في مثل هذا اليوم 25 مارس من العام 1986 قامت الولايات المتحدة الأمريكية  بمغامرة خطيرة ضد ليبيا ضاربة عرض الحائط الدولي حيث أسقطت الطائرات الأمريكية قبالة خليج سرت قنابلها على زورق دورية كان يقوم بمهمة روتينية والحاق الضرر بخافرة بحرية أخرى. 

وقد أدى ذلك العد،ان الأمريكي لصارخ الى إستشهاد كل من :

1- الشهيد ملازم بحارعبد المنعم الحاسي

2- الشهيد عقيد بحار علي بشير علي الجروشي

3- مقدم شرف علي حسين الصويعي

4- الشهيد عقيد علي يونس محمد العموري

5-الشهيد عقيد فخرالدين علي محمد المقصبي

كانت ليبيا أنهت في 1 يناير 1986 تجهيز  سبـــعة مواقــــع اطلاق صواريخ سام -5، وفي 12 يناير1986 اعلن بأن ليبيا أستخدمت هذه الصواريخ فى إسقاط مقاتلة أمريكية FA-18، ولكن الجانب الامريكي نفى ذلك وأعلن بأن المقاتلة تحطمت خلال رحلة تدريبية .

فى 30 يناير صرحت الإدارة الامريكية بأن صواريخ الدفاع الجوي SA-5 التى تم تركيبها على سواحل مدينة سرت وضعت فى حالة مناوبة، وأن الاقمار الصناعية الامريكية حددت مواقع لصواريخ SA-5 فى طرابلس وبنغازي ،ولكنها ذكرت بأن المواقع لاتحوي على منظومات إطلاق.

خلال الفترة 24-31 يناير قام الاسطول الامريكي بأول مناورة له خلال 1986 وقامت خلالها الطائرات الامريكية بأنتهاك الحدود الدولية خلال مهامها الأستطلاعية ، وفى 25 يناير 1986 فى خطوة لتاكيد سيادة ليبيا على خليج سرت  قام الزعيم الراحل معمر القذافي من على متن زورق صاروخي بتحديد خط الموت ( خط 32° 30) .

في 4 فبراير1986 قامت مقاتلات الكيان الصهيوني بأعتراض طائرة مدنية ليبية باستخدام معلومات تم التقاطها من سفن الأسطول السادس. وفي  12-15 فبراير 1986قامت الولايات المتحدة بإجراء التظاهرة الأستعراضية العسكرية الثانية ، وفي 14-16 مارس إجراء المناورة الثالثة ،19-21 مارس التظاهرة العسكرية الرابعة... ومنذ منتصف مارس 1986 حشدت عددا كبيرا من سفنها العسكرية من بينها حاملة الطائرات الاسطول السادس، وفى 20مارس 1986 وصلت ثالث حاملة الطائرات للبحر المتوسط " أميركا 66CV . وفي 23-26 مارس اجرت المناورة الخامسة للأسطول السادس بالقرب من السواحل الليبية والتى نتج عنها توجيه ضربات صاروخية - وبالقنابل على مدينة سرت والمناطق السكنية المجاورة فى إطار عملية مخططة، قامت امريكا بالأعداد لهذه العملية فى مايعرف بحربها على الأرهاب الدولي، وقد انتهت مناوراتها بالاعتداء بغارات جوية على بيت الشهيد في 15 ابريل 1986 عند الساعة الثانية صباحاً بهدف القتل المتعمد.

 وبحسب تقرير نشرته مجلة  المسلح فى أبريل 2009 فقد تم الإعداد لهذه العملية بدقة كاملة فى منتصف مارس فى الجزء الاوسط من البحر المتوسط  حيث نشرت حاملات الطائرات الولايات المتحدة الأمريكية ” كورل سي” (مجموعة حاملة الطائرات 60.1 ) ،”سراتوغا ” (مجموعة حاملة الطائرات 60.2 ) ” أميركا ” (مجموعة حاملة الطائرات 60.3 ) وتواجدت على اسطح الحاملات أكثر من 300 طائرة كان نصفها طائرات هجومية .

وتتكون قطع حماية الحاملات من طرادات ومدمرات وفرقاطات وتم توزيع حاملات الطائرات فـي ” تشكيـل عملياتـي ضـارب ” والذي يدخل فى قوامه غواصات نووية متعددة الأغراض  وفى منطقة التشكيل تواجدت خمس سفن 

وكانت جميع القوات تخضع لسيطرة قيادة الأسطول السادس الأمريكي من على متن سفينة القيادة ” كورونادو ” المجهزة بسطح مروحيات إنزال ، وكذلك مزودة بمعدات أتصالات عبر الأقمار الصناعية تتيح لها الاحتفاظ بالاتصال المستمر مع قطع الأسطول السادس وكذلك مع البنتاغون و حتى مع رئيس الولايات المتحدة الامريكية.

مابين أيام 19 و 21 مارس تم نشر منظومة السيطرة العملياتية الآلية  للأسطول السادس وفى 21 مارس بدأت قوات التشكيل العملياتي -60 بالاشتراك مع سفن تشكيل الشؤون الادارية العملياتي -63 فى الانفتاح قبالة سواحل تورينو الايطالية .

مابين 22-23 مارس جميع القوات أحتلت مناطق المناورة القتالية و انتظمت في تشكيلات قتالية ومع الساعة السابعة صباح 24 مارس بدأت طائرات الحاملات فى العمل موازية لخط 30 – 32 المعروف فى ليبيا باسم خط الموت بهدف مواصلة الاستطلاع الأضافى للدفاعات الجوية الليبية .

عند الساعة الواحدة من ظهر 23 مارس 1986  دخلت خليج سرت مفرزة من ثلاث قطع حربية أمريكية مكونة من الطراد الصاروخي “Ticondroga  CG-47 ومدمرتين ” Scott ” DDG-995 و  DD-970 Caron ” ،ولم تخترق الطائرات الأمريكية فى هذا اليوم الأجواء الليبية حيث قامت بدورية على مسافة 100 -130 كم من الخط الساحلي مع محافظتها الدائمة على وضع الدفاعات الجوية الليبية فى حالة توتر مستمر.

بلغ التوتر ذروته يوم  24 مارس عند الساعة 40: 13 من بعد الظهر عندما أطلقت الدفاعات الجوية الليبية صاروخين من منظومة  ” S-200 فيغا” على طائرتين أمريكيتين كانتا تحلقان تحت الخليج ، وظهرت علامات إصابة الأهداف على شاشات المراقبة وهي فقدان الإرتفاع والسرعة ،وبعد ثلاث ساعات أُطلق  صاروخ آخر وأصاب أيضاً طائرة مقاتلة ، ولكن بحسب بيانات الامريكيين فأن جميع الصواريخ الليبية قد أخطأت الأهداف ، باتت المواجهة في حكم المؤكد  .

مساء 24 مارس الساعة 29 : 19 مساءً ( بعض المصادر تذكر الساعة 00: 23 ليلاً ) وبحسب بيانات طائرة الإستطلاع الراداري بعيد المدى والسيطرة “Hawkeye ” E-2C تابعت الطائرة زورق صاروخي ليبي منذ لحظة خروجه من قاعدة طرابلس البحرية ” أبوستة ” ،ثم وجهت  بعد ذلك طائرتين هجوميتين من طراز ” Grumman A-6 Intruder ” من على متن حاملة الطائرات المسماة ” أميركا” إلى الزورق الصاروخي الليبي وميض الفرنسي الصنع المشيد في 30 سبتمبر 1980 أثناء قيامه بمهام الدورية على مسافة 80 ميل شمال شرق مصراتة وقد تأكد قصفه بالفعل.

بحسب صحيفة ” نيويورك تايمز” فإن الزورق أقترب من السفن الأمريكية على مسافة 10 ميل وكان مزوداً بصواريخ ويستطيع على الأقل إطلاق إثنين منها على إحدى حاملات الطائرات ،وأعلن مسؤول فى البنتاغون فى 26 مارس بأن صواريخ الزورق يصل مداها إلى 38 ميل وأضاف أن الأسطول الأمريكي تابع القطعة الليبية لأكثر من ساعة ،ولكنه لم يذكر لماذا لم يهاجمها قبل ذلك الى أن اقتربت من حاملة الطائرات والسفن المرافقة لها على مسافة قريبة .

وبحلول فجر 25 مارس دخلت سفن التشكيل العملياتي 60  الجزء الأوسط للبحر المتوسط وفي الساعة 8.25 صباحاً هاجمت المقاتلة الأمريكية انترودير ” خافرة صاروخية ليبية تحمل إسم “عين مارة ” ويعتقد بأن الخافرة لم تراع الصمت اللاسلكي ولذى تم إكتشافها وتصنيفها كعدو وتوجيه المقاتلة نحو ها بمساعدة طائرة الإستطلاع الراداري بعيد المدى والسيطرة وبإستخدام منظومة رادار كشف الأهداف السطحية ذات مدى 240 كم .دخلت المقاتلة منطقة الهدف – أي الخافرة عين مارة – وتم التعامل معها بإستخدام محطة الأشعة ماتحت الحمراء وأعطت الدلالة عليها مع إستخدام محدد المسافة الليزري وبحسب هذه البيانات تم إطلاق الصواريخ ورغم ذلك إتضح فى وقت لاحق عدم إصابتها الهدف ،وتبين أن صواريخ ” هاربن 84 ” المضادة للسفن لم تصب الخافرة بسبب قصور فى منظومة التوجيه الذاتي وسقطت فى البحر على مسافة 5-6 أمتار بجانب الخافرة ونتج عنها أضرار نتيجة للشظايا فيما لم ينفجر أحد الصواريخ أصلاً .جاء في مقال لمجلة المسلح «تعرض الناجين من بحارة الزورق وميض أثناء تواجدهم على قوارب النجاة الى نيران طائرة امريكية تطير بعلو منخفض وترشقهم بنيران قناصتها الامر الذي يعد مخالفا ً للقانون الدولي الانساني للصراع المسلح .

مواجهات خليج سرت أظهرت الاهتمام الكبير بأستخدام الأستطلاع والاخفاء والتمويه وتنظيم التعاون بين صنوف القوات واستخدام قواعد تنظيم الدفاع وأهمية الحرب الألكترونية .و بتحليل دور الأسطول الامريكي خلال تلك المواجهات ،أظهر أهمية الأستطلاع وتنظيم التعاون بين صنوف القوات واستخدام قواعد تنظيم الدفاع ،وأهمية الخداع والمبادرة ، وأكد أهمية دور الحرب الالكترونية سواء فيما يتعلق بالتشويش الالكتروني الأيجابي او الاستطلاع اللاسلكي الفني ،وكذلك على دور الصواريخ المضادة للسفن سواء سطح/سطح ،او جو/سطح ، وتبين ضعف الاسطول الامريكي فى دقة تحديد الاهداف و الأنذار المبكر رغم امتلاكه لكافة الوسائل اللازمة لذلك .وبتحليل دور الاسطول الليبي خلال تلك المواجهات ،تبين غياب تنظيم التعاون بين صنوف القوات و الاستطلاع اللاسلكي الفني ،وأهمية الدفاع الصاروخي للقطع البحرية ونجاح استخدام الأساليب التعبوية والتطبيق الناجح للتأمينات القتالية والروح المعنوية والانضباطية العالية لأفراد الأسطول.تفاصيل عمليـــات المواجهات البحرية فى خليـــج ســرت لا زالـــت مغلـقة من طرفي الصراع ، ورغم ذلـــك فمــــحاولات تحليل ودراســــة وقائعـــها من قبــــــل المحللين والمهتمين أعطت صورة مقاربة وإن لم تكن صحيحة ،ولكن كل معلومة تملك جزء من الحقيقة والأهم هو كيفية أستخلاصها وأستنتاج الدروس المستفادة »كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي  قد قطع خط الموت بتاريخ 15يناير 1986 بقطع خليج سرت أفقيا من مصراتة حتى بنغازي على متن قارب سلاح البحرية الذي استشهد أبطاله في المواجهات التاريخية من اجل خليج سرت وخط الموت وبعد استشهادهم أمرت البحرية الأمريكية بالخروج من خط الموت و العودة لقواعد امريكيا التي تحتل إيطاليا، وخرج معمر القذافي بجسارة وشجاعة معلنا أن هذا الخط خط 32.5 هو خط الموت وان أي قوة في العالم ستعبره سيتم قتالها و ضرب اساطيلها مهما كانت القوة و البلاد التي تتبعها وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية و الاسطول السادس الأمريكييمثل ذلك الموقف رمزا للفخر والإعتزاز بإستقلالية القرار الوطني الليبي في العهد الجماهيري وبقدرة الليبين على التصدي  للأطماع الأجنبية وإستعدادهم للتضحية بالنفس والنفيس من أجل حماية سيادة الدولة الليبية قبل أن يطاح برمزيتها في العام 2011 وإنهاء دورها الريادي في المنطقة