يسود اعتقاد كبير بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن تركيا العضو في الحلف أصبحت عبئا عليه في ظل ممارساتها العدوانية وانتهاكها للقانون الدولي وإثارة الخلافات والانقسامات داخل الناتو الذي يواجه تحديات أمنية كبيرة ويبدو في غنى عن المزيد من المشاكل الجانبية داخله.
لكن تركيا التي باتت تتحدث بلهجة أشدّ من السابق تحمل في طياتها الكثير من الغرور والمكابرة، تعتقد من جهتها أن حلف الناتو سينهار من دونها.
وتفجرت في الآونة الأخيرة سجالات حادة بين أنقرة وباريس على خلفية التدخل التركي العسكري في ليبيا، يُرجح أن تتفاقم في قادم الأيام بسبب قناعة فرنسا بأن التساهل الغربي مع الانتهاكات التركية سيضرّ بالمصالح الأوروبية وسيجعل تركيا تتمادى في ممارساتها العدوانية على أكثر من جبهة.
وفي ما يبدو ردّ فعل على عدم تحرك الناتو في مواجهة الاستفزازات والانتهاكات التركية، أعلنت وزارة الجيوش الفرنسية الأربعاء أن فرنسا قررت الانسحاب مؤقتا من عملية للأمن البحري للحلف في البحر الأبيض المتوسط.
وقالت في مؤتمر صحافي عبر الهاتف في أجواء توتر شديد بين باريس وأنقرة، "قررنا سحب وحداتنا مؤقتا من عملية سي غارديان" بانتظار تصحيح الوضع.
وكانت باريس اتهمت تركيا باستهداف إحدى فرقاطاتها أثناء فحص سفن يشتبه بانتهاكها حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وقالت الوزارة الفرنسية مستهدفة أنقرة بالتحديد "لا يبدو لنا أمرا سليما الإبقاء على وسائل في عملية يفترض أن يكون من مهامها العديدة السيطرة على الحظر مع حلفاء لا يحترمونه"، في إشارة واضحة إلى تركيا العضو، مع فرنسا، في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتشترط فرنسا تحقيق أربعة مطالب بينها أن "يؤكد الحلفاء رسميا على تمسكهم والتزامهم باحترام الحظر" على الأسلحة في ليبيا. كما تريد وضع آلية أكثر دقة لفض النزاعات داخل الحلف الأطلسي.

ويقود الرئيس الفرنسي جهودا مكثفة لكبح الانتهاكات التركية في ليبيا وسوريا وفي شرق المتوسط، حيث دخلت أنقرة في معركة ليّ أذرع مع كل من قبرص واليونان على خلفية تنفيذها عمليات تنقيب عن النفط والغاز، متجاهلة الاعتراضات الأوروبية وأيضا رفض كل من مصر وإسرائيل لتلك العمليات بوصفها تهديدا لمصالحهما في المنطقة التي تضم مكامن ضخمة للنفط والغاز.واتهمت باريس أيضا تركيا باستهداف إحدى فرقاطاتها خلال اعتراض سفينة يشتبه بانتهاكها حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وهو ما نفته أنقرة. واعتبرت فرنسا ذلك دليلا جديدا على "الموت الدماغي" للناتو.
ورأى عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان ماري بوكيل عضو الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي أن "إمبريالية الرئيس التركي تخلق سياسة توتر وفي غالب الأحيان استفزازا"، مضيفا أن "كل ما آمل به هو ألا يعرّض ما يحدث في الوقت الحالي، وجود تركيا في الحلف الأطلسي للخطر".
وقال لاديسلاس بونياتوسكي "من أنتم؟ أين أصدقاؤكم؟. أنتم في الداخل أم في الخارج؟"، مذكّرا بشراء تركيا نظام الدفاع الصاروخي الروسي وبخلافها مع قبرص.
ويفترض أن يكون حلف الناتو قد أنهى التحقيق في حادثة وقعت في 10 يونيو/حزيران وأثارت قلقا بين أعضائه حين عمدت سفينة حربية تركية وبصورة متكررة إلى توجيه رادارها للتحكم في إطلاق النار إلى فرقاطة فرنسية.

*عن ميدل إيست أونلاين