سلط أستاذ الاقتصاد بجامعة عمر المختار دكتور محمد يونس، الضوء على دور الدولة بعد ظهور وانتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد_19) في العالم. 

وقال يونس، في ورقة تحليلية خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "كورونا ستغير تاريخ العالم، أصابت ملوك وأمراء، واعتقلت كثير من رؤوساء الدول والوزراء وسفراء ومسؤولين وقادة جيوش في الحجر الصحي، استنفرت قوى وميزانيات ضخمة لمواجهة عدو غير مرئي، حبست كثير من البشر إقامة جبرية في بيوتهم، أصابت الناس بفوبيا وذعر عارم، وأغلقت المصانع والمدارس والمعاهد والجامعات والمصارف وحتى المساجد والكنائس، وألغت وغيرت كثير من العادات والتقاليد، وأوقفت عجلة الاقتصاد والأنشطة الاقتصادية ورفعت الأسعار بما فيها سعر الدولار وخفضت من أسعار النفط. ونبهت أنظار العالم إلى أهمية التكنولوجيا الرقمية في تسيير الأعمال عن بعد وهو ما ينسجم مع احتياطات الإحتراز ضد الوباء سواء في المعاملات التجارية أو المصرفية أو التعليمية أو حتى السياسية، فبدأت كثير من الاجتماعات والمقابلات تدار عن بعد في مجلس الأمن أو بين أعضاء الحكومات والوزارات".

وتابع يونس، "من جهة أخرى بينت أزمة كورونا مدى هشاشة وذعر وعجز القطاع الخاص على مواجهتها الذي بدأ يستغلها. وأعادت مجددا دور الدولة الوطنية وتدخل الدولة بعد أن كان مثار سخرية بفعل العولمة وبعد أن اتضح إهمال هذا الدور للدولة في مواجهة كورونا في بعض الدول كإيطاليا فكانت الكارثة وفي بريطانيا التي تأخر فيها تدخل الدولة وتبنت نظرة رأسمالية بحتة غير إنسانية لمواجهة هذا الوباء تحت مبدأ مناعة القطيع الذي من بين آلياته التضحية ببعض البشر وخصوصا كبار السن كوقود لهذا الوباء لاكتساب المناعة لبقية المجتمع. لذا أعادت كورونا لدور الدولة هيبته ومصداقيته في مواجهة هذا الوباء ليس عن طريق الدكتاتورية والظلم والعسف ولكن دور جديد للدولة - الدور الإنساني - سواء عن طريق الجيش الأبيض (الأطباء والأطقم التمريضية المساعدة والعاملين بالقطاع الصحي) وتؤازره القوات المسلحة التي ثبت أن دورها ليس للقتال فقط بل أيضا للحياة  فامتد دورها لأن تكون أداة للتنظيم وحشد الجهود الاجتماعية وتسخير الامكانيات لمجابهة الوباء، ولا ننسى جهاز الشرطة لمساندة هذه الحملة وتنفيذ توجيهات الإحتراز، وهذا كله يعني لا يمكن لغير الدولة أن تقوم بمجابهة هذا الوباء، وهذا الأثر (أثر كورونا) سيعيد إلى الدولة ممارسة دورها السابق الممتد إلى بقية النشاطات شرط أن يكون دورا متوازنا بعيدا عن الهيمنة المفرطة ومراعاة الهامش المتعارف عليه للقطاع الخاص".

وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة عمر المختار، "من الناحية العملية التطبيقية العملية الواقعية، يجب على الدولة أن تُحسن من سمعتها السيئة، وأن تكون على قدر هذه المسؤولية وأن تؤدي دورها المنوط بها على أكمل وجه بعيدا عن الفساد والتواكل والتقصير والإهمال واللاوطنية والخيانة والعمالة، وأن تضع  رفاهية المواطن دائما في إعتبارها دون إزدراء. والدليل على الاقتناع بدور الدولة، بدأت كثير من الدول الرأسمالية كبريطانيا مؤخرا في التدخل بوسائل عديدة كاتباع نظام الحصص في توزيع السلع وفرض الحظر الكامل واتباع حملة لمواجهة الوباء بعد أن بدأ يحصد أرواح كثيرة، بل هدد أيضا حكامها".