بعد إسدال الستار على مؤتمر باليرمو الذي عقد الشهر الماضي في إيطاليا بخصوص إيجاد مخرج للأزمة السياسية الليبية الذي أفرز مخرجات دون المأمول دون الحصول على إجماع داخلي وخارجي مهم، عادت إيطاليا مؤخرا لمحاولة لعب دور في الساحة الليبية من خلال تحركات نشطة لمسؤولين إيطاليين خاصة أن الملف شهد ركودا على الصعيد الدولي بعد الفشل المتتالي لمبادرات المجتمع الدولي.
كخطوة أولى لها دلالات عديدة، قررت الحكومة الإيطالية إعادة السفير الأسبق لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو غريمالدي، إلى طرابلس، لرئاسة بعثتها الدبلوماسية في العاصمة الليبية، خلفا للسفير جوزيبي بيروني، الذي سيترأس البعثة الإيطالية لدى طهران.
وكان جوزيبي بوتشيو غريمالدي، قد عمل سفيرًا لإيطاليا لدى ليبيا خلال الفترة من سبتمبر/ أيلول 2011 إلى فبراير/ شباط 2015، حيث أغلقت روما سفارتها في العاصمة الليبية، طرابلس، في تلك الفترة لأسباب أمنية.
حيث يكمن توصيف هذه الحركة أنها تدخل في إطار إدخال تعديلات للسياسة الإيطالية في ليبيا التي لم تكن ناجعة بالحد الكافي حسب مسؤولين إيطاليين.
في نفس سياق التحركات الديبلوماسية، فإن إيطاليا تعتزم إعادة نشاط قنصليتها في بنغازي حيث نقلت وكالة آكي الإيطالية للأنباء عن مصادر دبلوماسية إيطالية قولها إنه سيتم إعادة فتح القنصلية الإيطالية في بنغازي، شرق ليبيا. وكان قد تم إغلاق القنصلية كإجراء احتياطي عام 2013 بعد مهاجمة القنصل الإيطالي غويدو دي سانكتيس.
ويقوم رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي حاليا بزيارة إلى غرب وشرق ليبيا، من أجل لقاء جميع أطراف النزاع هناك، وسط تكهنات بالضغط من روما على كل من رئيس الحكومة، فائز السراج واللواء، خليفة حفتر من أجل إنهاء أي صراع أو تنافس والالتزام بمخرجات مؤتمر باليرمو.
ووصل كونتي في أول محطاته إلى العاصمة طرابلس التقى خلالها برئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، مؤكدا دعم بلاده لحكومة الوفاق وجهود المصالحة الوطنية وللمسار الديمقراطي ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قررته الحكومة مؤخراوفق تصريحاته.
من جهته، أكد السراج حرص حكومته على تعزيز وتنمية علاقات التعاون بين ليبيا وإيطاليا لتشمل مجالات حيوية وقطاعات خدمية متعددة، مشيرا إلى أنه ناقش مع كونتي تطورات الوضع السياسي في ليبيا، وما اتخذته حكومة الوفاق من خطوات على طريق الإصلاح الاقتصادي والأمني وفق مكتبه الإعلامي.
و يرى مراقبون أن زيارة كونتي للغرب والشرق تأتي في إطار دفع الأطراف الليبية لتفي بالتزاماتها تجاه معالجة تصحيح مسار العملية السياسية التي أخلت بكل مسارات التوافقات سواء أكانت بدافع خارجي أو داخلي.
في نفس الإطار، أكدت نائبة وزير الخارجية في الحكومة الإيطالية، إيمانويلا ديل ري أن إيطاليا تدعم الوساطة الأممية لترسيخ المؤسسات في ليبيا وإنهاء الفترة الانتقالية فيها.
وأضافت إيمانولا إيمانويلا خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية والأوروبية بمجلس النواب الإيطالي أن إنهاء الفترة الانتقالية التي وصفتها بالطويلة في ليبيا تعد أولوية إستراتيجية لبلادها، مشيرة إلى استعداد إيطاليا للمساعدة في إجراء انتخابات عامة في ليبيا خلال العام المقبل، وفق قولها.
ويرى متابعون أن هذه التحركات الإيطالية النشطة هدفها توجيه أعمال المؤتمر الوطني الجامع وتوظيف التراجع الأمريكي وكذلك احتواء التأثير الروسي المتنامي على أطراف الأزمة والأهم مواجهة وتسجيل نقطة ضد فرنسا.