يجند تنظيم داعش أتباعه بشكل أسرع تصعب مواكبته، ويتجه الآن نحو الهلال النفط في ليبيا، متطلعا إلى مليارات براميل هذا البلد الذي وقع ضحية اقتتال داخلي، بشكل لم تُجد معه الضربات الجوية الامريكية.

 ووفقا للأرقام بالمخابرات الامريكية، هناك ما يقدر بحوالي 6000 مقاتل لداعش في ليبيا الأن، معقلهم في مدينة سرت، كما ذكرت Oilprice.com في الماضي. وانطلاقا من هنا، يسيطرون على بعد مئات الأميال من الساحل. وسرت مجرد قاعدة استراتيجية لهم ولا يوجد فيها ما يستأثر باهتمامهم.

كما تم تتبع مقاتلي داعش في بنغازي، ولكن هنا لم يكونوا قد عززوا السيطرة عليها بعد. ومع ذلك، تعد بنغازي مكان التجنيد المهم بالنسبة للتنظيم. وبشكل أكثر تحديدا، بنغازي هي المكان الذي يمكن أن تحشد داعش فيه قواها مع فصائل متطرفة كأنصار الشريعة وتنظيمات أخرى.  ووتيرة التجنيد في المنطقة أسرع من أي مكان آخر في الماضي. داعش يحتضن الفصائل الراديكالية الجديدة أينما ذهب. وكلما كانت هجماته واستيلاؤه على الأراضي أكثر نجاحا، أصبح التنظيم أكثر نجاحا في التجنيد. في ليبيا، خفتت قوة أنصار الشريعة بسرعة.  أمام داعش. الذي بات أكثر وحشية، وأكثر حسما. إما الالتحاق بالتنظيم أو التعرض للقتل.

قدرة داعش على شن هجمات لا يقتصر على مدينة سرت، التي هو مجرد نقطة انطلاق، أو حتى إلى بنغازي. ويمكن للتنظيم أن يشن هجوم على أي مكان باستخدام الكر والفر والتفجيرات الانتحارية.

 لكن ماذا بعد؟ يتعلق الأمر باستراتيجية ذات محاور متعددة هنا. أولا، الاقتراب أكثر من أوروبا. والثاني الاقتراب أكثر من إفريقيا. أما الهدف الثالث فهو التقرب نحو المزيد من عائدات النفط لملء سريع لخزائن التنظيم المستنفدة في سوريا وشمال العراق.

لا يوجد نفط في سرت، ولكن كان داعش قادرا على السيطرة على هذه المنطقة لئن لا أحد كان يوليها الاهتمام الذي تستحقه. القبائل هنا توالي القذافي، لكنها أخذت المقعد الخلفي أمام جماعة أنصار الشريعة، التي أخذت بدورها أخذت المقعد الخلفي عندما وصل تنظيم داعش

وقد تمكن داعش إلى حد كبير من النشاط في سرت وما حولها بسبب الحرب الأهلية المستعرة التي تدور بين الحكومتين الليبيتين المتناحرتين. ولكن داعش يستهدف الآن المنشآت النفطية الليبية، الأمر الذي استدعى الضربات الجوية الامريكية.

في الشهر الماضي، هاجم تنظيم داعش السدرة ورأس لانوف، التي تقع إلى الشرق من سرت وراء المنطقة الخاضعة لسيطرته. والسدرة ميناء النفط، وأكبر ميناء تصدير في ليبيا، تصدر ما يقرب من 450 ألف برميل يوميا. فيما تعتبر رأس لانوف منطقة تكرير. ولدى رأس لانوف خزانات، والخزان الذي تعرض للهجوم من داعش كان يحمل حوالي 400 ألف برميل من النفط.

في شريط فيديو، كان تنظيم داعش واضحا بأنه ليس لديها نية للتوقف في السدرة ورأس لانوف: " اليوم ميناء السدرة ورأس لانوف وغدا ميناء البريقة وبعد ذلك موانىء طبرق، السرير وجالو والكفرة".

 عندما يحصل داعش على موطئ قدم في الصحراء الجنوبية للهلال النفطي ستكون هذه نقطة اللاعودة.

 وقد أمنت داعش بالفعل مسارا نحو "الهلال النفطي"، والذي يشمل جميع الحقول المنتجة في الصحراء الجنوبية. إنه يفعل ذلك من خلال السيطرة على بلدة النوفلية الصحراوية، وهي على بعد 50 كيلومترا عن السدرة.

 على المحك هنا ثروة ليبيا النفطية المقدرة بـ 48 مليار برميل من احتياطي النفط يعد الأكبر في أفريقيا. وأغلقت الحرب الأهلية وحدها أكثر من ثلاثة أرباع الإنتاج في ليبيا، أمر قد يكون جيدا في ظل وفرة إمدادات النفط الحالية، ولكنه أمر سيء جدا بالنسبة لليبيا والاستقرار في المنطقة.

إن الضربات الجوية الامريكية ليس من المرجح أن تكون كافية. تنظيم داعش نقش مساره بالفعل نحو الهلال النفطي، وبدون حكومة وحدة فاعلة في ليبيا، لا توجد فرصة لطردهم. وبذلك لن تكون الضربات الجوية أكثر من ضمادة على جرح غائر.