مُنذ اندلاع الازمة الليبية  ازدادت نسبة مبتوري الأطراف في البلاد ، جراء الاشتباكات المُسلحة التي شهدتها بعض المناطق من جهة ومُخلفات الحرب الملقاة في الشوارع من جهة أخرى، ويعتبر مركز إعادة تأهيل المعاقين بجنزور الذي تأسس عام 1983 الوحيد في ليبيا المختص بعلاج هذه الحاﻻت ، ويستقبل نحو 2000 حالة بتر سنوياً منذ عام 2011 ، ويفتقر المركز لوجود أطراف صناعية الكترونية يمكن أن تعوض بدرجة ما عن وظائف الأطراف المبتورة.

الشاب عبد الخالق المرغني البالغ من العمر 16 عاماً، فقد يديه الاثنتين جراء انفجار مقذوف ناري وجده أمام بيته بمنطقة سوق الجمعة بطرابلس في يوليو 2011 ، يقول المرغني وحيد والديه "عندما بُترت يداي تأثرت نفسياً بما حدث. وسافرت للعلاج إلى ألمانيا حيث جرى تركيب أطراف صناعية لي، وواصلت دراستي رغم فقداني ليديّ الطبيعية ."

ويضيف المرغني الذي يدرس بالصف الأول الثانوي في مدرسة العرب  بسوق الجمعة، أنه يشرع حالياً في تركيب أطراف صناعية بديلة بمركز إعادة تأهيل المعاقين بجنزور، بعدما أصبحت أطرافه الأولى التي ركبها في ألمانيا  أصغر من مقاس يديه.ويقول مدير إدارة الأطراف الصناعية بمركز إعادة تأهيل المعاقين بجنزور غيث محمد إن المواد الخام الخاصة بتصنيع الأطراف يتم توريدها من ايطاليا وألمانيا وفقاً للمواصفات العالمية، ويقوم الفنيون في المركز بأخذ قياسات حالات البتر وتصنيع وتركيب وتسليم أطراف تعويضية لهم مجاناً .

 الأطراف الالكترونية غير موجودة :

ويقول محمد إن " اليد الصناعية الالكترونية مفقودة في ليبيا، حيث توجد اليد التجميلية فقط التي تحاكي منظر اليد الطبيعية لكنها غير قابلة للتحريك." وأوضح أنه جرى مخاطبة وزارة الشؤون الاجتماعية بطرابلس من قبل المركز لتوريد كمية من الأطراف الإلكترونية ولكن دون جدوى .حاولنا الاتصال بوزارة الشؤون الاجتماعية أو فرع الشؤون الاجتماعية بطرابلس لمعرفة الأسباب الرئيسة لعدم توفر الأطراف الصناعية الإلكترونية في ليبيا، ولكن لم نتحصل على رد عن اتصالنا.

 عودة الأمل :

لكن الإمكانات المتاحة في المركز أمكنها أن تعيد البسمة لأصحاب حالات أخرى، "برجل صناعية أمارس عملي يومياً  لكني لا أستطيع أن أصلي واقفاً" بهذه الكلمات أستهل الحاج نور الدين المرابط من مدينة الزاوية الذي التقيناه في المركز حديثه عن حالته.المرابط البالغ من العمر 61 عاماً، لديه اثنان من الأولاد وثلاث بنات، وفقد ساقه اليُسرى بعدما بترت أصابعه في تونس نتيجة التهاب شديد تعرض له ثم بتر نصف ساقه في تركيا. ويقول إنه يمارس حياته بشكل طبيعي بعدما استلم ساقا صناعية العام الماضي من مركز تأهيل المعاقين بجنزور الذي وصفه بأنه "مركز عالمي".يضيف المرابط الذي يعمل رئيساً لمجلس التفتيش العام بوزارة العدل، والبسمة ترتسم على وجهه، إنه يقود السيارة لمسافة 80 كيلومترا يومياً، ويمارس عمله بشكل طبيعي رغم فقدانه لرجله الطبيعية.

تهيئة نفسية

فني صناعة وتركيب الأطراف الصناعية بمركز تأهيل المعاقين مفتاح جابر يقول "كثير من الحالات تأتي على كرسي متحرك، وعلينا أن نخرجه ماشيًا على قدميه."جابر الذي يعمل في صناعة وتركيب الأطراف منذ 38 عاماً ، يقوم يوميا بأخذ  القياسات اللازمة لأصحاب الحاﻻت ثم تركيب أطراف تعويضية وتأهيلهم ليتمكنوا من الحركة. ويقول إنه يعمل أيضا دعم المرضى نفسيا وإقناعهم  بإمكانية استعادة قدر كبير من حياتهم الطبيعية قبل البتر.الشاب عبد القادر والحاج نور الدين، نموذجان لآﻻف الليبيين الذين فقدوا أطرافهم بسبب حرب لم يشاركوا فيها ، لكن أمالهم كبيرة  في الخبرات الوطنية التي تقدم لهم أطرافا تعويضية في مركز إعادة تأهيل المعاقين في جنزور دون مقابل ووفقاً للمواصفات العالمية ، بدلاً من مشقة العلاج في الخارج .