تشهد عدد من محاور القتال في الغرب الليبي، اشتباكات عنيفة بين الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق وسط اتهامات لتركيا بمواصلة ارسال المرتزقة والسلاح الى ليبيا وتأجيج الصراع ما بات يهدد بانهيار تام للهدنة المعلنة منذ يناير الماضي ونسف جهود السلام في البلد الذي يعاني تداعيات الفوضى الأمنية المستمرة منذ 2011.

ومنذ الثلاثاء الماضي،تواصلت العمليات العسكرية في جبهات الهيرة، جنوبي طرابلس، وبوقرين جنوبي مصراتة،وسط تقدم ملحوظ للجيش الوطني الليبي خاصة في محور صلاح الدين بوسط العاصمة طرابلس.وأكد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، العميد خالد المحجوب، أنه لا يفصل الجيش عن وسط طرابلس إلا 2500 متر، ورجّح انتهاء معركة طرابلس بحلول رمضان القادم، وفقاً للتوقعات الأولية.

ونقلت صحيفة "البيان" عن المحجوب قوله أن "الجيش الوطني لا يزال محافظاً على جميع تمركزاته في الأحياء الجنوبية للعاصمة، ولا يفصله عن وسط طرابلس إلا 2500 متر، مشيراً إلى أن لدى القوات المسلحة، القدرة على حسم المعركة في الوقت الذي تحدده، لافتاً إلى أنها لا تزال محترمة لقرار الهدنة منذ بداية تنفيذه في 12 يناير الماضي، رغم الخروقات المتواصلة من قبل الميليشيات المدعومة بجحافل المرتزقة، الذين تم نقلهم من شمالي سوريا إلى طرابلس، وبالعسكريين الأتراك الذين أصبحوا جزءاً من الصراع الميداني".

وتشهد ليبيا، منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي، هدنة، إلا أن الخروقات مستمرة، وتمكن الجيش الليبي من صد عدة هجمات وحقق تقدماً في غالبية المحاور، وسيطر على مناطق متقدمة بالعاصمة.وأكد  الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي بالقاهرة، اليوم الأحد،أن قوات الجيش الليبي توجد حاليا داخل أحياء طرابلس، وما يقيدها عن التقدم هو احترام الهدنة، وأغلب عملياتها الآن هي لمنع العدو من المناورة أو نقل الأسلحة أو مهاجمة مواقع قوات الجيش.

واتهم الجيش الوطني الليبي، أنقرة بنقل المرتزقة إلى غربي البلاد، حيث حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها، مشيرا لضرب أهداف تركية في ليبيا مؤخرا.وقال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي،إن "الجيش استهدف في الأيام الماضية أهدافا في قاعدة معيتيقة بطرابلس تابعة للجيش التركي مباشرة، وأسقطنا عددا من القتلى في صفوف المرتزقة.

وحول الأعداد التي جلبتها تركيا إلى ليبيا من العسكريين الأتراك والمرتزقة السوريين وغيرهم من الجنسيات، قال المسماري إنه يوجد منهم الآن نحو 1000 عنصر عسكري تركي يعملون على كافة الأسلحة الحديثة الخاصة بالجيش التركي، كما وصل 2000 عنصر من المرتزقة أغلبهم من جماعة النصرة، والبقية من القاعدة وداعش تم جلب أعداد منهم منذ يونيو/ حزيران 2019 إلى ميناء زوارة ومن ثم إلى غريان.

كما أشار المسماري إلى أن هناك حوالي 1900 عنصر ينتظرون نقلهم إلى ليبيا، كما يتم كذلك تحضير نحو 6500 عنصر للتدريب، مبينا أن تركيا ترسل يوميا نحو 400 عنصر إلى ليبيا بواسطة طائرات مدنية، وسفن تحمل أعلام بضع دول. مشيرا إلى رصد الجيش الوطني الليبي لسفينة تحمل علم لبنان.

وبيَّن المسماري بأن هناك بضع شخصيات إرهابية تم رصدها في ليبيا، وأخرى تنتظر القدوم إليها، ومنهم أبو العباس الدمشقي الذي قتل في غارة للجيش الليبي في منطقة أبو قرين مع حوالي 180 عنصرا من الإرهابين والمرتزقة، مضيفا بأن نحو 190 عنصرا من السوريين بعد أن حصلوا على راتبهم الأول والبالغ 2000 دولار، غادروا إلى أوروبا.

كما أوضح المسماري بأن هناك شخصية إرهابية خطيرة تدعى "الجزراوي"، تنتظر الحضور إلى ليبيا،وأشار الى أن شخصية "أبو الفرقان"، تعتبر الذراع اليمنى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إدارة العمليات الإرهابية في سوريا وليبيا، موضحا أن هذه الشخصية ظهرت نحو 149 مرة في صور بوسائل الإعلام دون ذكر اسمه.

وسبق أن تحدث المسماري عن هوية "ابو الفرقان" في فبراير الماضي،قائلا إنه الشخص الذي يعتبر الحاكم العسكري التركي في طرابلس.وأكد حينها إن لدى الجيش الليبي معلومات تامة عن شخصية "أبو الفرقان" وهو ضابط تركي يطلق عليه "سليماني تركيا"، لكنه نظرا لدواعٍ عسكرية يتحفظ على اسمه الحقيقي.كما بين المسماري بأن مساعد أبو الفرقان هو العقيد غازي وهو يجيد الكلام بالعربية، غير أنه لا يستطيع الكتابة بها وهو ضابط مخابرات وقائد عمليات المرتزقة في طرابلس.

وفي غضون ذلك،أعلن الجيش الليبي، اليوم الأحد، أن الوحدات العسكرية التابعة لكتيبة طارق بن زياد، التابعة للجيش، تحركت إلى مواقع استراتيجية لتأمينها. وأوضح المكتب الإعلامي لقيادة الجيش أن الوحدات العسكرية كانت في كامل جاهزيتها، ومدججة بالعتاد، والأسلحة المتطورة، بالإضافة للآليات والمدرعات الحربية، وجنود على درجة من الكفاءة والتدريب والقدرة القتالية العالية.

وتعتزم القوات المسلحة الليبية التوجه إلى عددٍ من المواقع الاستراتيجية والمؤسسات الحيوية بالمدن والمناطق الليبية، لتأمينها حفاظاً على مقدرات الشعب ومكتسباته وثرواته، من النهب والفساد والسرقة، وذلك ضمن مهام الجيش الليبي في حفظ أمن الوطن وسيادته.وفق بيان المكتب الاعلامي للجيش الوطني الليبي.

واستهدفت كتيبة طارق بن زياد التابعة للجيش الليبي 3 آليات استطلاع تابعة للمليشيات المدعومة من تركيا في منطقة أبوقرين، قرب مصراتة.وقالت الكتيبة، في بيان لها، إن جنود الكتيبة استهدفوا قوة استطلاعية تابعة لمليشيات السراج بمنطقة أبوقرين بالقرب من مصراتة نتج عنها تدمير 3 آليات كانت تستخدمها المليشيات للاستطلاع شرق المنطقة.

وتسعى تركيا لتأجيج الصراع في ليبيا،وكان الجيش الوطني الليبي قد حذر الخميس الماضي،من قيام القوات التركية بخرق الهدنة ووقف إطلاق النار وذلك بالتحشيد شرق مصراتة.وأكد المسماري أن الجيش الليبي رصد تعزيزات عسكرية تركية تدعم الميليشيات شرق مصراتة وقيام القوات التركية بتركيب تقنيات عسكرية تشمل محطات صواريخ ورادارات، حيث تم تدميرها على الفور من قبل.

وأوضح المسماري، أن القوات الجوية وسلاح المدفعية، نجحا في تدمير محطة رادار تركية بالقاعدة الجوية في مصراتة، ومدفعيه صاروخية عيار 107 مم، ببوابة الستين قرب بوقرين، ومنظومة صاروخية دفاع جوي تركية نوع أرليكون، بالكلية الجوية في مصراتة.كما تم تدمير محطة رادار نوع سكاي قارد، بالكلية الجوية في مصراتة، ومجموعة أهداف مختلفة، عربات مسلحة وأفراد تم تدميرها بالكامل، وتدمير ثلاث سيارات مسلحة ببوابة الستين، مستودع ذخيرة بالكامل في أبوقرين، وتدمير مدفعية صاروخية ثقيلة مضادة للطيران صينية الصنع 107 مم نوع 63.

واعترف أردوغان للمرة الأولى نهاية فبراير/ شباط الماضي بوجود مقاتلين سوريين موالين لأنقرة في ليبيا إلى جانب عناصر التدريب الأتراك.وقبل ذلك أقر رئيس حكومة الوفاق فائز السراج ، في مقابلة أجرتها معه إذاعة "بي بي سي" البريطانية، باستقدام مرتزقة سوريين من تركيا للقتال إلى جانب مليشياته في المعارك بطرابلس.وقال السراج، رداً على سؤال حول وجود مرتزقة سوريين إلى جانب المليشيات الموالية لحكومته: "نحن لا نتردد في التعامل مع أي طرف لمساعدتنا وبأي طريقة كانت".وهو ما اعتبره كثيرون محاولة من السراج لتبرير ارتهانه لأجندات أردوغان والتواطئ مع محاولاته لغزو ليبيا.

ويثير التدخل التركي العسكري في ليبيا توجسا دوليا من الدور الخطير التي تلعبه تركيا غي الملف الليبي بمساندتها لميليشيات التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق الليبية التي يسيطر عليها الإخوان.وأرسلت تركيا منذ إعلانها التدخل عسكريا وبشكل رسمي في ليبيا في يناير/الماضي مرتزقة من سوريا وأسلحة وعتاد وطائرات بدون طيار لمساندة حكومة الوفاق والجماعات المسلحة التي تقاتل إلى جانبها في طرابلس.

ومثّل إرسال المرتزقة إلى ليبيا خرقا لتعهدات مؤتمر برلين وتأكيدا على استمرار التدخلات الأجنبية في ليبيا رغم إدانة القوى الإقليمية والدولية لهذه الممارسات وخطورتها على أمن واستقرار البلد.تخشى الدول الأوربية من خطر تسلل الإرهابيين والمقاتلين الذين ترسلهم أنقرة إلى طرابلس نحو أراضيهم القريبة من السواحل الليبية التي تشهد موجات كبيرة من الهجرة غير الشرعية.

في منتصف فبراير/شباط الماضي بدأ الاتحاد الأوروبي مراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا والذي يتم انتهاكه بشكل متكرر من قبل تركيا.أتى قرار الاتحاد على الرغم من تخوف بعض الدول الأوروبية من تدفق المهاجرين خلال عمليات المراقبة البحرية لعملية تدفق السلاح إلى ليبيا، التي أضحت بحسب تقرير سابق للأمم المتحدة أكبر مخزون للسلاح المتفلت.

وسبق ان انتقد ماكرون أواخر يناير/كانون الثاني الماضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب تدخله في ليبيا، قائلا إن "تركيا أخلّت بتعهدات اتفاق برلين"، مشيرا إلى أن باريس رصدت سفنا تركية تنقل مرتزقة إلى ليبيا.وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آنييس فون دير مول، في تصريحات لـ"العربية نت"،إن العسكريين الفرنسيين وثّقوا مواصلة تركيا انتهاك ما اتُفق عليه خلال مؤتمر برلين حول ليبيا، من خلال "إرسالها رجالاً ومعدات لصالح جهات معينة في ليبيا"، في إشارة إلى دعم حكومة السراج.

.ويرى مراقبون،أن التطورات المتسارعة على الأرض تكشف بوضوح إن النظام التركي يسعى لتحويل البلاد الى ملاذ جديد للعناصر الارهابية الموالية له خدمة لأجندات أردوغان الاستعمارية وأحلامه التوسعية في المنطقة.ويشير هؤلاء الى أن هذه المخططات التركية تأتي بتواطئ من حكومة الوفاق التي يسيطر عليها تيار الاسلام السياسي.ويحض الجيش الليبي بدعم شعبي كبير لمواجهة الغزو التركي وكانت القبائل الليبية خولت منتصف فبراير الماضي،الجيش حسم المعركة والقضاء على الميليشيات،ومقاومة جميع أشكال الغزو الخارجي، ورفض مذكرتي التفاهم البحري والأمني اللتين وقعهما السراج مع أردوغان في نوفمبر الماضي.