عرفت تونس منذ "ثورة 14 يناير" 2011 عددا كبيرا من الأعمال الإرهابية التي إستهدفت عناصر الأمن و الجيش و المدنيين و رجال السياسة حيث هذه العمليات الإرهابية وتحديدا منذ يوم 18 مايو/أيار 2011 في منطقة الروحية من ولاية سليانة شمال البلاد عن مقتل عدد كبير في صفوف الجيش الوطني التونسي و جرح آخرين.

ففي تصريح لموقع "المصدر" التونسي أفاد الناطق الرسمي لوزارة الدفاع الوطني توفيق الرحموني أن عدد العسكريين الذين استشهدوا جرّاء الاعمال الإرهابية قد وصل الى 31 عسكري و جرح 120 عسكري آخرين على حدّ قوله .و كان المقدّم الطاهر العياري والرقيب الأول وليد الحاجي هما أوّل عسكريين تونسيين قتلا يوم 18 مايو/أيار 2011 وهما اثر تبادل اطلاق نار في منطقة الروحية بولاية سليانة مع عناصر منتمية لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي.

وقال الناطق الرسمي توفيق الرحموني أن الجماعات الإرهابية تعتمد أسلوب المباغتة في تنفيذ عملياتها مشدّدا على أن وحدات الجيش التونسي متدربة على الحرب مع الجماعات المسلحة العشوائية في اطار التدريبات العسكرية في حرب اللاتنظّم منذ سنين طوال.وبين لنا الرحموني أن عدد كبير من الجنود قد استشهدوا في تفجيرات الألغام التي زرعها الارهابيون في الشعانبي مشيرا الى صعوبة التعامل مع الالغام الغير تقليدية لان أجهزة الرصد لا يمكن لها ان ترصدها كلها وفق قوله.وأشار الناطق الرحموني  الى ان الجماعات الإرهابية تملك في صفوفها إرهابيين لهم الخبرة الكافية في صنع الألغام.

وتنوعت العمليات الإرهابية التي قتل خلالها جنود الجيش الوطني حيث اعتمد الإرهابيون عمليات متنوعة تجسدت في زرع ألغام في جبل الشعانبي من ولاية القصرين وذبح جنود و نصب كمين وعمليات تبادل اطلاق نار.أما عن الإرهابيين الذين يتحصّنون بجبل الشعانبي والجبال المحاذية له قال الرحموني لــ"المصدر" أنه لا يمكن لوزارة الدفاع حصر أعدادهم نظرا لتحوّلهم ما بين الأراضي التونسية الأراضي الجزائرية .

هذا ويذكر أن تونس عرفت طيلة الثلاثة سنوات الأخيرة عمليات إرهابية كثيرة تنوّعت بين التفجير و الإغتيال و الكمائن ،لعلّ أبرزها هي ذبح ثمانية جنود في جبل الشعانبي أواخر يوليو من العام الماضي ،و عملتي إغتيال سياسي إستهدفت الأولى المعارض و القيادي بالجبهة الشّعبية شكري بالعيد في 6 فبراير 2013 و الثانية إستهدفت المعارض و النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي في 25 يوليو من نفس العام .

أنصار الشريعة المتهّم الأبرز :

تعتبر"أنصار الشريعة" حسب وزارة الدّاخلية التونسية المسؤول الأوّل عن هذه الأحداث وقد صنفت هذه المجموعة الغير مرخص لها العمل منذ تأسيسها كتنظيم إرهابي محضور من قبل الحكومة التونسية في قرار أتخذ من قبل وزير الدّاخلية التونسي في حكومة الترويكا الأولى علي لعريض اللذي أكّد في المؤتمر الصحفي اللذي عقد في 27 أغسطس/آب 2013 في مقر الحكومة بالقصبة عن ارتباط هذه المجموعة بتنظيم القاعدة وتورطها في اغتيال السياسيين التونسيين البراهمي و بالعيد وضلوعها في العمليات الارهابية في الشعانبي وغيرها وادخال وتخزين الاسلحة.

و كان أول ظهور عملي لهذا التيار بعد الثورة في شهر ماي 2011 في ملتقي أنصار الشريعة الذي ضم اغلب الطيف الجهادي التونسي و الذي انتظم تحت شعار "اسمعوا منا و لا تسمعوا عنا " و أعقبته ندوة صحفية بجهة وادي الليل بحضور القيادات الجهادية كسيف الله بن حسين(أبو عياض) ،مؤسس تجمع الجهاديين التونسيين في جلال أباد سنة 2000 و تلميذ "أبو قتادة "الفلسطيني و أبو أيوب التونسي احد القيادات الشابة إلى جانب القيادة الشرعية ممثلا في الشيخ الخطيب الإدريسي السجين السابق على خلفية أحداث الضاحية الجنوبية و قد رفض أصحاب الملتقي التقدم بطلب تأشيرة العمل القانوني معتبرين أنهم لن يطلبوا التأشيرة إلا من الله.

و كانت وزارة الخارجية الامريكية قد وضعت في 10 يناير الماضي ،جماعة أنصار الشريعة بتونس و زعيمها أبو عياض على لائحة الارهاب،بحسب بيان صادر عن السفارة الامريكية بتونس،و أضاف البيان ان وزارة الخارجية الامريكية صنفت يوم 10 يناير عام 2014، أنصار الشريعة في تونس ، جنبا إلى جنب مع اثنين من مجموعات منفصلة في ليبيا باعتبارها منظمة إرهابية أجنبية . بالإضافة إلى ذلك، صنفت وزارة الخارجية أيضا سيف الله بن حسين ، زعيم جماعة أنصار الشريعة ، المعروف باسم "أبو عياض " إرهابيا عالميا" .و أضاف البيان أن هذه التصنيفات تعكس تصميم الولايات المتحدة الحط من قدرة هذه المنظمات والأفراد لارتكاب أعمال عنف بقطع تدفقاتها المالية ، وتشمل عواقب هذه التصنيفات حظرا على توفير الدعم المادي أو الموارد أو الانخراط في معاملات مع هذه الجماعات والأفراد.

و كانت صحيفة «واشنطن بوست» الامريكية قد كشفت قبل ذلك بيوم ،عن أن واشنطن تعتزم  ادراج ثلاثة من فروع جماعة «انصار الشريعة» في شمال افريقيا على لائحة المنظمات الارهابية و أبرز الفروع أنصار الشريعة ببنغازي بزعامة الجهادي الليبي ابو سفيان بن قمو وذلك للاشتباه بضلوع بن قمو، المعتقل السابق في غوانتانامو بالهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي والذي ادى الى مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز في ايلول (سبتمبر) 2012.

وأشارت الصحيفة الى ان الفروع الثلاثة للجماعة متمركزة في درنة وبنغازي وفي تونس. ونقلت عن مسؤولين مضطلعين ان الاجراء المذكور سيطاول الليبيين: بن قمو واحمد ابو ختالة زعيم جماعة أنصار الشريعة بدرنة شرق ليبيا والتونسي سيف الله بن حسين (ابو عياض)أمير انصار الشريعة بتونس . ويؤدي هذا الإجراء الى الضغط على المجموعة وقطع الدعم عن نشاطاتها من خلال تجميد أموالها وأموال قادتها ومنع الشركات والمواطنين الاميركيين من التعامل معهم.وأكد شهود لمسؤولين اميركيين ان عناصر بن قمو قطعوا المسافة الطويلة من درنة الى بنغازي قبل هجوم على القنصلية. وسعى مسؤولون اميركيون الى القبض على ابو ختالة في بنغازي غير انهم تخلوا عن ذلك خشية ان يثير الامر اضطرابات ويزعزع استقرار الحكومة الليبية.كما أفادت الصحيفة ان المسؤولين الاميركيين يسعون كذلك لمعرفة ما اذا كان اي من مهاجمي القنصلية ضالعاً في قتل المدرس الاميركي روني سميث بالرصاص الشهر الماضي في بنغازي.

و قال الدكتور أعلية العلاني الأستاذ الجامعي و الخبير الدولي في الجماعات الإسلامية والإرهابية ، في حوار خاص مع بوابة إفريقيا الإخبارية  نشر سابقا أن أمريكا صنفت تيار أنصار الشريعة في تونس و ليبيا كتيار إرهابي لمحاصرته ومنعه من تهديد الاستقرار و التيارات الليبرالية في البلدين إضافة الى توجيه تحذير الى هذا التيار المتواجد في سبعة بلدان أخرى،وردا عن سؤال حول كيفية تصرف الحكومة التونسية مع الجهاديين التونسيين العائدين من سوريا وغيرها قال د العلاني أن عدد هؤلاء يقارب من الألف ، وهم ينتمون الى تيارات موالية للقاعدة ومعروفة بدمويتها في تعاملها مع خصومها ، وهو ما يطرح على الحكومة الجديدة التفكير في تأهيلهم عبر مراجعات فكرية لدفعهم الى التخلي عن اعتماد العنف ومحاربة و تكفير السلطة القائمة.