في 15 أبريل 1986، قامت 66 طائرة أمريكية انطلق بعضها من قواعد بريطانية بشن غارة وقصف أهدافي العاصمة الليبية طرابلس، ومنطقة بنغازي. 

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض لاري سبيكس، أن الهجوم كان يستهدف مواقع عسكرية رئيسية ولكن التقارير تشير إلى ان الصواريخ ضربت أيضا بن عاشور، وهي ضاحية مكتظة بالسكان في العاصمة. كما تم قصف المجمع السكني الذي يقيم فيه الزعيم  معمر القذافي

وبرر الرئيس الأمريكي  آنذاك رونالد ريغان الهجوم عن طريق اتهام ليبيا بالمسؤولية المباشرة عن الإرهاب الموجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية والشعب الأمريكي. 

وقال في خطابه التلفزيوني الذي أذيع بعد الهجوم بساعتين: عندما تعرض مواطنونا لهجوم أو لسوء المعاملة في أي مكان في العالم بناء على أوامر مباشرة من انظمة معادية، فإننا سنرد طالما أنا في هذا المنصب.

نفذت العملية التي سميت «الدورادو » عبر عمليات جوية مشتركة بين القوات الجوية والبحرية وقوات المارينز الأمريكية ، بينما  تصدت المقاومات الأرضية ووسائل الدفاع الجوي الليبي للهجوم الجوي الأمريكي الذي شاركت  و أسقطت عدد من الطائرات الأمريكية ، فيما عرض التلفزيون الليبي صورا لحطام الطائرات الأمريكية التي تقاذفتها أمواج البحر المتوسط على الشاطيء الليبي.

بعد مناوشات استمرت لعدة سنوات بين الولايات المتحدة الأمريكية وليبيا، بسبب المطالب الإقليمية الليبية بشأن خليج سرت، بدأت التفكير في أمريكا للقيام بعملية جوية ضد أهداف أرضية داخل ليبيا. في مارس 1986 توغلت البحرية الأمريكية لمسافة 12 ميل بحري داخل المياه الإقليمية الليبية، وأرسلت حاملة طائرات إلى هناك للقيام بمناورات عسكرية. كان الرد الليبي على المناورات عدوانياً مما أدى إلى أحداث خليج سرت. بعد أقل من أسبوعين، في الخامس من أبريل انفجرت قنبلة في ديسكو لابيل في برلين الغربية مما أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين وامرأة تركية وجرح 22 آخرين. أدعت أمريكا أنها حصلت على نسخة برقية من عملاء ليبيين في ألمانيا الشرقية شاركوا في الهجوم.

وفي أكتوبر 2008 أكد وزير الخارجية الليبي آنذاك عبد الرحمان شلقم في روما ان طرابلس تلقت تحذيرا من القصف الاميركي الذي استهدف ليبيا عام 1986 من رئيس الحكومة الايطالية آنذاك بتينو كراكسي ما أتاح على الارجح إنقاذ حياة الزعيم معمر القذافي.

وقال  شلقم، الذي كان سفيرا لبلاده في ايطاليا أثناء الهجوم، ان «رئيس مجلس الوزراء بعث الي برسالة من خلال صديق مشترك ليقول لي: انتبه ستحدث في 14 او 15 ابريل (1986) غارة اميركية على ليبيا». ونقلت وكالة الانباء الايطالية عن الوزير الليبي قوله إن مبعوث كراكسي اتصل به «قبل يومين من العدوان الاميركي في 11 او 12 ابريل». واضاف «كان من الصعب معرفة اليوم المحدد» للهجوم، موضحا ان التحذير الايطالي اتاح على الارجح انقاذ حياة القذافي «رغم عدم علمه بتفاصيل العملية».

وفي خطاب بمناسبة الذكرى العشرين للحادثة ، قال الزعيم الليبي معمر القذافي  في 15 ابريل 2006 ان بلاده قادرة علي مواجهة الاعداء في الداخل والخارج .وأضاف امام الاف من الرجال والنساء المدربين علي القتال من حركة اللجان الثورية والحرس الثوري الاخضر امام بيته في باب العزيزية في طرابلس «لير العالم ان هذه القوي الرمزية مدربة وقادرة علي مداهمة اي مدينة وبيت يتواجد فيه الاعداء في الداخل والخارج »

واضاف «لتعلم قوي البغي والعدوان ان المقاومة الشعبية هي فقط قادرة علي هزيمتهم  ، وعن علاقة ليبيا بالولايات المتحدة، قال القذافي امريـــــكا بـــــعد ريغان المجنون جنحت للسلم ولم تتعامل بالقوة العسكرية معنا ونكون نحن اغبياء اذا فرطنا في مصــافحة العدو لنا لمصلحة الناس وهــــا هي امريكا مســــتمرة في ســــياسة الـدبلوماسية معنا .لكن القذافي حذر الولايات المتحدة في حال اعتمدت سياسة ريغان فلن تجد الا المقاومة ونحن نأمل ان لا يحكمها رئيس مجنون مثله مرة اخر» 

وقال: "كنا في ذلك الوقت في فوهة المدفع الأمريكي، وكانت الأساطيل تتحدانا في خليج سرت وتعتدي عليه وعلى الشاطيء الليبي عموما. وكنا في الحقيقة نعيش حالة صعبة، لأن دولة صغيرة تواجه أكبر دولة في العالم، ولكننا كنا مؤمنين بحقنا واستقلالنا".

في 22 مارس 2019 نشرت صحفية "التايمز" البريطانية تقريرا سريا حول الحرب التي شنها حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الزعيم معمر القذافي، بعد مظاهرات شعبية اندلعت ضد حكمه عام 2011.

وقالت الصحيفة في تقريرها إنه منذ ابريل  1986، أي قبل حوالي ربع قرن من الحملة الجوية المدمرة التي قادها الناتو عام 2011، والتي حولت ليبيا إلى حالة "خراب"، بدأت حملة الناتو من أجل التخلص من القذافي.ولفتت الصحيفة إلى أنه كان هناك محاولة لاغتيال القذافي في أبريل 1986، بعد اتهام الاستخبارات الليبية بالتورط في تفجير ملهى ليلي في برلين الغربية في تلك الفترة، قتل فيه جنديان أمريكيان وامرأة تركية، وأكثر من 200 شخص، من بينهم 79 مواطنا أمريكيا، واتهم الرئيس الأمريكي حينها، رونالد ريغان، القذافي بالتورط في الهجوم.وأشارت "التايمز" إلى أنها حصلت على "وثائق سرية" تكشف عن إعداد وزارة الدفاع البريطانية خططا سرية للدفاع عن إقليم "جبل طارق" الخاضع لسيطرتها، ضد أي هجوم ليبي محتمل.كما أن التقرير يكشف أيضا أن لندن كانت تدعم بقوة الغارات الأمريكية على طرابلس وبنغازي في عام 1986، مشيرة إلى أن تفجير برلين الغربية قد يكون ردا انتقاميا من ليبيا.ووفقا لهذا التقرير السري، فإن مجلس الوزراء البريطاني وافق على عدد من المبادئ التوجيهية التي تسمح للطيران الملكي البريطاني بإظهار "نوايا معادية" ضد أي محاولة للهجوم.

وقال التقرير: "سيتم تحديد هوية أي طائرة مجهولة الهوية أو طائرة مشتبه في أنها معادية تمر فوق جبل طارق أو تقترب منه بأي وسيلة متاحة، وسيتم إما إجبارها على تحويل مسارها أو إسقاطها مباشرة سواء عن طريق إطلاق نيران تحذيرية أو إطلاق النار مباشرة عليها".

وتابع التقرير الذي رفع عنه السرية وحصلت "التايمز" على نسخة منه: "ترصد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية نشاطات عديدة لمنظمات إرهابية مختلفة في إسبانيا لديها متفجرات وترتبط بالأنظمة في ليبيا، ويظهر أن هناك تهديدا كبيرا على جبل طارق، خاصة أن بها عدد كبير من السكان العرب من شمال أفريقيا، وهناك روابط متصلة ومنتظمة بينها وبين المغرب عن طريق العبارات".ومضى التقرير "سيتم إجراء عمليات تفتيش دقيقة بحق أي زائر مغربي جديد، أو غيره من المواطنين العرب القادمين من المغرب إلى جبل طارق، ورفض دخول أي شخص يعرف ارتباطه بأي شكل من الأشكال بليبيا".وأوضح موجز وزارة الدفاع البريطانية أن "أي تعزيز للدفاع الجوي في جبل طارق يجب أن يتم شرحه بوضوح للإسبان، حتى لا نتعرض إلى خطر دخول هدف زائف، مقاتلة إسبانية مثلا، لأن أي خطأ في هذا الأمر سيترتب عليه أزمة سياسية كبيرة".

و في 15 أبريل 1986 شن الجيش الأمريكي سلسلة غارات جوية على أهداف متعددة في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك مقر القيادة بباب العزيزية  الذي أخلى القصر الرئاسي هو وعائلته في الوقت المناسب، بعد مكالمة هاتفية تحذيرية من رئيس وزراء إيطاليا، بيتينو كراكسي.وقتل في تلك الغارات نحو 60 من العسكريين والمدنيين بينهم طفل، كما قتل طيارين تابعين للقوات الجوية الأمريكية، بعد إسقاط مقاتلة من طراز "إف-111" فوق خليج سدرة.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه ما أثار بريطانيا وأمريكا، ما حدث في منتصف الثمانينات، من استخدام القوات البحرية السوفيتية الموانئ الليبية في طرابلس وطبرق، واحتفاظ ليبيا بعدة آلاف من المستشارين العسكريين السويفت في بلادها، وشملت أنشطة لعدد من المتخصصين في تعزيز الدفاعات الجوية الليبية ضد أي هجمات أمريكية أخرى.
في 15 ابريل 2008 حكمت الدائرة المدنية الكلية الثالثة بمحكمة شمال طرابلس الابتدائية بأن يدفع مسؤولون من الولايات المتحدة الأمريكية لمواطنين ليبيين 3 مليارات دينار (ما يعادل 2541 مليون دولار تقريبا) تعويضا شاملا عن الإضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم من جراء الغارة الأمريكية في 15 ابريل 1986 على مدينتي طرابلس وبنغازي.
وجاء في حيثيات الحكم أنه حسبما يرويه تاريخ ليلة 15 ابريل من سنة 1986 وبينما كان المدعون وهم 128 مواطنا ليبيا من أهالي ضحايا الغارة الأمريكية على المدن الليبية في 15 من ابريل 1986 ينعمون بليلة أولها نعيم وأمان وختامها جحيم وفزع واضطراب لأفعال اقترفت من المدعى عليهم من الثامن إلى الحادي عشر بناء على أوامر صدرت إليهم من المدعى عليه الأول.
ومن الثالث إلى السابع بالاتفاق والمساعدة من المدعى عليه الثاني بصفته.. تمثلت هذه الأفعال في قيادة الطائرات الحديثة طراز (اف 111 ، اف 14) منطلقة من قواعد الحلف الأطلسي ببريطانيا وحاملات الطائرات الأمريكية بالبحر الأبيض المتوسط ليصبوا حممهم النارية على الأحياء السكنية الآمنة تلك الليلة بصورة عشوائية ليدمروا المنشآت الحيوية والمباني السكنية والمستشفيات والمساجد. وعاد المدعون إلى المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي الرابعة التي تلزم دولة مخالفها بدفع تعويضات عن كل أفعال يرتكبها أفراد يشكلون جزءا من قواتها المسلحة ومنعت مادتها الخامسة والعشرون الهجوم بالقنابل أو بأي وسيلة أخرى على المدن والقرى أو المباني والمساكن غير المحصنة بوسائل دفاعية.
وكانت الإدارة الأميركية شنت يوم 15 ابريل 1986 غارة جوية على مدينتي طرابلس وبنغازي استخدمت فيها نحو 100 طائرة حربية أمريكية واستهدف القصف مواقع ليبية بينها منزل الزعيم الليبي العقيد معمر القذاقي في معسكر باب العزيزية بطرابلس بقصد اغتياله. وخلفت الغارة 41 قتيلا بينهم ابنة بالتبني للزعيم الليبي وعلي يوسف اليازجي رئيس تحرير مجلة فرح أشهر مجلة أطفال في طرابلس إضافة إلى أكثر من 170 جريحا من الليبيين الأبرياء الذين داهمهم الموت الأمريكي وهم نيام. وأمس الاثنين خلد الشعب الليبي الذكرى الثانية والعشرين للعدوان الأمريكي على ليبيا.
وبثت وكالة الأنباء الليبية بهذه المناسبة تقريرا مطولا تحدثت فيه عن أن الشعب الليبي أفشل بتصديه الشجاع أهداف ذلك العدوان الذي جندت أمريكا لشنه إمكانياتها العسكرية الإستراتيجية التي كانت معدة للهجوم على حلف وارسو بقيادة الإتحاد السوفياتي حينذاك. ويسجل المراقبون انه بعد يومين من تخليد ذكرى العدوان سيقوم الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة لليبيا في السادس عشر والسابع عشر من شهر أبريل.
وفي لقائه مع رئاسة مجلس الدوما الروسي في الحادي عشر من شهر مارس الماضي لم يستبعد الرئيس بوتين إمكانية القيام بزيارات على أعلى المستويات في إطار الحوار الروسي الليبي. وأشار الرئيس بوتين في اللقاء المذكور إلى وجود مشاكل ذات طابع مالي في العلاقات بين روسيا وليبيا، ولكن البلدين يجريان حوارا مكثفا حاليا على حد تعبيره.