في مثل هذا اليوم 16 مارس من العام 2012 قال مصدر أمني موريتاني إن السلطات الموريتانية ألقت القبض على عبدالله السنوسي، أحد أركان النظام الجماهيري في ليبيا  

وأضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية الموريتانية اعتقلت السنوسي لدى وصوله من مدينة الدار البيضاء المغربية في رحلة عادية، موضحا أنه كان يسافر حاملا «جواز سفر ماليا مزورا».

وأضاف أنه تم اقتياده إلى مقر أمن الدولة في نواكشوط،

وتم الإبقاء على السنوسي في معتقله بنواكشوط الى حين تسليمه لسلطات طرابلس في سبتمبر من العام ذاته 

وكان رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفي عبد الجليل قد حذّر في السابق من أن مستقبل العلاقات مع موريتانيا مرهون بمدى تجاوبها مع طلب تسليم السنوسي.

وفي يوليو 2012 أدى  رئيس الوزراء في الحكومة الليبية عبد الرحيم الكيب زيارة الى نواكشوط استمرت يومًا واحدًا، بحث خلالها تسليم السنوسي لمحاكمته عن "جرائمه ضد الشعب الليبي"، فيما بقي وزير العدل خليفة عاشور وهو ما اعتبره مراقبون "تمهيدًا لتسليم السنوسي".واستقبل الرئيس الموريتاني آنذاك  محمد ولد عبد العزيز، الوفد الليبي. وقال الكيب، عقب خروجه من اللقاء، إن ليبيا تريد أن تفتح "صفحة جديدة مع موريتانيا وأن تكون العلاقات متميزة ولها طابعها الخاص".وأضاف أنه عبّر للرئيس الموريتاني عن رغبة الليبيين في استعادة السنوسي ليحاكم محاكمة عادلة، تحترم كرامة الإنسان وتحترم حقوقه كمواطن ليبي.

وتحدثت مصادر عدة عن مساومات جرت لتسليم السنوسي الى سلطات طرابلس شاركت فيها قطر وتركيا

كانت مصادر أمنية نيجيرية ومالية قد أكدت في أكتوبر 2011 أن السنوسي الذي توارى منذ سقوط طرابلس في أغسطس 2011 انتقل من النيجر إلى مالي مع بعض أتباعه.

وفي نوفمبر 2011، أعلن النظام الليبي الجديد اعتقاله في منطقة سبها بجنوب ليبيا، ومنذ ذلك لم تنشر أي صورة له.

وظل السنوسي مواليا للقذافي حتى النهاية، وفي 21 أغسطس 2011، أي بعد يوم من دخول ميلشيات عبد الحكيم بالحاج المدعومة من الناتو ،  تحدث إلى الصحفيين الأجانب في طرابلس متهما «الاستخبارات الغربية وحلف شمال الأطلنطي بالعمل جنبا إلى جنب مع القاعدة لتدمير ليبيا».

 في 5 سبتمبر 2012 قامت موريتانيا بتسليم السنوسي إلى السلطات الليبية في صفقة مع الحكومة الموريتانية شملت عدة أمور، بينها إطلاق ليبيا لسراح كل الموريتانيين المحتجزين لديها أو العالقين في مناطقها المختلفة، وإجراء جرد لممتلكات الموريتانيين المُرّحلين، ودراسة تعويضهم بالطرق الأخوية، إضافة إلى الزام طرابلس ببناء كل المشاريع الليبية في موريتانيا، والتي تعطلت مع رحيل النظام السابق. ورفع الحظر عن الاستثمارات الليبية في نواكشوط، والاتفاق على طريقة للتعامل مع الديون الليبية على موريتانيا من بين بنود أخرى اضافة لمبلغ 200 مليون دولار أمريكي حسب عدة مصادر. وهي صفقة قال عنها رئيس المؤتمر الوطني العام آنذاك محمد يوسف المقريف إنه "يتحمل المسؤولية الكاملة عن عملية جلب السنوسي لاعتبارات وطنية"، مؤكدا أنه اتفق مع رئيس الحكومة عبد الرحيم الكيب في هذا الشأن.

وكان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد قال في تصريحات قبل تسليمه إن السنوسي سيحاكم في موريتانيا قبل أي قرار بشأن احتمال تسليمه.

وقال ولد عبد العزيز في تصريحاته ان “السنوسي لديه مشاكل مع القضاء في موريتانيا، وينبغي محاكمته لدخوله البلاد بهوية مزورة”.

وتابع إن “جواز السفر الذي دخل به السنوسي إلى موريتانيا ليس مزورا لكنه يذكر أنه مالي الجنسية مع اسم مزيف، لذلك ينبغي أن يحاكمه القضاء الموريتاني”.

لكن ما لبث أن صدر كتاب “أسرار تحت قبة البرلمان” الذي نشره عبد الفتاح بورواق الشلوي النائب في المؤتمر الوطني العام في ليبيا في سبتمبر 2016 وأكد فيه رواية عملية تسليم السنوسي بمقابل مبلغ مالي وتحدث الشلوي في كتابه عن “تفاصيل تسلم حكومة الكيب لرئيس المخابرات في عهدالراحل معمر القذافي عبد الله السنوسي من السلطات الموريتانية مقابل 200 مليون دولار”.

وأكد الشلوي في نقله لتفاصيل إحدى جلسات المؤتمر الوطني الليبي مخصصة لاستجواب رئيس مجلس الوزراء الليبي السابق عبد الرحمن الكيب، أن الكيب أجاب بقوله: “نعم دفعت لهم 200 مليون مقابل جلب عبد الله السنوسي»، وقد وصف الكيب المبلغ بـ«بخشيش التسليم” على حد تعبيره في الكتاب.في يوليو 2015 أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة استئناف في طرابلس حكماً بالإعدام بالرصاص ضد عبد الله السنوسي، وذلك عن جرائم حرب ارتكبها خلال الثورة الليبية عام 2011، ولازال الحكم حاليا قيد الاستئناف أمام المحكمة العليا الليبية. في محكمة نظرت إليها الأمم المتحدة اضافة للحكومة الليبية أنها غير نزيهة.

وفي 16 ديسمبر 2019  أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة استئناف طرابلس، حكمها في القضية رقم 2014/100، المعروفة إعلاميًّا بقضية “ضحايا سجن أبوسليم”، وأسقطت التهم الموجهة لعبد الله السنوسي لانقضاء المدة.

ويعتبر السنوسي من أكثر الشخصيات الليبية التي تعرضت للتشويه المتعمد داخليا وخارجيا لأكثر من 30 عام بسبب وفائه للقذافي وإشرافه على القطاع الأمني والمخابراتي في الوقت الذي كانت تواجه فيه ليبيا العديد من المؤامرات نتيجة خلافها مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا