تفيد إحصائيات 2010 أنّ 30 بالمائة من التونسيين يعانون من ضعف الانتصاب،ويؤكد الدكتور التونسي هشام الشريف مختص في علم الجنس وموفق أسري معتمد لدى المعهد الأمريكي لعلماء الجنس، أن الضعف الجنسي بجميع أصنافه الناتج عن الأمراض العضوية المزمنة أو النفسية يستهدف 60 بالمائة من التونسيين. وهو ما قد يفسر الأسباب الحقيقية التي تدفع التونسي إلى استهلاك 143 ألف حبة "فياغرا"، المسمّاة أيضا بالحبة الزرقاء، في الشهر الواحد.
وأفاد الدكتور الشريف أن ازدهار تجارة المنشطات الجنسية في تونس شجّع على التهريب الذي طال مختلف القطاعات والمنتجات بالبلاد. فالضعف الجنسي الذي تعاني منه شريحة عريضة من الرجال تحول إلى تجارة مربحة،و بذلك دخل "السّرير" سباق الرّبح والخسارة والسوق الموازية،وهو ما تكشفه عمليات التهريب التي تحبطها الجهود الأمنية في أغلب الأحيان، وآخرها إحباط الديوانة التونسية عملية تهريب 19 ألف و600 حبة "فياغرا" في ولاية صفاقس جنوب تونس بقيمة 100 ألف دينار.
طلب رسمي
وقد حصلت شركة عالمية على ترخيص من وزارة الصحة العمومية في سبتمبر 2012 لبيع المنشط الجنسي "الفياغرا" بوصفة الطبيب بعد طلب رسمي وجهته مجموعة من أطباء الاختصاص إلى وزارة الصحة التونسية لإعطاء الإذن بترويجها في الصيدليات وتمكين شريحة عريضة من مرضى السّكري وغيرهم من ممارسة حياتهم الجنسية. وبعد أكثر من 13 سنة من انتظار الحصول على الموافقة من السّلطات المعنية منذ 6 نوفمبر/فبراير 1998 كانت الموافقة شرط أن يكون استعمال هذا المنشط تحت إشراف الطبيب المباشر وحسب الوضع الصحي للشخص.
أسعار متفاوتة
تتوفر الحبة الزرقاء في الصيدليات بأسعار متفاوتة تتراوح بين 18 و24 دينارا،هناك عبوة تحتوي على 4 حبات زرقاء بسعر 18 دينارا، وعبوة ذات 50 مليغراما تحتوي على نفس عدد الأقراص بسعر 20 دينارا، وعبوة ذات 100 مليغرام تحتوي كذلك على نفس العدد بسعر 24 دينارا.في حين يتراوح سعر الحبة الواحدة في السوق السوداء بين 10 و 40 دينارا لتكون بذلك سوقا مربحة جدّا لمن يديرونها في الخفاء ومجال استثمار في الاقتصاد الأسود.
خطر صحي
تضاعفت حظوظ السوق السوداء غير الشرعية لبيع المنشطات الجنسية في تونس، بعد دخول سباق التهريب والمهربين وأصبحت تجارة مربحة "للمستثمرين" في هذا الاختصاص. و نتيجة الانسياق وراء هذه المغريات الجنسية، حذر الدكتور الشريف من الاستهلاك العشوائي للمنشطات، وهي مسألة اعتبرها على غاية من الخطورة و من شأنها أن تتسبب في مشاكل في القلب. وأضاف "لا يمكن اعتبار حبوب "الفياغرا" مثيرة للشهوة الجنسية بل هي دواء مثل بقية الأدوية يمنع استعماله بالنسبة للأشخاص الذين يشكون من اضطرابات حادة على مستوى القلب والأوعية الدموية" .
لذلك لا يمكن تناولها إلا تحت إشراف الطبيب وهو الوحيد المخوّل لوصف الجرعات المحددة لتجنب الخطر الصحي . و قال إن عديد الوفيات في العالم تحدث نتيجة الاستهانة بهذه الحبة المقوّية، مؤكدا أن قرار السماح ببيعها في تونس لا يعني ترويجها على قارعة الطريق أو في الأسواق المشبوهة أو تقليدها، والأفضل أن يتعامل الأشخاص في هذا المجال بوعي وتحضر مع النقاط المنظمة.
حتّى الشباب...
وأوضح الدكتور ،أن حوالي 50% من الشباب التونسي يستعملون المنشطات الجنسية بجميع أنواعها بما في ذلك "الفياغرا"،كما أن الفئات الشابة تشكو من الضعف الجنسي وهي في ذروة العطاء. ويعود ذلك في رأيه أساسا إلى ممارسة العادة السرية في سنّ مبكّرة، والتوترات النفسية والاجتماعية التي أصبح يعاني منها اليوم خاصّة بعد الأحداث التي عرفتها البلاد منذ الثورة،فضلا عن تناول الأغذية غير الصحية والأكلات السريعة والإدمان على مشاهدة الأفلام الإباحية والتدخين وتناول الكحول و كذلك السمنة ،إلى جانب غياب الثقافة الجنسية لدى الشاب التونسي. لكن هناك مشاكل عضوية تكشف عنها الفحوصات الطبية لتحديد أسباب الضعف وعدم القدرة على الممارسة الجنسية بشكل طبيعي.وعوض اللجوء إلى هذه المنشطات والأقراص مثل الحبة الزرقاء يستحسن استشارة الطبيب المختصّ في علم الجنس أو الطبيب النفساني للبحث في الأسباب وعلاجها بدل البحث عن أدوية وحلول بديلة تعتبر مغامرة صحية.
لا للطرق المشبوهة
و اعتبر المختص في علم الجنس أن ضعف الانتصاب هو عجز جنسي. و أوضح أن عملية الانتصاب تبدأ بوجود مصدر للإثارة الجنسية المناسبة بالمخ، يرسل مصدر الإثارة إشارات كهربائية عن طريق الأعصاب المغذية للعضو الذكري مما يساعد على دفع تدفق الدم وينتج ما يعرف بالانتصاب اللازم لإتمام عملية الجماع.والشخص الذي يعاني من مشكلة الانتصاب في البداية أو لا يحافظ عليه يصنّف في خانة الضعيف جنسيا. وقال الدكتور الشريف إن ذلك ليس استنقاصا للرجولة لأن الرجولة جملة من السلوك والأفعال والممارسات الراقية.لذلك فإنّ كل من يلمس في نفسه أيّ ضعف ملفت للانتباه عليه باستشارة الطبيب حتى يدله على الطريقة المناسبة بدل التعامل مع الوسائل المشبوهة والخطرة على صحته.
التمييز صعب
والجدير بالذكر فإن الفحوصات الطبية المتعلقة باضطرابات الانتصاب ببلادنا تضاعفت بنسبة 40 بالمائة منذ الشروع في تسويق هذا الدواء في 2012 حسب مدير مخابر الشركة المعنية بترويج "الفايغرا" في تونس وهي مختصة في الصناعات الصيدلانية وناشطة بالبلاد منذ 1946.
وحذر محمد بن عبد الله المدير الطبي من مخاطر التقليد، مؤكدا أن "الفياغرا" من أكثر الأدوية المقلدة في العالم إذ تحتوي الحبوب المزيفة على مكونات مجهولة المصدر قد تتسبب في انفعالات حساسية أو مضاعفات خطيرة .وأكد أنه من الصعب التفريق بين الدواء المقلد والأصلي والحل الوحيد في هذا المجال التعامل مع الصيدليات باعتبارها نقاط بيع منظم .