اتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، أطرافا لم يسمّها بالوقوف وراء انقطاع الكهرباء بالبلاد يومي الأربعاء والخميس، وقال إن ما حدث كان بفعل فاعل بعد نحو 20 يوما من عمل شبكة الكهرباء بـكفاءة دون انقطاع تقريبا.

وفيما أشار الى أن ملفا بالخصوص تم رفعه إلى مكتب النائب العام ، أكد الدبيبة أن من يقطع الكهرباء ومن يسعى لعودة الحرب هم أعداء لليبيين ،لافتا الى إن هناك من يسعى لعودة فتيل الحرب في ليبيا مرة أخرى، وأن  «هناك تجار حروب كونوا ثرواتهم منها ويجب على الليبيين أن يعوا ذلك جيدا وأن نستثمر ثرواتنا بعيدا عن الفتنة والحرب» وفق قوله

وأدى انهيار شبكة الكهرباء مساء الأربعاء الى حالة إظلام تام غرب في البلاد ، ما أثار حالة من الاحتقان الشعبي ، وخلال جولة تفقدية لغرف تحكم بمحطات كهرباء تابعة للشركة العامة للكهرباء، استمع الدبيبة الى شرح من مهندسي الشركة ، أكدوا خلاله أن ما حدث من انقطاع في التيار لا يمكن «تبريره فنيا»، مستعرضين صورا تظهر تعرض بعض الموصلات إلى إطلاق نار.

ويواجه قطاع الكهرباء في ليبيا أزمة متفاقمة منذ سنوات بسبب افتقادها للتجديد والصيانة ، وتعرض آلاف من الأسلاك الكهربائية للسرقة من قبل عصابات تتولى تفكيكها وتهريب النحاس الموجود داخلها الى الخارج وخاصة الى السوق التركية

ودعا مسؤولو شركة الكهرباء رئيس الحكومة إلى التدخل لوضع حد لظاهرة سرقة أسلاك الكهرباء ، مشددين على أن ظاهرة ساهمت بدور كبير في حالة الانهيار التي يعرفها القطاع منذ سنوات

واعتبر الدبيبة هذه الظاهرة جريمة يعاقب عليها القانون، وحث المواطنين على ضرورة حماية الثروة الكهربائية، معلنا تفويض وزير الداخلية خالد مازن بفتح تحقيقات بالخصوص في كل مناطق ليبيا.

وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، وئام العبدلي، إن الشبكة الكهربائية تعرضت لهزّة، مساء الأربعاء الماضي ، بشكل غريب ومفاجئ وغير مبرّر ،أدت إلى خروج بعض وحدات التوليد، وكذلك فصل كافة خطوط نقل الطاقة بالمنطقة الغربية عن العمل ، وأضاف أن مُشغّلي الشركة العامة للكهرباء تمكنوا من السيطرة على الشبك ،، مشيرًا إلى أن العاملين أنجزوا عملهم رغم أنهم يعملون في ظروف صعبة، على شبكة كهربائية منهارة بالكامل، ولم تتم صيانتها أو تطويرها منذ حوالي عشر سنوات مضت؛ نتيجة الظروف التي تمر بها الشركة، والبلاد بشكل عام.

وكانت المنطقة الشرقية ، شهدت بدورها حالة من الإظلام التام ، عصر الخميس بسبب «حدوث انفجار على أحد عوازل الاختراق على دائرة جنوب بنغازي/شمال بنغازي 220 ك.ف داخل محطة الشمال القديمة» ، وأعلنت الشركة العامة للكهرباء، فجر الجمعة، عن إعادة بناء الشبكة الشرقية بـ«نجاح»، لتعود تدريجيا للعمل،

ودعا مهندسو الشركة إلى ضرورة العمل فورا على الربط بين الجناحين الشرقي والغربي للشبكة الكهربائية، مؤكدين أن الإظلام الذي حدث بالمنطقة الشرقية «ما كان ليحدث لو كان هناك ربط بين الشبكتين».

وأثارت تصريحات الدبيبة حول وقوف أطراف لم يسمها وراء انقطاع الكهرباء جدلا واسعا في أوساط الليبيين ، حيث دعا محافظ مصرف ليبيا المركزي المنتخب من مجلس النواب محمد الشكري، النائب العام الصديق الصور: نطالب الى إجراء تحقيق عادل وشفاف فيما يثار من أن انقطاعات الكهرباء تتم بفعل فاعل ،

وبينما طالب مدير مؤسسة ليبيا للإعلام محمد بعيو الى فرض حالة الطوارئ في البلاد ، تساءل الديبلوماسي السابق محمد خليفة العكروت : «ماذا بعد أن أعلن  الدبيبة، أن انقطاع الكهرباء عن معظم أرجاء البلاد، تم بفعل فاعل ؟ » معتبرا أن :« هذا الفاعل يجب أن يتم التشهير به على الملأ، ويجب أن تتم معاقبته بأقصى وأقسى العقوبات » مردفا « هنا تظهر سطوة وسلطة الدولة وهيبتها وقوّتها، الدولة لا تخشى الأفراد، ولا تضع اعتباراً لردود أفعال الأفراد ولا المدن ولا القبائل، إذا لم تُظهر الدول جبروتها وسطوتها في مثل هذه الحالات، فمتى ستظهرها؟ »

الى ذلك ، نفى مجلس الحكماء والأعيان بلدية الخمس كل الإشاعات التي يتم تداولها بخصوص إطلاق النار على أبراج نقل الطاقة الكهربائية.

وأضاف الحكماء والأعيان أن الحادثة لا تتعدى كونها مشكلة فنية سببها الحقيقي عدم القيام بعمليات التنظيف الدورية التي تتم لعوازل التعليق الموجودة في أبراج نقل الطاقة.  

وأشار مجلس حكماء وأعيان الخمس إلى أن إهمال عمليات التنظيف الدورية تسبب في حدوث توصيل كهربائي أدى إلى ما حدث وذلك حسب ما أدلى به الفنيين من أهل الاختصاص.

وأكد المجلس أن ما يتم تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي فيما يخص حادثة انقطاع التيار الكهربائي وخروج وحدات التوليد في محطة الخمس البخارية عن العمل بسبب إطلاق النار على أحد أبراج نقل الطاقة في منطقة لبدة الأثرية غير صحيح وهي مجرد إشاعات.

وأوضح مجلس أعيان وحكماء الخمس أن التصريحات غير المسؤولة والتي أصدرت حكمها قبل صدور تقارير الخبرة القضائية تسببت في لغط وفوضى.

وأكد المجلس أنه حتى لا يتم توظيف الحادثة لأغراض سياسية أو أمنية تمت متابعة الموضوع عن قرب ومن عين المكان واستنادا إلى شهادة الأهالي القاطنين بالقرب من البرج وكذلك شهادة رئيس لجنة حماية منطقة لبدة الأثرية وبعض أفراد الجهات الأمنية وجميعها تنفي الادعاءات السابقة.

وكان المحلل السياسي الإخواني محمد الهنقاري، إدعى أن من أنصار النظام الجماهيري وقائد الجيش المشير خليفة حفتر هم من يقفون وراء قطع الكهرباء 

لكن مصطفى الزائدي القيادي بالنظام السابق، رد على إدعاءات صفحات الإخوان أن أنصار النظام الجماهيري السابق، والقوات المسلحة العربية الليبية هم من يقف وراء انقطاع التيار الكهربائي، وقال: “رغم أن ذلك من صنف الأكاذيب المفضوحة التي لا يصدقها أحد ولا حتى الأطفال، لكنهم يرددونها بكثافة ليتوهم الناس أنها حقيقة، فهم يكذبون الكذبة ويصدقونها ويعملون على ترويجها، رغم وجوب تناولها، ليس دفاعا عن أحد، أو عن تهمة يعرف الجميع أنها من صنع خيال الإخوان الذين يحاولون أن يبعدوا أنفسهم عن الجرائم التي مارسوها في حق الوطن والشعب، بل نتناولها من باب النصيحة لهؤلاء البلهاء الذين يتوهمون أن الشعب ساذج، قد تنطلي عليه أكاذيبهم وقد تمر عليه دعاياتهم!”.

وأضاف الزائدي : “هم صدقوا أن حملاتهم الدعائية ضد ثورة الفاتح قبل 2011 وحاليا ضد القوات المسلحة هي التي مكنتهم من ليبيا، متناسين أنهم ما كانوا ليلمسوا شعرة من رؤوس الليبيين لولا التدخل العسكري غير المسبوق للناتو وحلفائه، وربما توهموا أنهم أرغموا الجيش على الانسحاب من طرابلس وهم يدركون أن ذلك لم يكن واردا لولا التدخل الأمريكي العسكري بواسطة الذيل التركي، كما أكد ذلك السفير الأمريكي في مقابلته الأسبوع الماضي مع جريدة الشرق الأوسط!!

يقول المثل الليبي «التي ليس لها أرجل لا تمشي» فمن يتسبب في قطع الكهرباء والماء ويمنع النقود عن الناس ويقطع الوقود والغاز، هو المستفيد من ذلك سياسيا وماليا، والليبيون يعرفون من هم أولئك، فهم يعملون في العلن، إنهم المليشياويون وجماعة الإخوان، فهم من ناحية يجدون في ذلك موارد ضخمة من خلال تهريب الوقود المنظم، ورفع سعر العملة الصعبة، وسياسة الاعتمادات الموجهة لفئة محدودة ومعلومة، وتجار المولدات، وسماسرة المحطات المستعملة.. إضافة إلى ذلك إذلال الشعب بقصد إخضاعه!!”.

وتابع الزائدي قائلًا: “لنراجع ما حصل في قطاع الكهرباء منذ أن تولى الإخواني عوض «صورني» وامحيريق – صاحب المحطات المستعملة المتنقلة التي لم تورد ودفع مقابلها بالدولار- وكم حجم المليارات التي صرفت خلال السنوات الماضية على هذا القطاع الذي يتدهور اطراديا، مقارنة بوضعه قبل 2011، ولننظر في سياسات الكبير المالية التي دمرت المواطن وأرهقته، وأهدافها وأبعادها!!” مردفا : “السؤال لماذا يتهم الإخوان أنصار النظام والقوات المسلحة بذلك وهم يعلمون أنه لا مصدق لهم؟ أتصور أن السبب الأهم هو محاولة يائسة لزعزعة ثقة الشعب في القوى الوطنية والقوات المسلحة التي هي المنقذ الوحيد لليبيا، لأن الإخوان يدركون أنهم في حال إجراء انتخابات في أي وقت فسيكونون خارج المشهد وربما يدخلون السجون بسبب جرائمهم الموثقة. سياسة الإخوان تقوم على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، فهم لا يترددون في استخدام معاناة الناس التي صنعوها كمادة دعائية إعلامية، محاولين أن يلقوا بها على خصومهم!”.

يذكر أن مجموعة العمل الاقتصادي المنبثقة عن مجموعة العمل المنبثقة عن مجموعة المتابعة الدولية المعنية بليبيا ، حذرت مؤخرا من تدهور وضع الكهرباء في البلاد بدءا من أوائل صيف القادم ، مؤكدة أن الوضع الحالي في البلاد «يستدعي المسؤولية القيادية من جميع الأطراف».

وأعربت المجموعة التي تضم كلا من الاتحاد الأوروبي ومصر والولايات المتحدة إلى جانب بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا عن قلقها بشأن الوضع في قطاع الكهرباء في ليبيا ، وأكدت أنه «دون الإسراع في تخصيص التمويل اللازم لإجراء إصلاحات عاجلة، فإن وضع الكهرباء يمكن أن يتدهور بدءاً من أوائل صيف 2021».

ومن جانبه ، أبرز السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند ، أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة من جانب القادة الليبيين لتمويل الإصلاحات اللازمة في قطاع الكهرباء وغيره من المجالات الرئيسية الأخرى" مؤكدا دعم بلاده لجهود الشركة العامة للكهرباء في ليبيا لإنهاء أزمة انقطاع التيار ، فيما حذرت تقارير أمريكية من احتمال انهيار الشبكات المتهالكة في البلاد، تحت ضغط الطلب الإضافي على الطاقة، الذي يبلغ ذروته سنوياً مع ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، في بلد تتميز غالبية أرجائه بمناخ صحراوي جاف.

وبلغ العجز في توليد الكهرباء في ليبيا 1000 ميجاوات في فصل الشتاء و2500 ميجاوات في الصيف وتحتاج البلاد إلى 6500 ميجاوات لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية في فصل الشتاء و8000 ميجاوات في فصل الشتاء.

وبيّن تقرير أعده مشروع « تقارب » التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في ليبيا أن "المحطات الكهربائية البالغ عددها 14، تضم 63 وحدة توليد بقدرة مركبة تصل إلى 8200 ميغاوات، تنتج حالياً 4350 ميغاوات فقط، لأسباب مختلفة" كما أن "40 وحدة كهربائية تعمل الآن، فيما تحتاج 23 وحدة للصيانة والتصليح، وأن ثلثي هذه الوحدات قديمة تجاوزت أعمارها 25 سنة".

وأكد التقرير أن "الوحدات تعمل بسعة كاملة فقط حين تتراوح درجة الحرارة بين 20 و25 درجة مئوية، ونسبة الرطوبة أقل من 40 في المئة"، ما يهدد بتهاوي الشبكة في فترات الذروة في الصيف حين تكون معدلات درجة الحرارة بين 30 و40 درجة مئوية، في غالبية المناطق، مع معدلات مرتفعة للرطوبة تتراوح نسبتها في مدن الشمال المأهولة من 70 إلى 80 في المئة ،معتبرا  أن "من أسباب تأخر معالجة الأزمة وعدم إصلاح المولدات الكهربائية وتشغيلها، المخاطر الأمنية التي يواجهها المهندسون، واحتياج الشركات الأجنبية إلى ضمانات لسلامة موظفيها قبل السفر إلى ليبيا، وهي غير ممكنة حالياً".