سئل الحذيفة ابن اليمان (من معاصري الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب) ما النفاق فقال : "ان تقول بالاسلام ولا تعمل به" !! 
ويبدو ان أصدق وصف يمكن إطلاقه على الاشتباكات ــ التي دارت ، والدائرة حاليا ــ في مختلف المناطق بليبيا هو "حرب النفاق" المنطلقة من "الفوضى الهلاّكة" !!
فهل يعقل ان تنشب حرب في بلاد كليبيا النقية من المذاهب والشيع والطوائف بين فئتين كل منهما "يدين بالاسلام، او يقول به" ؟!! .. ويقتل فيها الـ "مؤمن" بالقرآن "مؤمنا" مثله وكلاهما يعرف ان الله قال في القرآن : "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم" ؟!!  
وهل لعاقل ان يصدّق ان تستخدم أطراف الاقتتال الاسلحة الثقيلة عشوائيا دون تقدير لسقوط قذائف الـ ((غراد)) و الـ ((هاون)) على رؤوس الابرياء من النساء والاطفال والشبوخ وهم في بيوتهم ، وفي شهر رمضان احد الاشهر الحرم التي كانت الجاهلية الاولى تتوقف فيه عن الحروب والغزوات ؟ لأن القتال في الشهر الحرم ((كبير وصدّ عن سبيل الله)) ؟!!
رغم ان ما سلف ذكره ((لايعقل)) و ((لا يصّق)) فقد حدث بحذافيره .. وأكثر من ذلك : فقد انطلقت الصواريخ، بعد ان اطلقت عشوائيا من داخل مطار طرابلس العالمي، وفي المنطقة المحيطة به، قبل ثلاثة ايام، لتسقط القذائف في مستودع شركة البريقة لتوزيع الوقود فتصيب أحد خزّانات الوقود المحتوي على 9 ملايين لتر بنزين وتشبّ فيه النيران محدثة حالة من الذعر والهلع بين المواطنين الذين اقاموا احياء سكنية ((عشوائيا)) خارج المخطط ودون تنسيق مع الاسكان والمرافق، او البلدية، وترتفع أعمدة الدخان في سماء المنطقة مشكلة تهديدا بيئيا وانسانيا .
واليوم سقطت قذائف المشتبكين على خلفية السيطرة على مطار طرابلس العالمي، الذي تحول الى ركام، على الخزّان الثاني بمستودع البريقة، والمحتوي على 15 ملين لتر بنزين (حسب ما صرخ به لنا السيد محمد الحراري المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط) فتضيف الى هلع وذعر متساكني المستودع هلعا وذعرا لسكان مدينة طرابلس بمجملها اذا ما وصلت نيران الحريق الهائل الى الخزّان الثالث المحتوي على 15 مليون لتر بنزين هو الآخر وسط انسحاب فرق الاطفاء من الدفاع المدني ومن قطاع النفط لعجزهم على مجابهة الحريق الهائل (حسب ما قاله السيد الحراري لنا ايضا) .
محلل سياسي لم يشأ تعريفه قال لنا : ((ان إثم ما يجري حول المطار الآن، وللأسبوع الثالث على التوالي،  يقع وزره على عاتق السيد نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام منتهي الصلاحية، عندما شرعن للمجموعات المسلحة والدروع بشن هجمات على الخارجين عن سلطة الدولة، كانه بذلك يمهد لـ ((حرب أهلية)) غير معروفة الأمد))  مضيفا : ((ان ما اقدمت عليه أمريكا، تحديدا، باخلاء سفارتها من طرابلس يشير الى معلوماتها بشأن مرحلة من الحرب الاهلية التي لا تريد لها ان تتوقف الا بعد فوز طرف وخسارة طرف آخر لتتعامل مع الفائز وهو منهك وعندها يتم ابرام ما يسمي "عقد الاذعان")) !!  
ولم يبتعد هذا المحلل السياسي عن الحقيقة المرة عند محاولة فهم القرار الامريكي باخلاء السفارة الامريكية أول أمس لموظفيها تحت غطاء السلاح الجوي الامريكي و((المارينز)) توقفت خلاله الاشتباكات ، وتعطلت اجهزة الاتصال، هذا الى جانب ما قررته الدول الاوروبية الاخرى، وتركيا بترحيل أطقم سفاراتها في ليبيا .. والطلب الى مواطنيها عدم السفر الى ليبيا . وما يجري في طرابلس منذ الاسابيع الثلاثة ، ليس بمعزل عما يجري في بنغازي منذ شهر أيار/مايو الماضي بين قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر وبين قوات " مجلس شورى ثوار بنغازي" المتكون :  من كتيبة 17 فبراير، وكتيبة انصار الشريعة،  وكتيبة راف الله السحاتي، فالحالتين هما : ((قتال بين فئتين كل منهما يقول بالاسلام)) !! 
فهلا من رجل رشيد يوقفهما  بعدما لم يجدي بيان (("تكرار" الحكومة الليبية المؤقتة مناشدتها لكافة الأطراف بالتوقف فوراً عن إطلاق النار حيث أصبح الوضع مأساوياً بطريق المطار بعد اندلاع النيران في الخزان الثاني للمشتقات النفطية مما ينذر بكارثة إنسانية وبيئية يصعب التكهن بعواقبها، وتحمّل الحكومة المسؤلية الجنائية والأخلاقية كاملة لهذه الأطراف التي مازالت متمادية في غَيِّها وعدم امتثالها لكافة الجهود المبذولة لوقف القتال)) كما ورد في البيان المنشور على صفحة الحكومة الليبية على الشبكة العنكبوتية ؟!!
وهلا من نسيان كل اطراف الاشتباكات ان ((التدخل الخارجي لوقف الاقتتال في ليبيا أمر بعيد الاحتمال في المدى القريب)) كما قال لنا وزير خارجية ليبي أسبق يعيش الآت في منفاه الاختياري ؟!!