تواتر الرحلات الجوية إلى لیبیا - وخاصة بالنظر إلی المخاطر والتكالیف التي ينطوي علیھا الطیران في بیئة ماتزال خطیرة - قد يؤشر إلی حدوث تغییر في السياسة الأميركية بشأن ليبيا.

وتقوم طائرتان مسجلتان بالولايات المتحدة بتشغيل رحلات يومية تقريبا إلى بنغازي ومصراتة في شرق ليبيا منذ بداية أغسطس، وفق ما أظهرته بيانات تتبع الرحلات عبر الإنترنت.

وهذا جزء من موجة النشاط الدبلوماسي والتجاري الذي بدأ يتصاعد في أفق ما يمكن أن يمثل تغييرا للسياسة الأمريكية في هذه الدولة التي مزقتها الحرب فى شمال افريقيا.

وفي يوليو، تمت إعادة فتح مطار بنغازي، بعد أسبوع من تحرير المدينة من قبل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر - وهو ضابط عسكري لعب دورا في جلب القذافي إلى السلطة في عام 1969، وفي إسقاطه في الحرب الأهلية الليبية عام 2011 عندما عاد من المنفى في الولايات المتحدة.

ولكن منذ الانسحاب الكامل من ليبيا، لم تشارك الولايات المتحدة إلا لماما في مسائل خارج إطار عمليات مكافحة الإرهاب.

أما الآن، فإن تواتر الرحلات الجوية إلى ليبيا - لا سيما بالنظر إلى المخاطر والتكاليف التي تنطوي عليها طائرات الطيران في بيئة خطيرة - يشي بتغيير في السياسة الأميركية بليبيا.

وذكر تقرير لشبكة سي إن إن الشهر الماضى، نقلا عن مسؤولين امريكيين، أنه يجري النظر في تغيير الاتجاه، مع إمكانية حقيقية لإعادة فتح الولايات المتحدة لسفارتها في ليبيا ، بالإضافة إلى تكثيف وجودها الدائم في البلاد، بما في ذلك بنغازي.

في عام 2014، أغلقت عدة دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، سفاراتها وسحبت دبلوماسييها من ليبيا بعد أن انزلقت البلاد إلى مزيد من الفوضى وانعدام القانون . وجاء ذلك عقب مقتل أربعة مواطنين أمريكيين، بمن فيهم السفير الأمريكي في ليبيا، في هجوم على مجمع أمريكي في عام 2012.

ولكي يحدث تغيير في السياسة، سيلزم أن تكون هناك حكومة وطنية واسعة تسيطر على البلد. لكن ليبيا لا تزال منقسمة، حيث تتنافس مجموعات مختلفة للسيطرة على مناطق مختلفة من البلاد. وتتحكم قوات حفتر، جنبا إلى جنب مع حكومة طبرق، في بنغازي وكثير من شرق البلاد، بينما تسيطر "حكومة الوفاق الوطني" بقيادة فايز السراج  والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة على طرابلس والمناطق المحيطة بها في الغرب.

وفي يوليو، استضاف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كلا من حفتر والسراج في قصر الإليزيه في باريس حيث اتفقا على وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات عامة مطلع العام المقبل.

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، أعلن الخميس الماضي أنه سيتوجه إلى ليبيا لدفع الأطراف المتحاربة إلى دعم خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها مبدئيا في باريس. وقد أغضبت المبادرة الفرنسية المسؤولين في إيطاليا التي سبق أن أخذت زمام المبادرة في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في مستعمرتها السابقة، وتحملت عبء موجات متتالية من المهاجرين الأفارقة الذين عبروا البحر المتوسط من ليبيا.

كما عززت إيطاليا جهودها من أجل التأثير في البلاد بعد أن استضافت جولتها الخاصة من المحادثات بين اللاعبين الرئيسيين في وقت سابق من هذا العام.

وخلال الأسبوعين الماضيين، استضاف فلاديمير بوتين حفتر في موسكو، وزار بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني أيضا بنغازي الأسبوع الماضي حيث التقى كل من السراج وحفتر لمناقشة "تطور الوضع السياسي في ليبيا".

وقال مصدر حكومي لـ "مالطا توداي" إنه كان من المتوقع أن يزور جونسون مالطا أولا. لكن تغييرا متعمدا في الخطة جعل جونسون يطير أولا إلى ليبيا قبل أن يلتقي نظيره المالطي كارميلو أبيلا.

وتعهد جونسون بتقديم 9 ملايين جنيه استرليني (9.8 مليون يورو) للمساعدة في التصدي للإرهاب والاتجار بالبشر في ليبيا، بعد أن أصبح أول سياسي غربي كبير يزور حفتر في معقله في بنغازي.

وقال جونسون لراديو بي بي سي 4 ، إن حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا تعهد بالتخلي عن الحكم العسكري إذا أصبح رئيسا للبلاد. وقال جونسون إنه دفع نقطة التسوية السياسية للسياسيين الليبيين ،"أعتقد ان السياسيين يحتاجون إلى كبح مصالحهم الأنانية والعمل لما فيه خير البلاد والتماشي وفق خطة الأمم المتحدة".

وبريطانيا واحدة من الدول، جنبا إلى جنب مع فرنسا والولايات المتحدة، التي تتحمل بعض المسؤولية عن الفوضى التي أطاحت بالقذافي.

ويقول جونسون أيضا إن بريطانيا لها مصلحة وطنية في ليبيا، التي وصفها بأنها الخط الأمامي في نضال أوروبا ضد الهجرة غير الشرعية والإرهاب.

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة