في مثل هذا اليوم 15  مارس من العام 1957 حل بطرابلس ريتشارد نيكسون نائب الرئيس الأمريكي آنذاك داويت أيزنهاور ،حيث إجتمع برئيس الوزراء آنذاك مصطفى بن حليم ، وتحادث معه حول العلاقات الثنائية في ظل تمدد الفكر القومي العربي أنطلاقا من مصر وخاصة بعد العدوان الثلاثي عليها ، وكذلك الصراع حول النفوذ في المنطقة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي 

كما جاءت الزيارة في ظل الصراع الامريكي البريطاني الذي قائما أنذاك حول النفوذ في ليبيا ،وبعد 6 أيام من مصادقة الكونغرس على مشروع إيزنهاور  الذي كان  يهدف إلى ملء الفراغ “الذي تركه العرب في الشرق الأوسط على صعيدين: اقتصادي بمساعدة أية دولة شرق أوسطية على تنمية أحوالها الاقتصادية، وعسكري باتخاذ تدابير عسكرية تشمل استعمال القوات الأمريكية المسلحة “لضمان وحماية “الكيانات الإقليمية والاستقلال السياسي للدول التي تطلب هذا العون في سبيل “مواجهة أي عدوان مسلح مكشوف من قبل أية دولة تسيطر عليها الشيوعية الدولية”.

وقد تبني بن حليم ذلك المشروع خلال زيارة نيكسون الى طرابلس ، وأعلن أن ذلك سيمد المفاوض الليبي بقوة تمكنه من مقابلة المفاوض البريطاني عند تعديل المعاهدة المبرمة في يوليو 1953 وهو في مركز الند، وأرسل إلى الرئيس أيزنهاور يطلب منه أن تقدم الولايات المتحدة المعونة بدلاً من بريطانيا، وبمجرد إرسال طلبه أبلغه السفير الأمريكي موافقة الولايات المتحدة على المبدأ. وذكر رئيس الوزراء للسفير المصري بليبيا، إنه تأكد من إخلاص الولايات المتحدة، وصدق نواياها، وأنها أبلغته أن انجلترا أصبح موقفها ضعيفاً ؛ ولذلك ستقوم الولايات المتحدة بمساعدة ليبيا وتحل محلها. واعتبرت موافقة الحكومة الليبية على قبول مشروع أيزنهاور، أهم ما قدمه رئيس الوزراء من دلائل على دخوله بليبيا في الطوق الأمريكي، وسعيه للتخلص من بريطانيا، كما أنه اعتقد أن ذلك يحقق له الحصول على المعونة الاقتصادية التي طالب بها، ويساعده على بلوغ هدفه المتوافق مع الأهداف الأمريكية 

بعد يومين  من زيارة نيكسون  وصل الى ليبيا المساعد الخاص للرئيس الأمريكي ومستشاره جيمس .ب.ريتشارد في زيارة من 17 حتى 20 مارس1957، ليتم التأكيد رسميا عن موافقة ليبيا للانضمام لمبدأ” الدفاع ضد أي اعتداء مسلحٍ قد تواجهه قوى الشيوعية الدولية ضد أي بلد من بلدان الشرق الأوسط”

وبعد أشهر قليلة أمضت الولايات المتحدة مع ليبيا  باتفاقية عسكرية في الثلاثين من  يونيو عام 1957 وقعهاوهبي البوري”وزير الخارجية الليبية وجون تاينالسفير الأمريكي في ليبيا وقد تضمنت ما يلي :-

1- تحديد نظام توريد الأسلحة والمعدات والذخائر الحربية بتنظيم بعثة عسكرية ملحقة بالسفارة الأمريكية.

2 – تحريم استعمال المعدات والذخائر الحربية الأمريكية في غير الأغراض التي أعدت الاتفاقية من أجلها3- اتخاذ التدابير المشتركة لمراقبة تجارة الدول التي تهدد حفظ السلام لمصلحة وأمن الولايات المتحدة الأمريكية وليبياناهيك عن المساعدات الاقتصادية التي قدرتها ليبيا بــــ “100مليون دولار” خلال الخمس سنوات من عام 1955حتى العام 1959

ولكن ماهو مشروع إيزنهاور ؟ مشروع أو مبدأ أيزنهاور)يشير إلى خطبة القاها دوايت أيزنهاور في 5 يناير 1957، ضمن "رسالة خاصة إلى الكونغرس حول الوضع في الشرق الأوسط". وحسب مبدأ أيزنهاور، فإن بمقدور أي بلد أن يطلب المساعدة الاقتصادية الأمريكية أو العون من القوات المسلحة الأمريكية إذا ما تعرضت للتهديد من دولة أخرى. وقد خص أيزنهاور بالذكر، في مبدئه، التهديد السوفيتي باصداره التزام القوات الأمريكية "لتأمين وحماية الوحدة الترابية والاستقلال السياسي لمثل تلك الأمم، التي تطلب تلك المساعدات ضد عدوان مسلح صريح من أي أمة تسيطر عليها الشيوعية الدولية.

في السياق السياسي العالمي، فإن المبدأ قد صيغ ردًا على احتمال حرب معممة، يُخشى منها كنتيجة لمحاولة الاتحاد السوفيتي لاستخدام العدوان الثلاثي كذريعة لدخول مصر. فمقرونًا مع فراغ القوة الذي خلـَّفه اضمحلال النفوذين البريطاني والفرنسي في المنطقة بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن حليفيها أثناء ذلك العدوان، شعر أيزنهاور أن الحاجة لموقف قوي لتحسين الوضع كان يزيدها تعقيدًا المواقف التي يتخذها جمال عبد الناصر، الذي كان يبني قاعدة قوة ويستخدمها لاضرام المنافسة بين السوڤيت والأمريكان، باتخاذه موقف "الحياد الإيجابي" وقبوله العون من الطرفين.

وعلى المستوى الإقليمي، كان الغرض أن يساعد مبدأ أيزنهاور على إمداد الأنظمة العربية ببديل عن الوقوع تحت السيطرة السياسية لجمال عبد الناصر، وتقويتهم في نفس الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على عزل النفوذ الشيوعي، من خلال عزل ناصر. وقد فشل المبدأ بدرجة كبيرة على هذا الصعيد، بالنمو السريع لنفوذ ناصر بحلول عام 1959، لدرجة أن أصبح بإمكانه تشكيل زعامات البلدان العربية، بما فيها العراق والسعودية، ولكن في نفس الوقت فقد تدهورت علاقة ناصر بالقادة السوڤيت، مما أتاح الفرصة للولايات المتحدة للتحول إلى سياسة التكيف مع ناصر.

مشروع أيزنهاور هدف إلي حلول أمريكا لملء الفراغ الاستعماري بدلاً من إنجلترا وفرنسا وتضمن هذا المشروع:

تفويض الرئيس الأمريكي سلطة استخدام القوة العسكرية في الحالات التي يراها ضرورية لضمان السلامة الإقليمية، وحماية الاستقلال السياسي لأي دولة، أو مجموعة من الدول في منطقة الشرق الأوسط، إذا ما طلبت هذه الدول مثل هذه المساعدة لمقاومة أي اعتداء عسكري سافر تتعرض له من قبل أي مصدر تسيطر عليه الشيوعية الدولية.

تفويض الحكومة في تفويض برامج المساعدة العسكرية لأي دولة أو مجموعة من دول المنطقة إذا ما أبدت استعدادها لذلك، وكذلك تفويضها في تقديم العون الاقتصادي اللازم لهذه الدول دعماً لقوتها الاقتصادية وحفاظاً على استقلالها الوطني.

في 25 فبراير 1957، عقدت في القاهرة قمة لمصر وسوريا والأردن والسعودية لبحث الموقف من مبدأ أيزنهاور . ووفقًا لهذا المبدأ اعتبرت الولايات المتحدة الشرق الأوسط مجالا لنفوذها ومصالحها وقررت العمل على عزل ما أسمته "نهج ناصر في اللعب على خلاف الأمريكان والسوفيت". فقررت القمة الرباعية أن لا تعارض مبدأ أيزنهاور رسميًا، وأن تعمل في الواقع على الحيلولة دون تطبيقه.

بنود الخطوات العسكرية لمبدأ أيزنهاور تم تطبيقها في أزمة لبنان في العام التالي، عندما تدخلت الولايات المتحدة استجابة لطلب من كميل شمعون رئيس لبنان.