تتجه الأوضاع في ليبيا نحو تدخل مصري مباشر تزداد ملامحه يوما بعد يوم وذلك ردا على العدوان التركي السافر على الأراضي الليبية واستمرار أنقرة في عمليات نقل المرتزقة والارهابيين واغراق البلاد بشحنات السلاح تحضيرا لمعركة يدفع اليها النظام التركي بهدف السيطرة على مدينتي سرت والجفرة ووضع يده على الحقول النفطية بما يمكنه من نهب ثروات الليبيين.
خطوة جديدة أقدمت عليها القاهرة،جاءت مع اعلان البرلمان المصري موافقته على نشر قوات مسلحة مصرية في مهام قتالية بالخارج، وعلى نشر قوات للدفاع عن الأمن القومي، وتحديدا في الإطار الاستراتيجي الغربي؛ في إشارة إلى الحدود مع ليبيا.وجاءت هذه الموافقة في سياق التحضير لتدخل مصر العسكري المباشر في ليبيا لدحر الغزو التركي والقضاء على مليشيات ومرتزقة أردوغان الذين باتوا يهددون ليبيا والمنطقة ككل.
وذكر بيان للبرلمان أن المجلس وافق بإجماع آراء النواب الحاضرين على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية؛ للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، ضد أعمال "الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات".وأضاف البيان أن "القوات المسلحة وقيادتها لديها الرخصة الدستورية والقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على هذه الأخطار والتهديدات".
وتأتي خطوة البرلمان المصري في أعقاب لقاء جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي،بمشايخ وأعيان القبائل الليبية،الذين أكدوا تفويضهم للرئيس المصري والقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية، واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر ومواجهة التحديات المشتركة.
وقبل ذلك مجلس النواب الليبي رسميا القوات المسلحة المصرية للتدخل العسكري في ليبيا دعما لليبيين في حربهم ضد الاحتلال التركي الذي يسعى للسيطرة على الحقول النفطية ونهب ثروات البلاد دعما لاقتصاد أنقرة المتداعي. وقال في بيان، إن "للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطراً داهماً وشيكاً يطال أمن بلدينا.
وأشار بيان مجلس النواب الليبي إلى أن البلاد تتعرض لتدخل تركي سافر وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة المليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم.وأوضح أن "مصر تمثل عمقا استراتيجيا لليبيا على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على مر التاريخ، وأن الاحتلال التركي يهدد ليبيا بشكل مباشر ودول الجوار في مقدمتها مصر، والتي لن تتوقف إلا بتكاتف الجهود من دول الجوار العربي".
ويطرح التدخل المصري في حالة حدوثه تساؤلا كبيرا حول مدى قدرة القوات المسلحة المصرية على تغيير موازين القوى في ليبيا؟وهو تساؤل أجاب عليه الرئيس المصري خلال لقائه الأخير مع مشائخ وأعيان القبائل الليبية حين أكد أنه "إذا تدخلت مصر في ليبيا ستغيّر المشهد العسكري بشكل سريع"،مضيفا بالقول "لدينا أقوى الجيوش في المنطقة وأفريقيا".
ويعتبر الجيش المصري واحدا من أقوى الجيوش في العالم، فوفقا لتصنيف موقع "غلوبال فاير باور" الصادر هذا العام، والمتخصص بتصنيف جيوش العالم حسب قوتها،احتل الجيش المصري المرتبة التاسعة بين أقوى 138 جيشا حول العالم،وهو الأمر الذي يشير إلى إمكانيات التسليح الكبيرة التي يتمتع بها، وجاهزيته العالية.
وفيما يتعلق بالقدرات العسكرية المصرية، يمتلك الجيش المصري 1054 طائرة حربية متنوعة، بينها 215 مقاتلة، و88 هجومية، و59 نقل عسكري، إضافة إلى طائرات التدريب والمهام الخاصة والمروحيات التي يصل عددها إلى 294 مروحية بينها 81 مروحية هجومية، بحسب "غلوبال فاير باور".
كذلك تمتلك مصر أكثر من 4.2 آلاف دبابة، وأكثر من 11700 مدرعة، إضافة إلى أكثر من 2100 مدفع ميداني، وأكثر من 1100 مدفع ذاتي الحركة، ونحو 1100 راجمة صواريخ.أما قوة الجيش المصري البحرية فتتكون من 7 فرقاطات، و7 طرادات، و45 زورق دورية، و31 كاسحة ألغام بحرية، إضافة إلى 8 غواصات بينها 3 غواصات هجومية.
وحلّ الجيش المصري في المركز الرابع عالميا، في قوة الدبابات، والسادس عالميا في العربات المدرعة، والسادس عالميا في المدفعية الذاتية.وحصد الجيش المصري نقاطا مرتفعة في قوة قواعد الصواريخ، التي حلت كذلك بالمرتبة السادسة عالميا.أما في القوة البحرية، فحصل الجيش المصري على تقييم مرتفع جدا في قوة الألغام والألغام البحرية، التي جاءت بالمركز الثاني عالميا، بينما حصلت مصر على المركز الثالث عالميا في تقييم حاملات الطائرات التابعة للجيش المصري.وفي القوة الجوية، جاءت المقاتلات التدريبية المصرية في المركز الخامس عالميا، بينما حلت المروحيات المصرية المقاتلة بالمركز الثامن عالميا.
ويبدو واضحا أن مصر تملك من القدرات العسكرية ما يمكنها من قلب موازين القوى في ليبيا،وهو ما ذهب اليه تقرير لمؤسسة إخبارية أوروبية،الثلاثاء 21 يوليو 2020،أكدت فيه إن الجيش المصري يمكنه سحق القوات التركية وطردها من ليبيا قبل أن تتمكن أنقرة من إرسال تعزيزات، وذلك في حال وقوع مواجهة شاملة بين الدولتين، عقب التحذيرات التي وجهها أخيرا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
واعتبرت "مودرن دبلوماسي" في تقريرها، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو حاليا "أكثر اللاعبين عدوانية ودموية" في ليبيا.مشيرة الى إن تدخل أردوغان في البلد العربي لا يعتبر مفاجئا، وإن أنقرة لا تكترث لأمر الشعب الليبي، خاصة أنه لا يوجد أي ارتباط بينهما، سوى "الإرث الاستعماري للإمبراطورية العثمانية".
ولفت التقرير إلى أن مصر وتركيا تمتلكان قوة عسكرية متوازية تقريبا، لكن مصر تتمتع بأفضلية في ليبيا.وقال:"هذا لأن مصر تمتلك حدودا مع ليبيا تزيد على 1115 كم، ما يعني أنها قادرة على نشر قوات بسرعة كبيرة.. كما أن مصر ستستفيد كثيرا من قاعدة محمد نجيب العسكرية، التي تعد أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، والتي لا تبعد كثيرا عن الحدود الليبية".
وأكد التقرير أنه "في حال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين مصر وتركيا، فإنها بالتأكيد ستؤدي إلى هزيمة القوات التركية.. وهذا يعني أن القوات المصرية قادرة بالنهاية على إخراج القوات التركية من ليبيا بشكل أسرع من أن تتمكن أنقرة من إرسال تعزيزات عسكرية.. وما يعزز هذا السيناريو هو امتلاك مصر أسلحة متطورة، فيما تمتلك قواتها خبرة طويلة في قتال الصحراء؛ من خلال عملياتها المتواصلة ضد الإرهاب في صحراء سيناء".
من جانبه،أكد الجيش الليبي،أن مصر أقوى من تركيا وقادرة على قلب موازين المعركة،وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي العميد خالد المحجوب، إن الجيش المصري يتفوق بشكل كبير على نظيره التركي، وقادر على قلب موازين المعركة على الأرض في ليبيا.وأضاف المحجوب خلال تصريحات تلفزيونية، أن القوات المسلحة الليبية جاهزة لصد أي هجوم جوي أو بري أو بحري، موضحا أن الدعم المباشر من مصر بالإضافة إلى المساندة الدولية والإقليمية جعلت تركيا تقلل من حدة التصريحات.
وفي وقت سابق،اعتبرت مجلة "فوربس" الأمريكية،في تقرير لها أن أي قرار من أنقرة بالدخول في مواجهة شاملة ضد القوات المصرية سيكون مغامرة كبيرة.واعتبر التقرير أنه إذا قرر أردوغان إرسال قوات جوية وبحرية وبرية ضخمة إلى ليبيا فإنها لن تكون كافية للدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع القوات المصرية ذات القدرات العالية والكبيرة، كاشفا أن تقارير موازين القوى في العالم صنفت مصر على أنها تاسع أكبر قوة عسكرية في العالم في حين جاءت تركيا في المركز 11.
وتواصل حكومة الوفاق بدعم تركي عمليات التحشيد تحضيرا للهجوم على مدينة سرت،وفي المقابل أعلن الجيش الوطني الليبي استعداده لصد اي محاولة للاقتراب من المدينة.ونفذت القوات البحرية للجيش الوطني تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ سطح من مدينة طبرق الساحلية بالقرب من الحدود المصرية، وقالت إن مداه يصل إلى 80 كيلومتراً وقادر على إغراق أكبر قطعة بحرية تركية قبالة السواحل الليبية.
ويسعى أردوغان للسيطرة على مدينة سرت كونها مفتاح السيطرة على منطقة "الهلال النفطي" في ليبيا ، والتي تساهم بنسبة 60٪ من صادرات النفط الليبية.ومدينة سرت التي لديها حقول نفط مهمة ومرافق تحميل الناقلات،ذات أهمية عسكرية أيضًا،كونها مدينة حامية تسمح بالسيطرة على الساحل الليبي بين طرابلس إلى الغرب وبنغازي من الشرق.أما الجفرة،فتحتوى على قاعدة جوية تسمح بالسيطرة على المجال الجوي الليبي بأكمله،بالإضافة إلى كونها طريقًا رئيسيًا يربط جنوب البلاد بالساحل.وخلاصة القول ، إن السيطرة على الجفرة يعني السيطرة على كل ليبيا.
ويعتمد النظام التركي على حكومة الوفاق لمحاولة شرعنة غزو ليبيا ومحاولة السيطرة على ثرواتها النفطية بما يخدم مصالحه.ويرى مراقبون أنه من الطبيعى جدا أن يكون لمصر دور فعال ومؤثر فى الأزمة الليبية باعتبار أنها تتشارك مع ليبيا فى مصالح كثيرة، إضافة إلى الامتداد التاريخى والجوار، وهناك أيضا مشاركة فى المسألة الأمنية والاقتصادية.ويشير هؤلاء الى ان مصر لن تسمح باستمرار العبث التركي في ليبيا وأنها قادرة على انهاء فوضى المليشيات والمرتزقة حال تدخلها.