تحولت ليبيا و منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي إلى مسرح رئيسي بلعب فيه التيار الجهادي دورا مركزيا في صناعة الأزمة و تعقيدها ،فالتيار الجهادي الليبي متمدد في الحركة الجهادية العالمية منذ أيام الجهاد الأفغاني ضد الروس في ثمنينات القرن الماضي و مازال صلبا ،بل ازداد صلابة اليوم في مهده .

فقد تحولت ليبيا إلى مسرح لردود الأفعال الجهادية خول ما يصيب نظرائهم خارجها ،ففي أغسطس 2012  هددت جماعة أنصار الشريعة في بنغازي بذبح سفير بورما خلال مظاهرة لها مظاهرة لمساندة المسلمين في بورما و ما يتعرضون له و قال أحد المتحدثين باسم أنصار الشريعة إن الجماعة ستذبح السفير البورمي إن لم تتوقف عمليات الإبادة ضد المسلمين ،كذلك تم قتل السفير الأمريكي في بنغازي السفير ، جي كريستوفر ستيفنز و ثلاثة موظفين  خلال الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في بنغازي ونفذه مسلحون جهاديون احتجاجاً على فيلم أميركي اعتبروه مسيئاً للإسلام،وأعلن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في بيان له حينها أن الهجوم جاء انتقاماً لمقتل الشيخ أبو يحيى الليبي، أحد قادتها في غارة جوية بطائرة من دون طيار في حزيران/يونيو الماضي2012.

و في السياق ذاته في يناير 2014 تم اختطاف خمسة موظفين مصريين في السفارة المصرية بطرابلس من بينهم  الملق الثقافي والملحق الإداري بالسفارة المصرية ،و جاء هذا الاختطاف ردا على اعتقال السلطات المصرية للرئيس السابق لغرفة ثوار ليبيا شعبان هدية، الملقب بـ"أبو عبيدة الزاوى" والمتهم بتفجير مبنى مديرية أمن القاهرة،و قد تم تحريرهم مع مفاوضات عسيرة، تم إطلاق سراحهم تزامناً مع قيام السلطات المصرية بالإفراج عن أبو عبيدة الزاوي.

و قبلها و تحديدا في شهر يونيو 2012 قام مسلحون جهاديون بالهجوم على مقر القنصلية التونسية ببنغازي  احتجاجا على نشر لوحات بمعرض العبدلية بالمرسى تسيء إلى المقدسات الإسلامية،على حد تعبيرهم و لم يوقع الهجوم أي خسائر بشرية،غير أن الهدف كان انتقاما لاعتقال عدد من عناصر جماعة أنصار الشريعة التونسية آنذاك.

إذا و بناء على هذه المعطيات،يرى مراقبون أن اختطاف السفير الأردني فواز العيطان اليوم (الثلاثاء) في العاصمة طرابلس لم يكن بالأمر البرئ أو ذا دوافع إجرامية لو لطلب فدية مالية بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى قضية المنظر الجهادي المعتقل اليوم في السجون الأردنية من أصل فلسطيني، محمود عمر عثمان الملقب بأبوقتادة، و الذي يحاكم على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب، بعد أن تسلمته السلطات الأردنية من نظيرتها البريطانية، في يوليو/ تموز من العام الماضي، بموجب اتفاقية تعاون قانوني.و يتهم أبو قتادة بالإرهاب من طرف عدة بلدان حول العالم كما ضم اسمه ضمن القرار الدولي رقم 1267 الصادر من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الذي صدر في عام 1999 والذي يختص بالأفراد والمؤسسات التي ترتبط بحركة القاعدة أو حركة طالبان.

و في مؤشر مهم على رجاحة هذه الفرضية ،فاثر انتشار خبر الاختطاف ،وعلى الفور كتب الجهادي الليبي السابق نعمان بن عثمان الخبير في الحركات الجهادية تغريدة على تويتر قال فيها " منذ  أسابيع وانا والأخ رجب لدينا التفاصيل المملة حول خطف السفير الأردني ، أي كذب من السلطات الرسمية غير مقبول وأضاف بن عثمان في تغريدة أخرى " منذ أسبوعين حذرت الحكومة من خف شخصية دبلوماسية في طرابلس والخميس أرسلت الرسالة للحكومة مع الدكتور رمضان بن زير .. يبدو أنها وقعت اليوم ".

كما أطلقت في الاونة الاخيرة التنظيمات الجهادية في المنطقة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي و على المنابر الجهادية الافتراضية تحت شعار "فكوا العاني" أي فكاك الاسرى لدى ما تعتبرها أنظمة طاغوتية ،و حرضت فيها على كل انواع الاعمال الانتقامية من أجل ذلك .

لتبقى هذه الأطروحة مجرد شكوك حتى تكشف الساعات القادمة من يقف خلف خطف السفير الأردني !!!