بدا الدكتور عمر القويرى وزير الإعلام الليبى خلال زيارته القاهرة مؤخرا، متفائلا بإمكانية انتصار ماوصفه بالشرعية ممثلة فى مجلس النواب المنتخب والحكومة المنبثقة عنه والجيش الوطنى الليبى فى معركته ضد الجماعات الإرهابية،
مؤكدا أنهم يسيطرون الآن على 95% من مساحة بنغازي، وأن المعركة لصالحهم فى طرابلس . واستبعد أن يحدث تقسيم فى ليبيا، ورحب بقرار مجلس الأمن إعلان جماعة أنصار الشريعة منطمة إرهابية، وفى الوقت نفسه دعا إلى تحرك عربى لدعم ليبيا فى معركتها ضد الإرهاب.
رفيما يلي حوار أجرته صحيفة « الاهرام » المصرية مع القويري وتنشره في عددها لليوم الأحد

ماهى الرسالة التى تودون إيصالها للمصريين بشأن التطورات فى ليبيا؟

مصر قلبا لعروبة النابض بجيشها وأزهرها وإعلامها ومثقفيها، وبالتالى الوجود فى الساحة المصرية أمر مهم، وعلاقتنا مع مصر إستراتيجية، ونريد أن ننقل صورة حقيقية رسمية لكل الجهات فى مصر بشأن التطورات فى ليبيا، لأن هناك لغطا إعلاميا وتشويشا من قبل جماعة "الإخوان" التى تسعى لإيصال صورة مخالفة للعالم، والوضع فى ليبيا هو صراع بين الجيش وجماعات إرهابية خارجة عن الشرعية، صراع بين الحكومة وميليشيات مسلحة، قامت بانقلاب مسلح سيطرت من خلاله على العاصمة طرابلس، وقد حسم الجيش الوطنى الليبى المعركة العسكرية فى بنغازي، وهزم الإرهاب.

لكن أما زالت هناك جيوب للجماعات المتطرفة ؟

نعم جيوب صغيرة لاتؤثر، الجيش يسيطر الآن على أكثر من 95% من مساحة بنغازي، وميليشيات أنصار الشريعة وغيرها فروا إلى القرى المجاورة، وأغلبهم قتل.. فى المنطقة الشرقية نستطيع أن نقول أن الأوضاع ممتازة جدا، وفى المنطقة الغربية بدأ طيران الجيش الليبى يقصف لأول مرة، وانتهاء معركة بنغازى ستسهل على الجيش الحراك فى المنطقة الغربية.

لكن تبقى معركة طرابلس هى المعركة الصعبة؟

بالنسبة لنا نعتبر معركة طرابلس هى الأسهل، بعد أن تجاوزنا المعركة الصعبة فى بنغازى مع الميليشيات الإسلامية المتطرفة، التى مارست عمليات اغتيال لمدة ثلاثة سنوات، استشهد حوالى سبعمائة ضابط فى عمليات اغتيال يومية، فالجماعات الإرهابية ضد فكرة وجود جيش وطني، ويعتبرون أى ضابط او جندى فى المؤسسة العسكرية هدفا مشروعا لهم، ولذا تنادت قيادات الجيش الليبى بقيادة اللواء البطل خليفة حفتر وأنشأ نواة لإعادة تأسيس الجيش الليبي، وأطلق على العملية اسم عملية الكرامة، لاستعادة كرامة ليبيا وكرامة الجيش والشعب، وبدأ الجيش خطواته الأولى مدعوما من الشعب دعما كاملا، ولاننسى دور العظيم لمصر فى التدريب والتأهيل والتطوير ورعاية محاولات الحوار وتقريب وجهات النظر للأطراف المختلفة، لكن الجماعات الإرهابية لاتفهم إلا لغة القوة، وبالتالى الجيش تعامل معها بنفس اللغة التى تفهمها .

وماذا بشأن نفوذ الإخوان؟

فى المنطقة الغربية هم أضعف وأقل، وجودهم محدود جدا، لكنهم استطاعوا خديعة الثوار بإطالة أمد الثورة، حتى يستطيعون التغلغل فيها، نحن نعلم أن وكيل وزراة الدفاع فى طرابلس هو خريج حرب أفغانستان، ووكيل وزارة الدفاع للشئون الخارجية هو أيضا إرهابى مسئول عن تجنيد الشباب الليبى فى العمل الإرهابى بسوريا، وطبعا لايمكن بناء جيش وبناء دولة مؤسسات مع وجود هذه الافكار المتطرفة، وهؤلاء الناس إما أن يسلموا أنفسهم وأسلحتهم لقوات الجيش الوطنى ووزارة الداخلية ويعودوا إلى رشدهم كمواطنين، وإما أن يتم التعامل معهم أمنيا.

من أين يحصل المتطرفون على الدعم المالي؟

نحذر الدول التى تدعم الجماعات الارهابية بأن سيادة ليبيا خط أحمر لايمكن تجاوزه، وليبيا ليست لقمة سائغة، وهناك اتفاقيات لتنسيق التعاون الأمنى المشترك، ولاينبغى أن يتم ذلك عبر اتفاقات سرية أو بطرق التفافية أو بتوفير ملاذ آمن لهؤلاء الإرهابيين أو مقار لإقامتهم أو دعمهم إعلاميا.

توجهون اللوم لجماعة الإخوان أكثر من غيرهم.. ماذا فعلوا بالضبط خلال الفترة الماضية؟

فى 3 سنوات من حكمهم أنفقوا حوالى 300 مليار دولار عبثا، لم يبن مبنى واحد جديد فى ليبيا، سبعة مليارات أنفقت على الجيش ولم تشتر عربة واحدة جديدة، لم نعرف أين ذهبت هذه الأموال، يتم شراء بعض الصفقات المشبوهة مثل حقائب للمتفجرات، ماذ يفعل الجيش الليبى بهذه الحقائب التى اشتراها وكيل وزارة الدفاع، والتى أعلن عنها وزير الدفاع السابق أنها عشرة آلاف حقيبة، ماذا تفعل الجيوش النظامية بحقائب المتفجرات حتى يتم شراؤها، وتم إرسال شحنات من الأسلحة لجماعة أنصار الشريعة فى بنغازى قبل عام، ووكيل وزراة الدفاع خرج ليعلن أنها ذهبت إليهم بالخطأ وكأنها تحويل رصيد فى هاتف.

وما مصير أفراد الميليشيات والكتائب الكثيرة المتواجدة الآن فى ليبيا؟

هم كونوا أجساد موازية للجيش، لأنه العدو الرئيسى لهم والعمود الفقرى للدولة، ولن نسمح بوجود أى أجسام أخري، ومن أراد الانضمام للجيش أو الشرطة فليتفضل، ومن أراد التحول للعمل المدنى أوأى مجال آخر فهذا كله متاح، لكن المتاجرة بالثورة والمشاركة فى الثورة فقد انتهى وقته، وعلى الجميع الآن التحول إلى مواطن ومواطنة لهم حقوق وعليهم واجبات، ليست مرتبطة بالمشاركات الثورية السابقة، حتى حقهم فى العلاج كمواطن، والحصول على وظيفة عبر شهادته الجامعية وليس عبر شهادته فى الثورة.

مجلس النواب اصبح الآن مطعونا فى شرعيته بعد حكم المحكمة الدستورية ..كيف تنظرون لهذا الأمر؟

المشكلة بننا وبين جماعة الإخوان أنهم كانوا يسيطرون على المؤتمر الوطنى العام، والآن قدم 11 شخصا طعنا أمام المحكمة الدستورية فى بطلان لجنة فبراير وليس فى البرلمان، وهم فهموا من حكم المحكمة الأخير أنه يعنى تلقائيا بطلان البرلمان، ولكن هذا غير صحيح، كما أن المحكمة الدستورية ليس من اخصاصها النظر فى الدستور، الذى هو من اختصاصات مجلس النواب عبر المجلس الأعلى للقضاء، بل هى تنظر فى القوانين من حيث مطابقتها للدستور، وكانت هناك ضغوط كبيرة على القضاة، حيث أحرقت منازل 3 قضاة رفضوا المشاركة فى المحكمة، وطرابلس هى خارج سيطرة الحكومة، وجميع الوظائف معطلة فيها ولاتمثل الشعب الليبي، ومشكلتهم مع البرلمان الحالى أنه وجود فى طبرق التى تقع تحت حماية الجيش لليبي، وهم يريدون أن يتواجد البرلمان فى منطقة يستطيعون أن يمارسوا فيها الابتزاز والتهديد، التى كانوا يمارسونها فى السابق.

كيف استطاع الإخوان السيطرة على الوضع فى ليبيا بعد الثورة؟

لم يكن لدينا حرية العمل السياسى فى عهد القذافي، ولم تكن لدينا أحزاب، جماعة الاخوان لها تجربة سياسية قديمة مرتبطة بتنظيمهم الأم فى مصر، ولديهم خلايا وأسر إخوانية منشرة فى العالم كله، مثل الماسونية تماما، وهذه التجربة أتاحت لهم عندما سقط نظام القذافى أن يمارسوا العمل المنظم خلافا للتيار الوطني، وعندما نجح الدكتور محمود جبريل وتحالف القوى الوطنية فى ليبيا تم ضربه بقانون العزل السياسى هو والعديد من القوى الوطنية، الذى تم تفصيله تماما ليتفادى قيادات الاخوان ويطيح بالقيادات الوطنية، رغم أن الإخوان كانوا جزءا من نظام القذافى ومن منظومة سيف القذافي.

هل الإخوان ينسقون مع أنصار الشريعة والمتطرفين الآخرين؟

لتحقيق أغراضهم، وكذلك مغفلو الثوار، فالإخوان لم يشاركوا فى القتال أثناء الثورة، وكانوا فى الظل يفاوضون نظام القذافي، وكانوا يدعون للمصالحة، وعرض عليهم نظام القذافى تسلم السلطة وقبلوا أن يبقى القذافى رمزا، لكن الثوار الحقيقيين فى ليبيا رفضوا هذه العروض.

ولماذا لجأوا للتصعيد العسكري؟

هزيمة الإخوان فى مصر ثم هزيمتهم فى تونس، أثرت بالطبع عليهم فى ليبيا، وهم هزموا أيضا فى الانتخابات البرلمانية فى ليبيا، ولم يجدوا وسيلة للاستيلاء على ليبيا إلا القيام بحرب عبثية يجب ان يحاسبوا عليها، تدمير طرابلس بالكامل وخزانات الوقود وتهجير مليون ليبى من طرابلس، يجب أن يحاكم قيادات الإخوان عليها، لأن المجرم الحقيقى هو من أمر بالقتل وخطط له وليس المنفذ .

هم يتهمون مصر والامارات بالتدخل فى ليبيا واستهدفوا سفارتيهما؟

هم لديهم ثأر مع مصر بسبب هزيمة تنظيمهم فيها، ويحاولون التشويش عليها، وأزعجهم انتصار الشعب المصرى لبلده والإنتخابات الديمقراطية التى جاءت بالرئيس السيسي، بعد أن ظنت جماعة الاخوان أنها ابتلعت مصر، لكن مصر عصية وكبيرة لايمكن أن تبتلع، وتعامل الحكومة الليبية مع مصر تنظمها اتفاقيات ثنائية او عبر الجامعة العربية، فأى تواجد مصرى فى ليبيا هو عبر الاتفاقيات الثنائية مع الحكومة والبرلمان المنتخب والمؤسسات الشرعية، ومعلن وليس خلسة أو فى الظلام ، فزيارة رئيس الأركان الليبى لمصر علنية وليست كما يفعل الاخوان عندما يذهبون الى الباب العالى او دول فى الخليج خلسة فى الظلام يعقدون الصفقات أو يشحنون السلاح بطرق غير شرعية .

درنة وغيرها أصبحت مأوى للقاعدة؟

هناك قيادات إخوانية مصرية موجودة فى ليبيا ومختبئة لدى جماعة الاخوان الليبية، كما يوجد متطرفون من جميع أنحاء العالم، مصريون وغير مصريين، للمشاركة فى القتال إلى جانبهم، ولدى الجيش الليبى الآن أسرى منهم.

أى جنسيات؟

من مصر والحزائر وتونس واليمن والسعودية، وقمنا بعرضهم على التليفزيونات، ومن بينهم سعودى خطير بتنظيم القاعدة، وفى المقابل قاموا هم بأسر بعض جنود الجيش الليبى وتم استبدالهم .

وماذا بشان مبايعتهم البغدادى ..هل ل "داعش" وجود بليبيا؟

هؤلاء الناس لايعيشون الواقع، ويعيشون واقعا افتراضيا، والانسان نتاج مايقرأ ..نعم داعش موجود فى ليبيا، والمتطرفون موجودون ويجب أن يدعم الجيش الوطنى الليبى من الدول العربية، وندعو لتوحد جهود الأشقاء ونأمل أن تعمل الجامعة العربية على تقديم المساعدة لكل الدول العربية التى تواجه الإرهاب، ومن بينها سوريا والعراق وليس ليبيا وحدها، فالمعركة ضد الإرهاب واحدة، ومصر وتونس والجزائر ودول عربية أخرى مهددة جديا بخطر الارهاب، ونحتاج عمل عربيا موحدا من الجيوش العربية لاستعادة عافيتها وتنظيمها، لان الجيوش العربية مستهدفة بالتفكيك والتدمير والاستنزاف، وهذا موضوع خطير استراتيجيا.

وماذا عن الدور الغربى ؟

الحل فى ليبيا عربى بامتياز لأن الألم والوجع واحد، ومعركة الأمة العربية واحدة اما أن تبقى أو تسقط، وتدمير وتفكيك الجيوش العربية خطير. والمعركة ليست أمنية فقط، فهى أكبر من ذلك، وعلينا أن نعى ان المعركة مع الارهالب تحتاج إلى كثير من العمل المتواصل فى جميع المجالات وبطريقة علمية وتقنية حديثة، لايمكن أن نواجه هؤلاء الإرهابيين المحترفين بالمدافع وحدها، فالأزهر منارة الإسلام، يجب أن يعود إلى دوره الريادى بالعالم العربى وأن يرسل دعاة والعلماء والمشايخ كما كان فى السابق، وكذلك هناك دور كبير للمثقفين والكتاب والفنانين فى المعركة لمواجهة خطر الإرهاب .

هناك من يخشى التقسيم فى ليبيا؟

التقسيم فى ليبيا غير وارد نهائيا، القبائل والعائلات فى ليبيا متداخلة ومتجانسة والاقتصاد متكامل، والآن العاصمة طرابلس التى تحتلها الميليشيات نفطها وماؤها وغازها تأتيها من الشرق والجنوب إذا أغلق ذلك جميعا لمدة 24 ساعة تشل الحياة فى العاصمة تماما مليونان من سكانها لن يجدوا شيئا هذه خيارات عبثية استراتيجيا هم لم يحققوا شيئا، انصحهم بالتراجع خطوة الى الوراء كما فعل اشقاؤهم فى حزب النهضة بتونس ليعيشوا كمواطنين يمارسون نشاطا سياسيا معتدلا معقولا ويكفوا عن الاستقواء بالخارج .