في الوقت الذي يسعى فيه الفرقاء الليبيون والمجتمع الدولي إلى التوصل إلى حل للأزمة الليبية،تواصل تركيا مخططاتها لتأجيج الصراع واطالة أمد الأزمة بما يضمن استمرار الفوضى والعنف.ويراهن النظام التركي على ليبيا كوسيلة لإبتزاز الدول الأوروبية من بوابة الهجرة غيرالشرعية،وذلك لتمرير سياساته المشبوهة في المنطقة.
إلى ذلك،وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتقادات شديدة لسياسة الهجرة الأوروبية، وتعامل دولها مع اللاجئين، متهما بروكسل بأنها لم تلتزم بوعودها وتركت بلاده تتحمل أعباء اللجوء وحدها.وجاءت انتقادات أردوغان في كلمة ألقاها عبر تقنية مؤتمرات الفيديو، في ختام مهرجان أفلام الهجرة الدولي،الأحد، قائلاً:"إن 25 ألف شخص معظمهم أطفال ونساء، قضوا غرقاً في مياه المتوسط خلال السنوات الثماني الماضية، أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا".
وأضاف الرئيس التركي، أن "مصير 10 آلاف طفل سوري لجؤوا إلى أوروبا ما يزال مجهولاً"، لافتاً إلى أن "المشاهد غير الإنسانية التي شهدتها الحدود التركية اليونانية العام الماضي تعكس نظرة بعض الدول الغربية تجاه اللاجئين".واتهم أردوغان الدول الأوروبية بالعنصرية، خلال كلمته من أن "اللاجئين القادمين إلى أوروبا وقعوا ضحايا للعنصرية والتمييز وسياسات العداء، بينما بلاده استقبلت جميع من لجأ إليها دون تمييز".على حد زعمه.
https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1275460611862867970
وتأتي تهديدات أردوغان بالتزامن مع تصاعد الانتقادات من عدة دول أروبية للتحركات التركية في ليبيا الساعية لتأجيج الصراع وتمرير مخططات أنقرة الاستعمارية ومطامعها في الدولة الغنية بالنفط.وآخر هذه الانتقادات ساقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي وجه أصابع الاتهام إلى تركيا،الاثنين، بسبب دعمها لحكومة الوفاق الليبية، قائلا إن تركيا تمارس "لعبة خطيرة" تتعارض مع كل ما وافقت عليه في المحادثات الدولية.
وقال ماكرون:"أتيحت لي الفرصة بالفعل لأقول بوضوح شديد للرئيس أردوغان إنني أعتبر أن تركيا تمارس لعبة خطيرة في ليبيا اليوم تتعارض مع جميع التزاماتها التي تعهدت بها في مؤتمر برلين"، في إشارة إلى مؤتمر للسلام عقد في وقت سابق من هذا العام.وأضاف ماكرون إنه تحدث في وقت سابق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمناقشة الأزمة في ليبيا.
وتصاعدت حدة الانتقادات الفرنسية للتحركات التركية في ليبيا والمنطقة،واتهمت باريس، الأربعاء الماضي، البحرية التركية بالتصرف بطريقة "عدائية" تجاه شركائها في حلف شمال الأطلسي لمنعهم من تطبيق حظر الأمم المتحدة على السلاح في ليبيا.وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول، في بيان شديد اللهجة: إن" انتهاكات الحظر لا سيما من جانب تركيا هي العائق الرئيسي أمام تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.
وأكدت الخارجية الفرنسية أنه يتم حاليا دراسة الرد على الانتهاكات التركية في ليبيا، خاصة دعم أنقرة لحكومة فايز السراج والذي يعارض كل الجهود الرامية لإعلان هدنة في هذا البلد.فيما أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الخميس، فتح تحقيق في حادثة اعتراض فرقاطة تركية لأخرى فرنسية في البحر المتوسط.وذلك على إثر اعتراض باريس على الممارسات التركية في المنطقة.
وطالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس،بمزيد من الاهتمام من دول الاتحاد الأوروبي بمهمة "إيريني" البحرية التابعة للاتحاد لمكافحة تهريب أسلحة إلى ليبيا،على وقع تواصل انتهاكات أنقرة للقرار الأممي والتحرش بالقوات المشاركة في المهمة.وقال ماس- خلال زيارته للمقر الرئيسي للمهمة في روما اليوم الاثنين برفقة نظيره الإيطالي لويجي دي مايو: إن المهمة يتعين أن تكون أكثر استقرارا. وأضاف: "لذلك يتعين أن تقدم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المزيد من الإسهامات، لأن انتهاكات حظر توريد أسلحة (لليبيا) لا تزال مستمرة للأسف".
واستأنفت أوروبا المهمة إيريني في أعقاب قرار للبرلمان التركي بالموافقة على مشاركة الجيش في العمليات في ليبيا لدعم حكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة.وشكت الدول المشاركة في المهمة الأوروبية من إصرار تركيا على خرق القرار الأممي بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا وهو ما بدا واضحا في رفضها لتفتيش سفنها المحملة بالسلاح والمتوجهة للمليشيات والمرتزقة والارهابيين في ليبيا.
ومن جهتها،حملت قبرص،النظام التركي مسؤولية تفاقم الأزمة الليبية،ورفض نيكوس خريستودوليديس وزير خارجية قبرص، خلال اتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري، الإجراءات التركية التي فاقمت التوترات في ليبيا وزادت من زعزعة استقرار المنطقة.وأكد الطرفان على ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا وأهمية العودة للمسار السياسي.
وفي سياق متصل،أعلنت اليونان، الأحد، دعمها الكامل للجهود المصرية في حل الأزمة الليبية، مطالبه بأهمية وقف إطلاق النار ونزع سلاح المليشيات وإجراء حوار شامل لحل سياسي. ودعت اليونان لانسحاب جميع القوات الأجنبية من ليبيا والمرتزقة ونزع سلاح المليشيات وإجراء حوار من أجل الوصول لحل سياسي شامل.
https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1275068341460189186
وكانت اليونان رحبت بالمبادرة المصرية الجديدة "إعلان القاهرة" لحل الأزمة الليبية مؤكدة عزمها على المساهمة في تحقيق السلام.وقوبلت المبادرة المصرية برفض تركي وتعنت من حلفائها في طرابلس وهو ما دفع القاهرة لتصعيد لهجتها حيث حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،من تجاوز خط (سرت - الجفرة)، شرقي الأراضي الليبية، معتبرا تجاوزه "خط أحمر".
ومنذ اندلاع المعارك في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق،في أعقاب اطلاق الأول لعملية عسكرية بهدف تحرير المدينة من سطوة المليشيات المسلحة،ألقت تركيا بكل ثقلها في الصراع الليبي حيث تسارعت تحركاتها لاشعال الصراع لتبدأ من ارسال شحنات الأسلحة مرورا بالطائرات بدون طيار وصولا الى نقل المرتزقة والارهابيين الى الأراضي الليبية.ونجحت مؤخرا في السيطرة على أغلب المنطقة الغربية لكن مطامع أردوغان تتزايد حيث يسعى ال السيطرة على الحقول النفطية وتعزيز نفوذه في البلاد.
وقال راديو أمريكا إن تركيا تسعى لتحقيق مكاسب دبلوماسية بتدخلها العسكري المباشر في ليبيا، وإن التقدم الذي حققته القوات الموالية لها في ليبيا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز نفوذ أنقرة في البلد العربي وفي الاتحاد الأوروبي.واعتبر الراديو، في تقرير له السبت، أن التدخل التركي الذي "يشكل مغامرة عسكرية للرئيس رجب طيب أردوغان، أدى بالفعل إلى تغيير قواعد اللعبة في ليبيا.
وأشار إلى أن وزير خارجية تركيا ورئيس الاستخبارات زارا ليبيا على رأس وفد كبير "لتأكيد الدور الحاسم الذي تلعبه تركيا في البلد العربي"، لافتا إلى تقارير تشير إلى أن أنقرة تسعى لإنشاء قاعدة جوية وبحرية في ليبيا.وأوضح التقرير أن الحكومة التركية لم تؤكد تلك الأنباء بعد، لكنه أشار إلى أن وجود تركيا العسكري في ليبيا بات يعتبر "ورقة مساومة كبيرة" مع الاتحاد الأوروبي.
وأشار التقرير إلى انتقادات لاذعة وجهتها فرنسا وألمانيا مؤخرا لتركيا على خلفية تدخلها العسكري المباشر في ليبيا، وأورد قول خبير العلاقات الدولية بجامعة بون زاور جاسيموف:"الحقيقة أن وجود تركيا العسكري في ليبيا سيعزز موقفها تجاه الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا، بعد تصاعد المخاوف من حدوث موجة تدفق لاجئين جديدة متزامنة مع تفشي وباء كورونا".
وسبق للرئيس التركي أن هدد أروبا بمسألة اللاجئين في حال انتقدت أطماعه في ليبيا أو اعترضت على تحركاتها لغزوها،فعشية انعقاد مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، وجه أردوغان في مقال له في صحيفة بوليتيكو الأوروبية،تهديدا واضحا للأوروبيين، قائلا إنه في حال سقوط حكومة فائز السراج التي يدعمها في طرابلس، فإن القارة العجوز ستواجه مشكلات ضخمة مثل الهجرة والإرهاب.وأضاف "ستجد منظمات إرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، اللذان تعرّضا لهزائم عسكرية في سوريا والعراق، أرضًا خصبة للوقوف مجدداً على قدميهما.
وانعقد مؤتمر برلين، في يناير/كانون الثاني الماضي، برعاية الأمم المتحدة بعد أن أعلن كل من الجيش الوطني الليبي، وحكومة "الوفاق" التزامهما بوقف إطلاق النار اعتبارا من منتصف ليل 12 من ذات الشهر.ودعا البيان الختامي لمؤتمر برلين جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أنشطة تؤدي إلى تفاقم النزاع أو تتعارض مع حظر الأسلحة الأممي أو وقف إطلاق النار، بما في ذلك تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة.لكن أنقرة لم تلتزم بتعهداتها واستغلت الهدنة لتدعيم وجودها ودعم حلفائها في طرابلس.
وتعتبر ليبيا منذ القدم أهم نقاط العبور بين القارة الإفريقية و دول أوروبا فيما ازدادت موجات المهاجرين عبرها بعد الأزمة التي شهدتها قبل اعوام والانفلات الأمني المصاحب لها.وتشتكي ليبيا من عدم قدرتها علي احتواء الأزمة التي باتت تؤرق أوروبا لا سيما في ظل أزمتها الاقتصادية والأمنية، ويتواجد ألاف المهاجرين في مراكز إيواء يحتاجون قدر كبير من الاهتمام،في وقت مازال فيه هذا البلد من دون سلطة موحدة في ظل تواصل حالة الانقسام التي تعصف بالأوساط السياسية.
https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1275184138367221761
ويثير الرئيس التركي قضية المهاجرين كلما ضيق عليه الأوروبيون حين ينتقدون سياساته،حيث يدرك حجم المخاوف الأوروبية من موجات هجرة جديدة فيما تعيش أوروبا على وقع انقسامات حادة على خلفية هذه القضية.ويرى مراقبون أن أردوغان يسعى الى استغلال مسألة الهجرة غير الشرعية لابتزاز أوروبا ومنعها من انتقاد مخططاته في ليبيا التي تقوم على تثبيت حلفائه في السلطة ومد نفوذه في البلاد لاستمرار نهب ثرواته وتنفيذ أحلامه التوسعية في المنطقة ككل.
وردا على تهديدات اردوغان الأخيرة،طالب رئيس وزراء النمسا، سيباستيان كورتز، من دول الاتحاد الأوروبي عدم الرضوخ لتهديدات وابتزازات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مؤكداً على ضرورة وقف الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد.وكتب رئيس الوزراء النمساوي، تغريدة على حسابه في "تويتر"، مساء الأحد 21 يونيو الجاري؛ موضحاً أنه خلال التصريحات التي أدلى بها لصحيفة "كاثيميريني" اليونانية، شدد على "ضرورة ألا تتعرض دول الاتحاد الأوروبي للابتزاز من قبل تركيا.
يُشار إلى أن السلطات اليونانية، شرعت في إقامة سياج أمني فاصل على الشريط الحدودي، الذي يفصلها عن جارتها تركيا في منطقة نهر مريج، لمواجهة تدفق اللاجئين، إذ تهدد أنقرة كل فترة بفتح الحدود، وابتزاز دول الاتحاد الأوروبي، وتطلب منهم دعماً مالياً لتنفيذ مشاريعها في شمال سوريا وتتخذ من اللاجئين السوريين ورقة للضغط.