يسهم الجنوب الليبي بنحو نصف إنتاج ليبيا من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا، بينما يشكل انتشار الجماعات المسلحة تحديا أمام التنمية الاقتصادية في هذه المناطق. ولهذا السبب و أكثر يمثل أهمية إستراتيجية كبيرة في المعركة التي يخوضها الجيش الليبي من أجل استعادة الأمن والاستقرار في كافة أنحاء البلاد، فعبر أطرافه المترامية تجد الجماعات الإرهابية مساحة كبيرة للتمركز والاختباء، وأيضا قواعد انطلاق لشن عملياتها ضد المدن الليبية.

وأعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الخميس الماضي، السيطرة على حقل الفيل النفطي الكبير جنوب ليبيا. وقال الناطق باسم الجيش احمد المسماري عبر صفحته على "فايسبوك" إن "القوات المسلحة تبسط سيطرتها سلمياً على حقل الفيل وتقوم بتأمينه تمهيداً لتسليمه الى حرس المنشآت النفطية". وأضاف إن "القوات سمحت لطائرات شركات النفط المتجهة إلى حقل الفيل وحقل الشرارة القريب باستئناف الطيران". 

من جانبه،صرّح الناطق باسم المؤسسة الوطنية للنفط التي تدير الحقل في مشروع مشترك مع إيني الإيطالية: "تعرب المؤسسة الوطنية للنفط عن قلقها إزاء التطورات حول حقل الفيل النفطي، وتؤكد متابعتها للأوضاع عن كثب لضمان سلامة عامليها".

وتقوم قوات الجيش منذ منتصف يناير الماضي بحملة في جنوب غربي ليبيا قالت إن هدفها "القضاء على المجموعات الإرهابية والإجرامية".  وكانت سيطرت من دون قتال على مدينة سبها التي تقع على بعد 650 كلم جنوب العاصمة طرابلس إضافة الى حقل نفطي كبير قرب اوباري الأبعد جنوباً.

وفي شرق البلاد تسيطر قوات حفتر على أهم الموانئ النفطية وعهدت بإدارتها إلى المؤسسة الوطنية للنفط التي تحاول البقاء على الحياد بين المعسكرين المتصارعين على السلطة.

من جانب آخر،أعلن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مصطفى صنع الله، مساء الأحد، أن حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي جنوب البلاد مازالت مستمرة، مشيراً إلى أن هناك أسباب دفعت المؤسسة الوطنية للنفط لعدم رفع حالة القوة القاهرة.

وقال صنع الله خلال كلمة مسجلة على يوتيوب حول الأوضاع في الحقول النفطية بالجنوب الليبي إن "هناك أسبابا دفعت المؤسسة الوطنية للنفط إعلان حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة يوم تم إقفال حقل الشرارة في 9 ديسمبر 2018 الساعة الرابعة والنصف عصرا قبل 77 يوما من الآن"، مشيراً إلى أن "بسبب هذه الظروف، حالة القوة القاهرة لا زالت موجودة إلى الآن وبالتالي يتعذر رفعها".

وأضاف رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط أن "حقل الشرارة النفطي تعرض في 9 ديسمبر 2018 إلى هجوم عنيف من قبل ما يعرف بحرس المنشآت النفطية أو الحراس في الحقل وأجبروا العاملين على إقفال الحقل".

وأوضح أن "الحقل إلى الآن مازال مقفلا بسبب وجود مجموعة مدنيين تابعين هذه المليشيا المسلحة مع بعض العسكريين أيضا"، موضحاً أن المؤسسة قامت بإجراءات قانونية تجاههم جميعا وقدمت شكوى لتحريك دعوى جنائية ضدهم أمام مكتب النائب العام الليبي".

جدير بالذكر أن القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية قد أعلنت في 11 فبراير/شباط الماضي عن سيطرتها على حقل الشرارة النفطي الواقع جنوب غربي البلاد بشكل كامل، مشيرة إلى أن وحدات الجيش الليبي باشرت في تأمين الحقل ومحيطه بالكامل حيث جاءت عملية السيطرة بعد التنسيق مع حرس المنشآت النفطية وقبائل وأعيان الجنوب الليبي مطالبة المؤسسة الوطنية للنفط بضرورة رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة النفطي، التي أعلنتها في وقت سابق.

وتعكس التطورات العسكرية وجها آخر من وجوه الصراع في ليبيا، الذي يُشكل النفط إحدى أبرز حلقاته، وهو ما يُفسر إلى حد ما سعي الفرقاء إلى محاولة السيطرة على الموارد والمنشآت النفطية في البلاد التي تبقى من أبرز العناصر القادرة على تغيير موازين القوى السياسية.

يرى مراقبون أن الصراع على النفط في ليبيا حقيقة لا جدال فيها، وما يجري حاليا في جنوب البلاد يعكس في جزء منه ذلك الصراع الذي له امتدادات في المواقف السياسية الداخلية الليبية، وكذلك في المقاربات الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة الليبية.