بعد العراق وسوريا، بدأ تنظيم الدولة الاسلامية يتمدد في فضاء جديد. سياقات المرحلة وإرادات الأطراف المتداخلة جعلت هذا الفضاء الجديد بعيدا عن نواة التحركات الأولى. ففي ليبيا، ظهرت بصمات توسع داعش.

صرّح الجنرال الأمريكي دافيد رودريغاز، قائد القوات الأمريكية بإفريقيا "أفريكوم" للصحفيين: "يوجد في ليبيا معسكرات تدريب أقامها مقاتلون من داعش خصوصا في الشرق". يؤكد روديغاز أن "القوات الأمريكية في المنطقة تتابع هذه التحركات من قرب". وحسب تقديره "يوجد ما يناهز 200 جهاديا انتقلوا من معارك العراق وسوريا إلى ليبيا في الفترة الأخيرة".

إن تواجد عناصر متشددة في الشرق الليبي لا يعد بالمرة أمر جديدا. فمنذ سقوط نظام معمر القذافي سنة 2011 ومدينة درنة أصبحت معقلا للجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم أنصار الشريعة التي حولت المدينة إلى إمارة اسلامية. نفس التنظيم كانت قد أعلنته الأمم المتحدة تنظيما ارهابيا. وتعد درنة اليوم أهم مناطق تركز مقاتلي داعش الوافدين من العراق.

بعض المتابعين لشؤون الجماعات الارهابية يرون أن تنظيم أنصار الشريعة ليس سوى ثالث ثلاثة في شمال إفريقيا من التنظيمات التي تأوي رجال أبو بكر البغدادي، بعد تنيظم جند الخليفة في الجزائر وتنظيم أنصار بيت المقدس في مصر.

وفي تسجيل منسوب لزعيم تنظيم الدولة الاسلامية، تم تداوله مؤخرا، عبر البغدادي عن ارتياحه لتوسع الخلافة الاسلامية في شمال افريقيا كما في اليمن والسعودية. هذا وقد تناقلت صفحات شبكات التواصل التابعة لهذه الجماعات صور التجاق مقاتلين من داعش للجهاد في ليبيا.

السلطات الليبية ليست غافلة عما يحدث في الشرق، فعضو لجنة المصالحة الوطنية الشيخ عادل الفايدي صرّح هاتفيا: "داعش حاضرة في درنة، أو على الأقل توجد فيها جماعات تدعمها أو قدمت ولائها لأبي بكر البغدادي، هذا لا يخفى على أحد". يفسر الفايدي ذلك بالعامل الجغرافي، حيث أن "الطبيعة الجبلية لهذه المنطقة تجعل من العسير السيطرة على المدينة، علاوة على سهولة دخول المقاتلين الأجانب بما أن درنة تطل على البحر".

من جهة أخرى، يقول أحد أعيان قبائل جبل الأخضر، غير بعيد من درنة، أن هذه الجماعات "قامت باغتيال وخطف عدد كبير من الأشخاص في الاشهر الثلاثة الأخيرة". ويرى "أن هذه التنظيمات تريد أن تستفيد من حالة الفوضى السياسية التي تعيشها ليبيا لفرض وجودها". يقول محدثنا أيضا "أن ثمة تهديدات لزعماء القبائل كي يسحبوا ولائهم لخليفة حفتر الذي يقود العمليات ضد الجماعات الجهادية المسلحة" .

يرى الجنرال دافيد رودريغاز أن "مقاتلي داعش الذين يلتحقون بليبيا ليسوا من المتطوعين، وانما هم عبارة عن ميليشيات ذات ولاء تام لتنظيم الدولة الاسلامية". غير أن الجنرال الأمريكي لا زال يعتبر "أن هذه المعسكرات لا تمثل خطرا كبيرا إلى حد الآن، ولكن من واجبنا مراقبة تطورها".

لقد عبرت الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك دول الاتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة عن قلقها تجاه ما يحدث في ليبيا، وسقوط الجميع في دوامة العنف. حين سُئل الجنرال دافيد رودريغاز عن امكانية تدخل عسكري امريكي في ليبيا مثلما هو الحال في العراق او وسرويا، أجاب باقتضاب: "ليس هناك نية للتدخل الآن".

* دلفين مينوي – جريدة "لوفيغارو" / ترجمة شوقي بن حسن