التقت السفيرة الأمريكية في ليبيا ديبرا جونز عبد الحكيم بلحاج -الزعيم السابق للجماعة الليبية المقاتلة- و المجلس العسكري بطربلس و مؤسس حزب الوطن ،في مقر إقامته بأحد فنادق العاصمة الليبية طرابلس.

و كانت السفيرة الأمريكية في طرابلس قد قادت في الآونة الأخيرة محادثات مع مختلف المكونات السياسية و المدنية و القبلية في البلاد إلا أنها قد جوبهت برفض من القوى الموالية لنظام العقيد الراحل معمر القذافي و الذين يتهمون واشنطن بزرع الفوضى في البلاد.

و في هذا السياق رفض  شيوخ وأعيان قبيلة ورشفانة الأسبوع الماضي استقبال السفيرة الأمريكية في طرابلس ديبورا كيه. جونز، في مدينة الزهراء التي تعتبر أهم مدن القبيلة وقالت مصادر قبلية " أن السفيرة عبّرت عن رغبتها في الاجتماع بأعيان القبيلة غير أنهم رفضوا ذلك بشدة وطلبوا منها الالتزام بالأعراف الدبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلادهم ، وأضافوا ما يستطيعون تقديمه هو التحكم في مواقف شباب القبيلة الرافض للتدخل الأمريكي في ليبيا".

و كان بالحاج قد هدد في وقت سابق بالقول" سنحمل السلاح إذا اضطررنا للدفاع عن أهداف ومكتسبات ثورة فبراير".

وأضاف بلحاج في حوار مع وكالة الانضول التركية  "لابد من الاحتكام لقواعد اللعبة الديمقراطية النابعة من اختيار الشارع الليبي لممثليهم عبر صندوق الاقتراع والقبول بالتعددية السياسية والتنافس تحت مبادئ الشفافية".وأشار إلى "ضرورة احترام المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) لأنه خيار الشارع، ولابد من الذهاب لانتخابات مباشرة وتسليم السلطة لجسم منتخب آخر"، بحسب تعبيره.وقال بلحاج إن حزبه يشارك بفاعلية في إدارة الحوار الوطني والمساهمة في كافة الأنشطة السياسية والمبادرات المجتمعية.

و وصفها بـ "محاولات الترويج لمفردات الديكتاتورية من جديد والتحريض على العنف والتلويح لاستخدام قوة السلاح من قبل أطراف (لم يحددهم) يريدون تمرير أجنداتهم السياسية بالقوة، والعمل تحت شعار "أنا أو الطوفان" مما أدخل القوى السياسية في احتراب سياسي"، على حد قوله.وأضاف بلحاج في حديثه أن "شبح الاحتراب والحرب مرهون بتعاطي الشارع مع دعوات العنف والانقلاب وإسقاط الشرعية"، مثنياً على "وعي الشارع بخطورة المرحلة رغم انتشار السلاح".

واتهم القيادي الحزبي الإسلامي أطرافا (لم يسمها) "بمحاولة جر الليبيين بمختلف أطيافهم لاحتراب مسلح، واصفاً أنهم مستعدون للدفاع عن أهداف ومكتسبات ثورة فبراير التي أساسها الديمقراطية ودولة القانون والعدالة وعدم التنازل عليها".وقال "نرفض أن يتدخل أي طرف دولي ويفرض وصايا أو أجندات علينا، ولدينا القدرة على إدارة أنفسنا وتقرير مصيرنا".

و قد غادر بالحاج ليبيا عام 1988 وقاتل الحكومة المدعومة من السوفييت في أفغانستان في مطلع التسعينيات، ثم أصبح قائد المجموعة الإسلامية الليبية المقاتلة.وبعد الفرار من أفغانستان عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تنقل بلحاج بين دول عدة ليقع تسليمهما إلى السلطات الليبية انطلاقا من تايلاند.

و بعد أن خاضت الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة بالحاج أكثر من خمسة عشر سنة من الجهاد المسلح ضد نظام العقيد القذافي وحاولت اغتياله في أكثر مرة معتبرة إياه "حاكما طاغوتيا لا يحكم بما أنزل الله" انقلبت الجماعة فجأة و أصدرت مراجعاتها الشرعية ليصبح القذافي "الأخ قائد الثورة'' ) و يدخل بالحاج في حوار مع النظام بداية من العام 2006 برعاية عدد من قادة جماعة الاخوان المسلمين.

لتطوي الدولة الليبية والجماعة المقاتلة صفحة الماضي بظهور "الدراسات التصحيحية" صفحة الصراع بين الجماعة و النظام ،و قد شارك في صياغة هذه المراجعات القيادي السابق في الجماعة نعمان بن عثمان رئيس مؤسسة كوليام لمكافحة التطرف في بريطانيا و قيادات الجماعة في السجون بينهم مفتيها سامي الساعدي و أميرها عبد الحكيم بالحاج المكني بأبي عيد الله الصادق ،ليخرج قادة الجماعة عي الشاشات الفضائية في مؤتمر صحافي رفقة المفتي الحالي الصادق الغرياني و علي الصلابي و بمباركة بالشيخ الاخواني يوسف القرضاوي معلنين بأن "معر القذافي ولي أمر شرعي لا يجوز الخروج عليه ،و أن الخروج على ولاة الأمر بالسلاح أمر محرم شرعا"،و انطلقت بعدها السلطات الليبية في إخلاء السجون من معتقلي التيار الإسلامي بطيفيه "الاخواني" و "الجهادي".

مع بداية اندلاع الشرارة الأولى للحراك في الشارع الليبي في 17 فبراير 2011 لزم بالحاج الصمت ولم ينخرط منذ اللحظة الأولى في الحراك بل انه قد دعا  أنصاره و إلى حدود أواخر شهر مارس 2011 إلى التزام الحياد تجاه بالثورة ،و لكن مع انطلاق الضربات الأولى لحلف الناتو على ليبيا بعد تبني قرار المجلس الأمن القاضي بالحظر الجوي بدواعي حماية المدنين تغير خطاب الجماعة المقاتلة و أميرها بالحاج و انخرطت رسميا في النزاع المسلح ضد النظام و بذلك خرج عبد الحكيم بالحاج أمير الجماعة إلى الخارج ،ليعود في أواخر أغسطس 2011 إلى "باب العزيزية" تلاحقه كاميرا قناة الجزيرة و خلفه عدد من ضباط القوات الخاصة القطرية.

و يرى مراقبون أن واشنطن تراهن اليوم على عبد الحكيم بالحاج كجهادي سابق في محاولات لإيجاد تفاهمات مع القوى الجهادية الناشطة في البلاد و التي باتت تشكل تهديد حقيقي للمصالح الأمريكية في ليبيا  في المنطقة ككل .

 وكان تنظيم ليبي ذو توجهات سلفية جهادية يطلق على نفسه "مجلس شورى شباب الإسلام" و يتمركز  بمدينة درنة في أقصى الشرق الليبي ، قد أعلن أمس السبت عن تشكيل ما يسمى بــ" لجنة شرعية لفض النزاعات والصلح بين الناس بشرع الله" على حد تعبيره، و مهمتها "تطبيق الشريعة "على حد زعم القائمين عليها.و قال التنظيم في بيان له نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الخميس :" نبشر أهلنا وأحبابنا أننا سنعمل على تأمين البلاد بكل ما أوتينا من قوة بعون الله،دعوا إخواننا وأهلنا إلى الالتفاف حولنا لتأمين بلادنا والسعي معنا في تحكيم شرع الله بما استطعنا".

هذا ونشرت مكتبة الكونغرس الأمريكي في الآونة الأخيرة، في آب/أغسطس 2012، تقريراً غير سري يشير إلى تزايد أعداد خلايا تنظيم «القاعدة» في ليبيا. كما اعتزم القيادي البارز في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري فضلاً عن أبو يحيى وعطية الله قبل مقتلهما إنشاء قاعدة للجهاد في ليبيا. ويشير التقرير إلى أن أبو أنس هو "مؤسس شبكة تنظيم «القاعدة» في ليبيا" وأشار إليه على أنه الوسيط بين القيادة العليا لـ تنظيم «القاعدة» في باكستان وقادة الجماعة على الأرض في ليبيا. ويؤكد التقرير أيضاً أن تنظيم «القاعدة» يستخدم اسم "أنصار الشريعة" كواجهة.