كشفت وثائق جديدة مسربة من وثائق وزارتي الخارجية والدفاع الامريكية تعود الى الفترة المحيطة بهجوم بنغازي في 11 أيلول 2012، حيث قتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز،عن حقائق جديدة حول الحادثة و عن علم الولايات المتحدة بشحنات سلاح الجيش الليبي التي تم ارسالها الى سورية في نفس الفترة و منحها للجماعات المسلحة هناك.

الوثائق الجديدة ترجمتها صحيفة "الاخبار اللبنانية" في عددها الصادر اليوم الجمعة نقلا عن منظمة أمريكية نجحت في تسريبها في الأيام الأخيرة. و جاء في تقرير الاخبار :" في الأيام الماضية، أجبرت مجموعة حقوقية (يمينية) أميركية، اسمها «جوديشيال واتش»، الدولة الأميركية على الكشف عن مجموعة وثائق ورسائل من أرشيف وزارتي الخارجية والدفاع، بعد دعاوى قضائية استمرت لأكثر من سنتين. ما تثبته هذه الوثائق، على الرغم من أن أجزاءً كبرى منها قد طالها مقصّ الرقيب، هو أن الحكومة الأميركية لن تتمكن من أن تنكر دورها في بناء «الإمارة الإسلامية» في شرق سوريا، أو صعود التيارات السلفية في البلد، ومدّها بالسلاح من ليبيا."

الوثيقة الثانية، وهي تعود لشهر أغسطسط 2012 ، تثبت أنّ الولايات المتحدة كانت على علمٍ (أو تشرف على) بإرسال شحنات السلاح من عتاد الجيش الليبي السابق الى سوريا، وأن هذه الشحنات كانت تنطلق من ميناء بنغازي الى موانئ بانياس وبرج الإسلام على الساحل السوري. بل إن الوثيقة تقدّم «جردة» بنوعية السلاح المرسل وكميته، وهو يتضمن قناصات وقواذف صاروخية وقذائف مدفعية ثقيلة.

أمّا الوثيقة الأخيرة، فهي قد تكون الأكثر إحراجاً بالنسبة الى إدارة أوباما في الداخل الأميركي (فالناخبون الأميركيون، في نهاية الأمر، لم يحاسبوا حكومتهم يوماً على جرائم ارتكبتها بحق شعوب أخرى)، فهي تتعلّق بالهجوم على القنصلية الأميركية.في بنغازي، الذي أدى الى مقتل أربعة أميركيين، بينهم السفير «كريس ستيفنز».على عكس ادعاءات أوباما، وهو كان يخوض حملة رئاسية يومها في وجه ميت رومني، وكان هجوم بنغازي إحدى نقاط الهجوم عليه، فإن الاستخبارات الأميركية كانت تعرف، منذ اللحظة الأولى، هوية مرتكبي الهجوم والمجموعات التي شاركت في تخطيطه.

بحسب التقرير، الذي أُرسل ــ في اليوم التالي للهجوم ــ الى مختلف إدارات وزارة الخارجية، بما في ذلك مكتب هيلاري كلينتون، فإن الاعداد للهجوم كان قد تمّ قبل عشرة أيام، وهو كان يهدف الى قتل «أكبر عدد ممكن من الأميركيين» انتقاماً لمقتل «أبو يحيى»، أحد قادة «طالبان» في باكستان، وتم اختيار الموعد ليتوافق مع الذكرى الحادية عشرة لهجمات 11 أيلول 2001.إضافة الى كشف معرفة الرئيس الأميركي وإدارته بهوية المنفذين والمتعاونين معهم (متضمناً أسماء المجموعات وعديدها ونسبها السياسي)، وأن الأمر لم يكن محاطاً بالغموض ويحتاج الى تحقيقات موسّعة كما ادّعى البيت الأبيض يومها، فإن الوثيقة تثبت أن الادارة الأميركية استمرّت في التعاون مع مجموعات ــ على رأسها الإخوان المسلمون ــ كانت تعرف بتورطهم في قتل دبلوماسييها.

الأميركيون، إذاً، كانوا على علمٍ بصعود ما صار اسمه «تنظيم الدولة» واتجاهه نحو تأسيس إقليم/إمارة يتبع له في شرق سوريا وغرب العراق. وبدلاً من النظر الى التنظيم القاعدي كعدو وتهديد، فإن الادارة الأميركية اعتبرته مكسباً لسياستها في المنطقة، ودعمت ــ مع حلفائها ــ هذه العملية بوعيٍ كامل لنتائجها المستقبلية.هذه الوثائق تثبت أيضاً، للمرة الأولى، أن البيت الأبيض كان مطلعاً عن كثب على عمليات توريد الأسلحة الى سوريا منذ أواخر عام 2011، ويملك معلومات دقيقة عن أنواعها وكمياتها.