لئن كان من البديهي أن وراء الصراعات المسلحة الحالية بعض طمع في مراقبة حقول نفط معينة، فإن هناك عتبة لا يمكن أن تتجاوزها الأسعار، عتبة يطلق عليها الخبراء الاقتصاديون " نقطة الاستبدال "، فثمن مرتفع جدا للذهب الأسود سيؤدي إلى الإسراع نحو البحث عن مصادر طاقوية أخرى قد تصبح ذات مردودية كاالطاقات البديلة التي تتطلب لحد الآن إعانات معتبرة من الدولة ليستمر استعمالها.. و بما أن الطاقة هي أساس أمن الأمم فهي سبب في كثير من الصراعات في عالم اليوم كما جاء سابقا.
و انطلاقا من الصراعات الحالية في إفريقيا و الشرق الأوسط، يظهر أن العالم مقبل على اضطرابات جيو-استراتيجية تمس هذه المناطق الإستراتيجية.
و فيما يخص الإستراتيجية الطاقوية المستقبلية، تبين الأحداث الأخيرة أن السوق العالمي ذاهب إلى نوع من المزيج الطاقوي، بمعنى التعجيل في وجود توازن يضمن مصالح المنتجين و المستهلكين. فضلا عن البحث عن توازن نسبي بين المخاطر الجيو-سياسية و نمو الاقتصاد العالمي.
و انطلاقا من كل هذا، يتحدث الخبراء في مجال الطاقة عن ميكانيزمات محددة تساهم في تحديد أسعار البترول جمعها الخبير الدولي الجزائري و الأكاديمي الدكتور عبد الرحمن مبتول في 7 عوامل في دراسته المنشورة بجريدة لوماتان الجزائرية المطبوعة بالفرنسية يوم 11/08/2014 :
- بغض النظر عن الكوارث الطبيعية، تبقى العوامل الجيو-استراتيجية و على الخصوص التوترات في كثير من المناطق في العالم، هي التي تفسر أسعار النفط.
- و كثيرا ما تفتح هذه التوترات الباب واسعا أمام المضاربين ليتلاعبوا بالأسعار.
- الانتعاش أو تراجع الاقتصاد العالمي وطبيعة نموذج الاستهلاك العالمي للطاقة.
- انتشار واسع لوسائل النقل، تشييد المباني و الطرق بأساليب تكنولوجية قديمة كثيرة استهلاك للطاقة.
- ضعف القدرات الإنتاجية بسبب انخفاض الاستثمار خاصة في مجال التكرير و من هنا يصبح الربح ضئيلا مقابل استثمارات ثقيلة.
- التقلبات بين قيمة اليور و الدولار. و لكن إذا كان ضعف العملة الأمريكية يحفز على الطلب، فالعكس هو الحاصل إذ مديونية البلدان الأوروبية تحتم التقليل من الطلب.
- الانفجار الديمغرافي العالمي (7 مليار نسمة ) ووصول الدول الحديثة التقدم أو الناشئة غيّر الحسابات كلها و هو ما أكده خبراء دوليون و شركات عابرة للقارات في لقاء هام عقد هذه السنة حيث وصلوا إلى أن هناك حاجة ملحة لانتقال طاقوي عالمي لأنه إذا ما سارت الدول الناشئة على درب الاستهلاك الطاقوي الأمريكي و الأوروبي، فسيحتاج الاقتصاد العالمي إلى أربع أضعاف ما هو موجود من احتياطات الكرة الأرضية!