حدد متعاملون في سوق الصرف بمصر 4 عوامل رئيسية لارتفاع الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية، وتوقعوا مواصلة صعود الورقة الخضراء خلال شهر لنقص المعروض، وزيادة أومر الاستيراد، وتسوية المراكز المالية للشركات الكبرى، واستعداد الشركات الأجنبية بمصر لتحويل أرباحها مع نهاية العام.

وقفز سعر صرف الدولار أمام العملة المصرية، خلال الأسبوع الجارى بالسوق الموازية (السوداء) ليتراوح بين 7.55 و 7.65 جنيه مصري للشراء، وبين 7.6 و 7.7 للبيع، ليسجل أعلى مستوى له منذ 16 أشهر في السوق الموازي وفق ما ذكره متعاملون في السوق لوكالة الأناضول، بينما ظل في السوق الرسمية وفقا للبنك المركزي عند 7.14 جنيه للشراء و 7.17 جنيه للبيع.

وقال أحمد سليم المدير بالبنك العربى الأفريقى الدولى بمصر، إن سعر الدولار يرتفع في هذه الفترة من كل عام، وهذا أمر طبيعي، بسبب زيادة أوامر الاستيراد قبل الإجازات السنوية المرتبطة بأعياد الميلاد والإجازة الصينية، فضلا عن الأسباب الأخرى التي يعاني منها الاقتصاد والمتمثلة مثل تراجع تحويلات المصريين بالخارج، وانخفاض إيرادات السياحة.

وتعانى مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 من أزمة اقتصادية أدت إلى تآكل احتياطي النقد الأجنبي في البلاد، من 36 مليار دولار بنهاية عام 2010 إلى 16.9 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، بسبب تراجع الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي في البلاد مثل إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين في الخارج.

وأضاف سليم في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، أن من أسباب ارتفاع الدولار أيضا تسوية المراكز المالية للشركات الكبري التي تمتلك حسابات بالدولار في البنوك الغير حكومية، والتي تبدأ السنة المالية لها في بداية العام وليس منتصف العام مثل الحكومة، واستعداد الشركات الأجنبية بمصر لتحويل أرباحها مع نهاية العام.

وتوقع الخبير المصرفي، مواصلة الدولار ارتفاعه خلال 30 يوما قادمة ولكنه سيبقى أدنى 8 جنيهات، ثم سيعاود الاستقرار عند مستوياته السابقة بين 7.25 و 7.40 جنيه مصري، مستبعدا تأثر الدولار بقيام مصر برد الوديعة القطرية التي تبلغ 2.5 مليار دولار في نهاية الشهر الجاري، بعد إعلان البنك المركزي المصري قدرته علي ردها دون حدوث خلل في احتياطي النقد الأجنبي لديه.

وشهدت أسعار صرف الدولار أمام الجنيه المصري، خلال العام المالي المنقضي (2012-2013)، قفزات كبيرة، ليرتفع بقيمة تقترب من 96 قرشا، بعد أن صعد من 6.04 جنيه للشراء و6.07 جنيه للبيع في يونيو / حزيران 2012، إلى نحو 6.99 جنيه للشراء و7.01 جنيه للبيع في نهاية يونيو/ حزيران 2013.

ويسعى البنك المركزي المصري، لتوفير السيولة الدولارية للبنوك المحلية، وذلك من خلال آلية العطاءات، التي يستخدمها البنك منذ نهاية عام 2012 ، ويطرح البنك حوالى 3 عطاءات أسبوعية بشكل منتظم، بالإضافة إلى العطاءات الاستثنائية.

ومن المقرر أن تسدد مصر لقطر خلال الشهر الجاري سندات قيمتها نحو 2.5 مليار دولار، يضاف عليها نحو 650 مليون دولار تستحق في يناير/ كانون الثاني القادم لخدمة الديون الخارجية لمصر في إطار اتفاق نادي باريس.

وتجرى هذه العطاءات بنظام المزايدة من أجل الوصول إلى قيمة عادلة للجنيه أمام الدولار.

وتبلغ قيمة العطاءات الدولارية التي طرحها البنك المركزي 8.16 مليار دولار حتى نهاية أبريل/ نيسان الماضي، هذا إلى جانب عطاءات استثنائية قام البنك بطرحها بـ 4.2 مليار دولار.

وقال محمد لطفي، مدير شركة القاهرة الدولية للصرافة، إن ارتفاع أسعار الدولار تعود إلي استمرار الطلب علي الدولار لتغطية طلبات الاستيراد، في مقابل انخفاض المعروض منه في الصرافات.

وأضاف لطفي في اتصال هاتفي لمراسل وكالة الأناضول:" هناك ارتفاع في الطلب علي العملة الأمريكية من جانب المستوردين، لتغطية طلباتهم، خاصة قبل بدء الإجازة السنوية في الصين التي تتوقف فيها حركة الاستيراد والتصدير مع الصين، والتي تستمر لمدة شهر من منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل وحتي منتصف يناير/ كانون الثاني القادم".

وقال مدير شركة القاهرة الدولية للصرافة، إن" أكثر من 60% من السلع المستوردة ، لمصر تأتي من الصين".

ونفي لطفي تأثر سعر الدولار في مصر بالمتغيرات السياسية العادية المستمرة في مصر، قائلا إن "التوتر السياسي المستمر منذ ثورة 25 يناير 2011، أدي إلي عدم تأثر الدولار إلا بالأحداث السياسية الكبيرة في مصر".

وتوقع عاطف حرز الله الخبير المصرفي، مواصلة أسعار الدولار الصعود خلال الفترة المقبلة، دون أن يكون هناك توقعات دقيقة لحجم تلك الزيادة.

وأضاف حرز الله في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، أن ارتفاع الدولار يعود بشكل أساسي إلي بداية موسم جني الأرباح للشركات الأجنبية بمصر من ناحية، وزيادة أوامر الاستيراد من الخارج من ناحية اخري، مع اقتراب نهاية العام، واقترانها بارتفاعات ملحوظة في أسعار السلع المستوردة من الخارج".

واستبعد حرز الله وجود تأثير لعملية اتجاه الحكومة المصرية لاغلاق بعض شركات الصرافة ، علي اسعار الدولار، مؤكدا أنه ليست هناك أي علاقة بين هذا القرار والارتفاع الملحوظ لأسعار الدولار بالسوق السوداء أو غيرها.

وكان البنك المركزي قد قرر إيقاف أكثر من 10 شركات صرافة بسبب مخالفتها لقواعد البنك المتعلقة بالاتجار في النقد خلال الفترة الماضية.

وقال إسماعيل حسن رئيس بنك مصر ايران سابقا، إن نقص المعروض من الفئة الدولارية في الأسواق خلال الفترة الحالية ، تعتبر أهم أسباب ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري.

وتوقع حسن في اتصال هاتفي مع الأناضول، عودة أسعار الدولار في السوق السوداء إلى أسعارها المعتادة فور مرور الفترة الحالية التى تعاني نقصا من المعروض من الدولار بسبب تراجع السياحة من جهة، وبسبب زيادة طلب الشركات الأجنبية بمصر عليه خلال الفترة الحالية من جهة أخري.