أثار اغتصاب الطفلين بمحافظة دوار هيشر غرب العاصمة التونسية مؤخرا جدلا كبيرا لدى الرأي العام والمجتمع المدني بما في ذلك المنظمات الحقوقية. وقد هرولت وزارة الصحة العمومية إلى إيجاد حل يراعي الجانب النفسي للمغتصبين ويسهل على الوالدين أي وجهة يقصدها عندما يتعرض طفله لهذه الجريمة الأخلاقية الخطيرة .
وقد علمنا أن وزارة الصحة العمومية قررت فصل ضحايا الاغتصاب من الأطفال والرجال والنساء عن بقية المصابين بحوادث واعتداءات خلال عرضهم ا على قسم الطب الشرعي بمستشفى "شارل نيكول" العمومي ،وذلك من خلال بعث وحدة خاصة بمقر قسم الاستعجالي القديم بالمستشفى وتخصيصها للاعتداءات الجنسية دون سواها. وأفاد الدكتور المنصف حمدون رئيس قسم الطب الشرعي بالمستشفى المذكور أن الخلط بين الطفل المغتصب والجرحى والمصابين عند عرضهم على الطب الشرعي في قسم واحد من شأنه أن يخلف آثارا نفسية عميقة لا يمكن علاجها حتى بمرور الوقت لذلك تمت مراعاة هذا الجانب وعجلت وزارة الصحة التونسية باتخاذ قرار إنشاء وحدة مختصة ستفتح أبوابها خلال الأيام القليلة القادمة بعد انتقال قسم الاستعجالي القديم إلى مقره الجديد.
تدخل وتأهيل
وبين الدكتور حمدون أن الفحص الطبي لتشخيص حالات الاغتصاب ضروري وهو ركيزة فاصلة في تحديد المسؤولية ،إذ هناك علامات تدل على حدوث الاعتداءات الجنسية تستوجب سرعة الكشف عنها لإثباتها مثل وجود الحيوانات المنوية للمغتصب والتي سرعان ما تموت بتأثير عامل الوقت.
وأضاف أن التجربة ستشمل تونس الكبرى بمحافظاتها الأربع (تونس،بن عروس،أريانة ومنوبة) على أن يقع تعميم التجربة على جميع المحافظات لاحقا.
ومن المنتظر أن يشتغل هذا "القسم" الاستعجالي الشرعي الخاص بالاعتداءات الجنسية في مرحلة أولى من الثامنة صباحا إلى السابعة مساءً،وبعد التمركز سيفتح أبوابه 24/24 ساعة.وأوضح رئيس قسم الطب الشرعي أن الاستقبال أهم شيء في قضايا الاعتداءات الجنسية لذلك سيتم الاعتناء باستقبال المغتصبين على أياد مختصين لتوجيههم والتخفيف من حدّة الآثار النفسية التي يعانون منها جراء هذه الجريمة. كما أنه سيتم إعطاء أهمية في هذا القسم للتأهيل النفسي ومتابعة ضحايا الاغتصاب عن طريق مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع. وختم القول بأن جمعيات تدخلت على الخط لتوفير المساعدة المالية لتجهيز هذه الوحدة.
34 محضرا في الشهر
وحسب إحصائيات جمعية النساء الديمقراطيات في تونس، فقد تضاعف عدد المغتصبات بعد الثورة ليصل إلى حوالي 1050 حالة أي بمعدل 3 حالات يوميا، وتعتبر الجمعية أن هذه الظاهرة تجاوزت الضحايا من بين الشباب والمراهقين لتنتقل إلى الأطفال أيضا بشكل لافت. وقد كشفت الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية أن سنة 2013 شهدت تسجيل أكثر من 69 محضر مُواقعة غصبا أو محاولة اغتصاب لفتيات أقل من 18 سنة و272 محضرا لمن تجاوزت أعمارهم 18 سنة، أي أن المحاضر المسجلة سنة 2013 بلغت 341 محضرا مقارنة بـ252 محضرا سنة 2012 أي بمعدل 34 محضرا في المواقعة ومحاولة المواقعة شهريا. و هو ما يعكس خطورة الظاهرة السائرة نحو الانتشار بعد الثورة بسبب الانفلات الأمني وتفشي الجريمة والانحراف والإدمان على المسكرات والمخدرات بأنواعها.
العقوبة
حدد المشرع التونسي العقوبات المتعلقة بالاغتصاب من الفصل 227 إلى الفصل 229 من المجلة الجزائية، وقد نص على عقوبة السجن لمدة 6 سنوات لكل من يعتدي بفعل الفاحشة على شخص ذكرا كان أو أنثى دون رضاه. ويرفع العقاب إلى اثني عشر عاما إذا كان المجني عليه دون15 عاما، كما يعاقب الاعتداء بفعل الفاحشة دون قوة على صبي أو صبية لم يبلغا من العمر 15 عاما بالسجن مدة 5 أعوام، ويكون العقاب مضاعفا إذا كان المرتكبون للجرائم التي تم ذكرها من أصول المجني عليه أو المجني عليها من أية طبقة أو كانت لهم السلطة عليه أو كانوا معلميه أو في خدمته.
وقد نص على أنه يعاقب بالإعدام كل من واقع أنثى باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به ويعاقب بالسجن بقية العمر كل من واقع أنثى دون رضاها دون استعمال العنف أو السلاح، إلا أنه على مستوى التطبيق فإن عقوبة جرائم الاغتصاب تترواح عادة بين 10 و15 عاما سجنا.
ويعاقب أيضا بالسجن مدة 6 أعوام كل من واقع أنثى دون عنف سنها دون 15 سنة، وإن كان سن المجني عليها فوق 15 ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة 5 سنوات، لكن زواج الفاعل بالمجني عليها يوقف التتبعات القضائية ضدّه شرط ألا يحدث الطلاق قبل مضي عامين من تاريخ الدخول بها،وعند الإخلال بهذا الاتفاق تتواصل التتبعات في حق مقترف الجريمة.