نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرا تحذر فيه من إمكانية تحول ليبيا إلى مسرح لحرب بالوكالة متعددة الجنسيات بحيث تكون البلاد ضحية للصراع بين القوى الدولية والإقليمية. 

وقالت الصحيفة إن ليبيا التي عاشت في حرب أهلية متقطعة منذ عام 2011 أصبحت الآن على شفا الانضمام إلى سوريا كموقع لصراع كبير متعدد الجنسيات. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس الماضي أنه سيطلب من برلمانه هذا الأسبوع السماح بنشر قوات تركية للدفاع عن حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها. والتدخل التركي هو استجابة لتقارير تزعم ظهور أكثر من ألف من المرتزقة الروس في صفوف قوات الجيش الوطني الليبي التي تحاصر العاصمة وهي التقارير التي نفتها موسكو، ويدعي البعض أن ظهور هؤلاء المرتزقة المزعومين هو الأمر الذي تسبب في حدوث تحول في الخطوط الأمامية لأول مرة منذ شهور.

وانضمت قطر إلى تركيا في دعم حكومة الوفاق المعترف بها في الأمم المتحدة. تم تجهيز كلا الجانبين الآن بأساطيل من الطائرات بدون طيار التي تسببت في خسائر بشرية كبيرة يمكن أن يؤدي تصاعد القتال إلى موجة جديدة من اللاجئين إلى أوروبا والسماح لتنظيم داعش الإرهابي بالحصول على موطئ قدم في ليبيا.

وأوضحت واشنطن بوست أن كل هذا يحدث جزئياً لأن الولايات المتحدة فشلت في ممارسة نفوذها مع المقاتلين وحلفائهم الخارجيين. وبدلاً من ذلك أرسلت إدارة ترامب إشارات مختلطة. ورسميا تدعم واشنطن حكومة الوفاق، لكن في أبريل الماضي أجرى الرئيس ترامب مكالمة هاتفية مع المشير حفتر -أحد سكان الولايات المتحدة في وقت ما-وأشار إلى دعمه لقضيته.

وفي الآونة الأخيرة اعترضت الإدارة على التدخل الروسي وحاولت إقناع كل من المشير حفتر وحكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالموافقة على تسوية تفاوضية. لكن الرئيس ترامب ناقش قضية ليبيا يوم الخميس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أحد أقوى مؤيدي حفتر. وقال بيان غامض للبيت الأبيض إن الاثنين "رفضا الاستغلال الأجنبي واتفقا على أنه يجب على الأطراف اتخاذ خطوات عاجلة لحل النزاع قبل أن يفقد الليبيون السيطرة لصالح جهات أجنبية".

وليس هناك شك في أن الممثل الأجنبي الذي تعترض عليه مصر هو تركيا. وينظر إلى حكومة الرئيس أردوغان الإسلامية في القاهرة على أنها تدعم القوى الإسلامية الليبية؛ وفي المقابل يطمح المشير حفتر في السير على خطى الرئيس المصري الحالي. في الواقع صرح الصحفي سودارسان راغافان مدير مكتب واشنطن بوست في القاهرة بأن الإسلاميين يقاتلون من كلا الجانبين وتأثيرهم محدود.

وبدأت الفوضى في ليبيا بعد أن انضمت الولايات المتحدة إلى الحلفاء الأوروبيين في المساعدة على إسقاط الرئيس الصالح معمر القذافي في عام 2011، ثم لم تبذل أي جهد جاد لتحقيق الاستقرار في البلاد بعد ذلك. وأنتجت سنوات من مضنية من وساطة الأمم المتحدة في نهاية المطاف إلى مزيج من المجموعات المتنافسة.

ولعبت روسيا دوراً بارزاً.والرئيس بوتين -الذي اعترض بشدة على الإطاحة بنظام القذافي-يود استعادة نفوذ موسكو في البلاد كما فعل في سوريا، ومن شأن تشريع ينتظر ان يقره الكونجرس الأمريكي أن يعاقب روسيا على تدخلها في ليبيا؛ إذا كانت إدارة ترامب تريد حقًا فرض حل دبلوماسي فستحتاج إلى مثل هذه الأدوات.