تريد المفوضة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، فيديريكا موغيريني، إلى جانب الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، إنقاذ الأشخاص العالقين في مراكز الاعتقال سيئة الذكر في ليبيا. وقد خصص الاتحاد الأوروبي للتو مبلغا إضافيا قدره 100 مليون يورو (120 مليون دولار) لشركائه والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لدعم هذا العمل على أرض الواقع.

ويمكن اعتبار الهدف مكسبا للجانبين في ظل الظروف الصعبة للغاية. ويمكن لرعايا بلدان ثالثة الاستفادة من المساعدات الدولية للعودة إلى ديارهم، بعد فشلهم في الوصول إلى حياة أفضل، ولكن على الأقل لم يعودوا عرضة للتعذيب الذي توثقه منظمة العفو الدولية ومنظمات غير حكومية أخرى. وفي الوقت نفسه، سيكون بمقدور الاتحاد الأوروبي أن يقلل من عدد المهاجرين المحتملين الذين يصلون إلى الشواطئ الإيطالية.

ولكن أزمة الهجرة ليست التحدي الوحيد، وربما ليست حتى الأكبر، الذي تواجهه ليبيا الآن. وستكشف الأيام القليلة القادمة عما إذا كانت هناك بوتقة من العنف والطموح السياسي تغلي منذ فترة طويلة. علما أن الاتفاق السياسي الليبي الذي توسطت فيه الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذي أبرم في 17 ديسمبر / كانون الأول 2015، وصل إلى نهايته وصلاحيته المحددة في عامين.

"حكومة وفاق وطني" بعيدة المنال

ولا يزال فايز مصطفى السراج، الذي عينه هذا الاتفاق رئيسا للمجلس الرئاسي الليبي ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، لا يتمتع بسلطة ولا سيطرة على البلد بأسره.

ويأمل العديد من أصحاب المصلحة أن يمر تاريخ انتهاء الاتفاق دون وقوع حادث، وأن يكون الموعد مجرد تذكير مؤسف بأن القيادة السياسية للبلاد لا تزال متقلبة وعلى قدر كبير من التناحر الداخلي. ولكن هذه الآمال تبدو ضئيلة بالفعل وتعتمد إلى حد كبير على تصرفات قائد الجيش الوطني الليبي الجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا من قاعدته في بنغازي، وقد سبق أن رفض دعم حكومة الوفاق. كان حفتر صديقا سابقا ثم خصما للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والآن يريد أتباعه منه أن يعلن نفسه رئيسا للبلاد.

مشاركة حفتر تعطي رسائل مختلطة

وتظهر وسائل الإعلام المحلية في ليبيا أنصار حفتر وهم يتظاهرون ضد انتخابات مقررة العام المقبل تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك باستخدام "17 كانون الأول / ديسمبر" كصرخة تحشيد وتعبئة لحفتر لتولي السلطة.

تقول ماري فيتزجيرالد، المحللة المستقلة التي عاشت في ليبيا لسنوات: "هناك الكثير من الخوف فيما يتعلق بما يمكن أن يحدث في هذا التاريخ وحوله". ووصفت حفتر بأنها "أكبر عقبة" أمام المصالحة. وقالت فيتزجيرالد لـ "دوتشي فيلي": "لقد أوضح هو وشركاؤه كيف أنهم منحوا السياسيين الليبيين مهلة نهائية، وإذا فشلوا في تحقيق أي شيء بحلول هذا الموعد النهائي، فسيتعين على قواتهم التحرك". "التحرك والقيام بماذا ، ذاك سؤال آخر، ولكن بالتأكيد تم تكثيف الخطاب في الأسابيع الأخيرة".

وقد أسفرت جهود المجتمع الدولي لجعل حفتر جزءا من المعادلة عن بيانات من الجنرال تعهد فيها بالالتزام بعملية سياسية عادلة وسلمية، ولكن ذلك لم يوقف الاضطرابات في الشوارع.

هل سيضمن الإدماج التعاون؟ 

حذر إيلي أبو عون مدير برامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في معهد السلام الأميركي من أنه "لا يمكن لأي ليبي أن يضع حدا لولاية الأمم المتحدة" بما في ذلك حفتر،

وقال أبو عون لـ "دوتشي فيلي" إن الأمم المتحدة بدأت مؤخرا في إدراج حفتر في التخطيط المستقبلي. وقال أبو عون: "جميع خرائط وخرائط الطرق السابقة للأمم المتحدة استبعدت حفتر صراحة أو ضمنا". وأضاف "قد يُصعِّد على الأرض ويتحدى الأمم المتحدة لكنه لن يذهب إلى حدّ توجيه ضربة قاضية للأمم المتحدة".

ويشير أبو عون إلى أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ارتكبتا خطأ في عدم إدماجه في وقت مبكر من هذه العملية. يقول مارك كيرستين، وهو زميل في مدرسة مونك للشؤون العالمية، الذي كتب كتاب "العدالة في الصراع" حول تقاطع العدالة والسلام والصراع في ليبيا، إن هناك أخطاء كثيرة أخرى في الطريقة التي تعامل بها العالم مع ليبيا.

 الغرب مهد الطريق لعدم الاستقرار في ليبيا

وقال كيرستين لـ "دوتشي فيلي": "هناك الكثير من الندم لدى الدول الغربية التي لم تفكر في "ما بعد إسقاط القذافي ". وأضاف "نقول إنهم يقللون من خطورة المشاكل السياسية التي قد تنتج عن تغيير النظام دون النظر فيما سيحدث بعد ذلك".

وأشار إلى أن الأمور أصبحت دائرة مغلقة الآن بالنسبة للدول التي أطاحت بالقذافي في عام 2011 ثم غادرت. وقال "لقد فتحوا بابا لانعدام الأمن وتهريب البشر وعدم الاستقرار في المنطقة". وأضاف "هذا أمر ما زلنا نشعر بآثاره".

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة