في مثل هذا اليوم وتحديدا يوم 19 فبراير 1952 أجريت الانتخابات العامة في ليبيا، إلا في ثلاث دوائر انتخابية في طرابلس، حيث تم تأجيل الانتخابات حتى مارس بعد ان دمرت مثيري الشغب السجل الانتخابي في يوم الانتخابات. وكانت الانتخابات الأولى في تاريخ البلاد .

واقتصر التصويت على الرجل العاقل الذي بات  فوق سن ال 21، ولم تسمح للاقتراع السري، إلا في المناطق الحضرية. ليتم إنتخاب  55 عضوا لمجلس النواب بمعدل عضو واحد عن كل  دائرة انتخابية عضو واحد.

و تم تقسيم الدوائر الانتخابية في المناطق الحضرية والمناطق الريفية، و في المناطق الحضرية أعطيت الناخبين ورقة الاقتراع،  بينما  إقترع الناخبون في المناطق الريفية عن طريق ضابط تسجيل مع لجنة المراقبين كشهود

ولقد تدخلت أجهزة الدولة في الانتخابات بما يحقق لها الأغلبية فغيرت بعض شيوخ القبائل الموالين للحركات الوطنية وأتت بمن يضمن أصوات الناخبين لمرشحي الحكومة وتم تزوير الانتخابات في بعض المناطق. وكان جليا للعيان أن التيار الموالي للدول الغربية والتبعية لها قد تمكن من تحجيم التيار الوطني الرافض للتبعية والقواعد الأجنبية.

وحدثت اضطرابات كبيرة في طرابلس ومصراتة والمناطق المجاورة لطرابلس وواجهتها قوات البوليس التي دربها الإنجليز بعنف أدى إلى مقتل عشرة أشخاص وجرح حوالي 110 من المواطنين. ووضعت الحكومة المناطق المضطربة تحت رقابة البوليس واتهمت قيادة حزب المؤتمر الوطني بتحريض القبائل على انتزاع السلطة وقامت بنفي السيد بشير السعداوي إلى مصر.

ووجه المؤتمر الوطني لطرابلس نداء للملك قال فيه"إن الشعب الليبي يرى في هذه الحقائق تأكيدا للنوايا السيئة لتلامذة النظام الفاشي وعصر الامبريالية السابقين الذين عانت البلاد من حكمهم الآلام والحرمان على مدى ثلاثين سنة".

وفي ذلك اليوم ،  حدثت اعمال شغب كما تم  تبادل لإطلاق النار بين حشد من المواطنين والشرطة في مصراتة، ونقل الى المستشفى عدة أشخاص بعد أن استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع. واندلعت أعمال العنف بعد أن قيل للحشود بأن دعوتهم الى حضور ممثل  حزب المؤتمر  في غرفة  الاقتراع كان غير قانوني. ووقعت احتجاجات مماثلة في طرابلس.

وكما هو متوقع، كان حزب المؤتمر منتصرا في طرابلس بقيادة بشير السعداوي والذي كان له شعبية كاسحة في طرابلس وكان هذا الحزب ضد الفدرالية وله توجه للنظام الجمهوري مما أدى إلى اصدار الملك قرار بإلغاء الانتخابات وحظر جميع الاحزاب السياسية و. تم ترحيل السعداوي إلى مصر، جنبا إلى جنب مع أخيه، و ابن شقيقه وبعض المؤيدين الآخرين، في حين تم ترحيل وزير حزب المؤتمر إلى تونس

 و في يوم25 مارس سنة 1952 افتتح أول برلمان ليبي بحضور الملك إدريس الأول في مدينة بنغازي وألقى السيد محمود المنتصر رئيس الوزراء أول خطاب عرش في عهد الاستقلال. من هذا العرض السريع نرى كيف لجئت الدولة إلى وأد الديمقراطية في مهدها وقبل أن يجف حبر إعلان الاستقلال ونيل الحرية الذي صدر منذ عشرة أسابيع فقط، وتسرب عملاء إيطاليا وتلاميذ الإنجليز إلى دواليب الدولة وتم إقصاء التيار الوطني ثم تحول الأمر إلى القضاء عليه بحل الأحزاب واغتيال النشاط السياسي الوطني في نفس السنة.