تتفق أغلبية الأحزاب السياسية في تونس على الأهمية الاقتصادية والديبلوماسية لزيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة واشنطن الأسبوع الحالي للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما وعقد أولى جلسات الحوار الاستراتيجي بين البلدين لكنها تختلف في قراءتها لنتائج هذه الزيارة.

في هذا الملف نستطلع آراء قياديين بمجموعة من الأحزاب السياسية التونسية ومواقفها من الزيارة ونتائجها المرتقبة.

 

حركة النهضة: الولايات المتحدة يهمها استتباب الأمن وتواصل الوفاق في تونس

لاحظت القيادية بحركة النهضة الإسلامية أمال عزوز، والتي زارت واشنطن الشهر الماضي مع زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وجود "انبهار أميركي بالتجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي".

وأوضحت عزوز: "الرأي العام الدولي بصفة عامة استجاب بشكل إيجابي للوفاق الذي شهدته تونس على مستوى الدستور والحكومة".

وقالت عزوز لـ(بوابة افريقيا الإخبارية): "أتوقع أن تثمر زيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة إلى واشنطن الكثير لتونس".

وأردفت بالقول: "في الولايات المتحدة الأميركية يهمهم استتباب الامن وتواصل الوفاق في تونس إذ يصب ذلك في صالح القوى الاقليمية والدولية عموما".

وترى آمال عزوز أن الأحزاب  السياسية في تونس وضعت الأسس الأولى لنجاح التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي عبر الوفاق على المستوى الدستوري والحكومي لكن تحديات عديدة ما تزال تواجه تونس "مما يتطلب تظافر الجهود الداخلية والخارجية ممن يهمهم نجاح الديمقراطية في تونس وأن تتحول التجربة التونسية إلى درس للدول الأخرى".

 

حركة نداء تونس تعتبر واشنطن حليفا استراتيجيا لتونس

 

أكد القيادي وعضو الهيئة التنفيذية لحزب نداء تونس نور الدين بن تيشة في مقابلة مع (بوابة افريقيا الإخبارية) أهمية هذه الزيارة "باعتبار أن واشنطن ستقدم لتونس ضمان قرض بحوالي 500 مليون دولار مما سيساعد الاقتصاد التونسي للخروج من أزمته العميقة كما أنها فرصة لتطوير العلاقات بين البلدين".

وأوضح بن تيشة أن العلاقات التونسية الأميركية "كانت دائما طيبة وممتازة رغم ما شابها من فتور بعد الاعتداء على مقر السفارة الأميركية في تونس لكن الخط العام للعلاقات بقي متميزا باعتبار الولايات المتحدة شريكا دوليا من الحجم الكبير والتواصل معه سيقدم الإضافة لتونس".

وقال بن تيشة إن حزب نداء تونس، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق الباجي قايد السبسي، يعتبر الولايات المتحدة الأميركية "حليفا استراتيجيا" لكنه أشار إلى ضرورة المحافظة على علاقات اقتصادية جيدة مع الاتحاد الأوروبي والخليج والصين وروسيا "لتنفتح تونس على مجالات أوسع اقتصاديا للخروج من عنق الزجاجة وللتفادي الخسائر التي تكبدتها إثر حكم الترويكا".

ويعتبر بن تيشة أن التأثير الأميركي ارتفع مؤخرا في المنطقة العربية لأن الحكومات المتعاقبة بعد الثورات في تونس وليبيا ومصر كانت تفتقد للقوة والسيادة اللازمة وفتحت المجال للتأثير الغربي.

 

حزب التكتل الديمقراطي: حادثة الاعتداء على السفارة لن تؤثر على علاقتنا بواشنطن

قال الناطق الرسمي لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات محمد بنور في تصريح خاص لـ(بوابة افريقيا الإخبارية) إن زيارة مهدي جمعة إلى واشنطن "مهمة جدا" مؤكدا ضرورة أن يكون لتونس "علاقات متنوعة ومتوازنة مع كل البلدان التي تعتمد الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".

وأعرب بنور عن أمل حزبه في أن يكون لهذه الزيارة نتائج إيجابية متمثلة في "دعم مادي خاصة بعد المصادقة على الدستور التونسي الجديد وحكومة كفاءات غير متحزبة".

وأكد بنور أن العلاقات بين تونس وواشنطن تغيرت بعد الثورة مشيرا إلى تحية الكنغرس الأميركي للثورة التونسية، واعتبر أنها "لفتة لن ينساها الشعب التونسي أبدا".

واستبعد بنور أن يكون لحادثة الاعتداء على مقر السفارة الأميركية في تونس نهاية عام 2012 تأثيرات على علاقة تونس الحالية بواشنطن قائلا "أتوقع أن موضوع الاعتداء على السفارة الأميركية قد وقع تجاوزه".

وأشار بنور إلى العلاقات التاريخية بين تونس وواشنطن إذ كانت تونس أول من اعترف باستقلال الولايات المتحدة الأميركية وبإعلان جورج واشنطن كما أن الولايات المتحدة كانت من أولى الدول التي اعترفت باستقلال تونس في خمسينات القرن الماضي.

 

الجمهوري: زيارة واشنطن "خطوة جريئة" لكنها ديبلوماسية "قديمة"

ثمن عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري رابح الخرايفي "قيادة رئيس الحكومة الدبلوماسية التونسية لأن رئيس الجمهورية اثبت فشله في هذه المهمة" معتبرا ذلك "خطوة جريئة".

ولكن الخرايفي يعتبر أن مهدي جمعة "لم يخرج عن إطار الديبلوماسية القديمة" قائلا إنه "كان على رئيس الحكومة أن ينطلق في تعزيز العلاقات مع دوائر أخرى وهي أفريقيا وجنوب آسيا وروسيا وجنوب أميركا مما يساعد على فك العزلة الاقتصادية لتونس".

وعن نتائج هذه الزيارة الاقتصادية، قال رابح الخرايفي لـ(بوابة افريقيا الإخبارية) إن حزبه لا يتوقع دعما اقتصاديا كبيرا "بل إسترجاعا لموقع تونس على الساحة الدولية".

وشدد الخرايفي على ضرورة تعبئة الموارد الداخلية الذاتية التي يمكن أن توفر المبالغ التي تعمل حكومة جمعة على جمعها من الدول الصديقة.

وحول العلاقات التونسية الأميركية، يرى الخرايفي أنها " لم تتغير بعد الثورة وأن تونس لم تجدد قواعد ديبلوماسيتها تجاه الغرب".

وحول ما يُشاع عن تسليم تونس لمواقع عسكرية للولايات المتحدة، قال الخرايفي إن حزبه يرفض ذلك و"يجد حرجا في تسليم أرض تونسية لفائدة قاعدة أميركية".

 

الجبهة الشعبية تحذر من التعويل المفرط على الدعم الخارجي

اعتبر عضو مجلس أمناء الجبهة الشعبية عبد المؤمن بلعانس أن هذه الزيارة تندرج في إطار "توجه عام للحكومة الجديدة يتمثل في إيلاء أهمية كبيرة للاستثمار والدعم الخارجي أكثر من تعويلها على الطاقات الذاتية لتونس".

وأردف قائلا: "بالنسبة لنا في الجبهة الشعبية من الطبيعي ان تكون لنا علاقات مع كل دول العالم لكن هذا لا يعني أن نعول على الدعم الخارجي أكثر من التعويل على شعبنا وطاقاته ولا يعني أن نفرط في سيادتنا ولا في ثرواتنا فالعلاقات لابد أن تكون في اطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وسيادة قرارنا الوطني".