرى أخرى، كرسالة تفيد بأّن الجماعة لاتزال تحافظ على قوة ردع كبيرة، وأنّ جميع عواصم قوات التحالف التي تشن حربا ضدها، من ياوندي (الكاميرون) إلى نيامي (نيجر) وبورتو نوفو و كوتونو (بنين) وأبوجا (نيجيريا)، جميعها أصبحت أهدافا لبوكو حرام". 

الخبير السنغالي صاحب كتاب "أموال بوكو حرام"، أشار أيضا إلى أنّ هذه الهجمات "تسهم في إرسال رسائل قوية لدول قوات التدخل متعددة الجنسيات المشتركة، والتي أُعلن عن إنشائها الأسبوع الماضي  بأبوجا بنيجيريا". وتتشكل قوة التدخل متعددة الجنسيات المشتركة من 8 آلاف و700 عنصراً، بين عسكريين وشرطيين ومدنيين، ومقرها العاصمة التشادية نجامينا، فيما بلغت تكاليف تشكيلها 30 مليون دولار.

ومضي الخبير في تحليله لافتا إلى "مرور بوكو حرام إلى مرحلة أخرى في إدارة الحرب، حيث قامت بتغيير أسلوبها بعد أن مرّت من تركيز جهودها على القرى الحدودية ونجاحها في تشتيت السكان، إلى تخويف الناس من التنسيق مع السلطات التي تشنّ حربا ضدّها، موجهة رسالة  تنضح بمعاني أبرزها قدرتها على الضرب مجدّدا في أي مكان وفي أي وقت ترغب فيه. فالمجموعة النيجيرية، وبعد أن وسّعت من نطاق نشاطاتها عبر وصولها إلى قلب العاصمة التشادية، ترمي للتوسّع إلى حدود منطقة الجنوب الليبي، مستغلة في ذلك الشغور الأمني، وحالة الفوضى القائمة في جزء كبير من دول الساحل الأفريقي".

وعن سؤال ما إذا كان لبوكو حرام ارتباطات مع الجماعات المسلّحة الناشطة في الجنوب الليبي، ردّ سامبي قائلا بأن "هذه الفرضية ليست واقعية، بما أن للتنظيم المسلّح زاوية نظر خاصة للأمور، مرتبطة، في عمومها، بسياق تاريخي و سياسي محدد"، لافتا إلى أنّه "أمام قابلية الحدود للاختراق، وحالة الفوضى التي تعمّ منطقة الساحل الأفريقي، فإن الرد على بوكو حرام لا يجب أن يقتصر على المقاربة الأمنية، بل من الضروري التخلي عن التعامل مع هذا التنظيم من زاوية تشدده الديني، والانكباب على دراسة العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقف وراء ازدهاره". 

وجاء إنشاء قوة التدخل متعددة الجنسيات المشتركة، في مايو/أيار 2014، إثر اختطاف بوكو حرام لـ 200 من تلميذات منطقة شيبوك في نيجيريا، وقد تعطلت إجراءات إنشائها جراء اختلافات ظهرت بين الدول الأعضاء، لا سيما بين نيجيريا الناطقة بالإنجليزية وبقية الدول الفرانكوفونية (الناطقة باللغة الفرنسية). ثمّ تمّت إعادة طرح فكرة إنشاء هذه القوة في شهر يناير/كانون الثاني 2015 في وقت تواترت فيه هجمات بوكو حرام شمالي شرق نيجيريا وفي المناطق الحدودية مع كلّ من الكاميرون والنيجر والتشاد. ومع تفاقم الانتهاكات، أبدى قادة هذه البلدان إلتزاما أكبر حيال الأزمة التي يثيرها التنظيم المسلّح، وذلك انطلاقا من شهر فبراير/شباط 2015 ، عبر إعلان الحرب ضدّ المجموعة النيجيرية، والشروع في تشكيل القوة المشتركة، التي تم الانتهاء من تشكيلها قبل أسبوع.ومنذ تنصيب الرئيس النيجيري محمد بخاري في 29 مايو/أيار الماضي، ضاعف تنظيم بوكو حرام من هجماته شمالي شرق البلاد مخلفا 109 قتيلا، بحسب مصادر رسمية.