أزمة المياه عبء جديد على كاهل المواطن الليبي يضاف إلى أزمات الكهرباء والسيولة النقدية. هي أزمات يومية ترافق سكان العاصمة طرابلس الذين لجأوا في مواجهة هذه الأزمة الجديدة إلى حفر الآبار لحلّ المشكلة.
وتعتبر أزمة المياه مثالًا قوياً على فشل الدولة في بلد كانت يوماً واحدة من أغنى بلدان الشرق الأوسط لكنها تعاني من اضطرابات منذ ثورة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي.
وتتفاقم هذه الأزمات بسبب الاشتباكات بين جماعات مسلحة تتنافس على السيطرة والنفوذ في الدولة الغنية بالنفط والفقيرة حالياً في بنيتها التحتية.
حيث كشف جهاز النهر الصناعي أن تأخّر وصول المياه إلى مدينة طرابلس، أمس الثلاثاء، كان نتيجة تعرّض غرفة المراقبة الواقعة جنوب مدينة زليتن إلى اعتداء من قبل مجهولين أسفر عن حدوث تسرّب في المياه.
وأسرعت فرق التشغيل والصيانة إلى تغيير مسار تعبئة المياه إلى المسار الأوسط لإيصال تدفقاتها إلى طرابلس إلى حين الانتهاء من صيانة المسار الرئيسي المسؤول عن تغذية المدينة.
وأكّد الجهاز في منشور على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك حول الحادثة، أن تدفقات المياه ستصل تدريجيا إلى العاصمة ابتداءً من مساء اليوم.
يُشار إلى أن منظومة النهر الصناعي قد تعرّضت سابقاً إلى اعتداءات مُتكررة أضعفت إمدادات المياه إلى عدد من المناطق، في حين ناشد المسؤولون عنها الجهات المُختصة للتدخل وحماية مكونات المنظومة التي تُعتبر المصدر الأول للمياه.
آخر تحذير جاء قبل أيام من مستخدمي إدارة المنطقة الجنوبية لمنظومة الحساونة وسهل الجفارة من مشروع النهر الصناعي، عبر بيان أكدوا فيه أن الاعتداءات المتكررة أدت إلى تدمير 77 بئرا.
وتدرجت الاعتداءات على المنظومة منذ العام الماضي، حين هددت مجموعة مسلحة بنسف مولدات الكهرباء وتخريب الآبار إذا لم يجرِ وقف إمدادات المياه عن تلك المدن التي تسيطر عليها حكومة الوفاق.
وأكدت هذه المجموعة أن المياه لن ترجع إلا إذا استجابت السلطات لطلبهم بإطلاق سراح أحد قادتهم أو أفرادهم المعتقلين لديها في طرابلس.
وكانت إدارة "منظومة الحساونة ـ سهل الجفارة" قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن كافة الكوادر الفنية بحقول آبار المياه تواصل العمل وتبذل قصارى جهدها لإعادة ضخ المياه بالرغم من الوضع الأمني السيئ، فضلا على عدم استقرار الشبكة الكهربائية.
ومنظومة "الحساونة - سهل الجفارة" تعتبر المزود الرئيسي لطرابلس البالغ سكانها مليوني نسمة ويصل استهلاكهم إلى 540 ألف لتر من الماء يومياً.
في نفس الإطار ،حذر المتحدث باسم منظومة النهر الصناعي توفيق الشويهدي في تصريحات صحفية "من أن ضياع أكثر من ثلاثمئة ألف متر مكعب من المياه أصبح مسألة وقت بسبب أعمال التخريب".
وطالب الشويهدي السلطات بوضع حلول لهذه المشكلة، أو رفع يدها عن محطات المياه، وأن تنحصر مهمتها في استخراج المياه فقط، وليست حماية الحقول والمحطات.
لمواجهة هذه الأزمة،بدأ السكان الحفر في الشوارع للوصول إلى الآبار في بحث يائس عن المياه بعد انقطاعها عبر الحنفيات، في تدن جديد لأحوالهم المعيشية.
و بلغ سعر قارورة المياه العادية حجم 7 لترات ارتفع إلى 2.5 دينار (1.8 دولار) بدلا من 1.5 دينار، كما صعد سعر زجاجة المياه المعدنية سعة 1.5 لتر إلى دينارين (1.4 دولار) بسبب شحها في الأسواق، حيث أن معظم محطات تحلية المياه متوقفة بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة على مدار اليوم.
فبعد سنوات من الإهمال قطع عمالٌ المياه بسبب أعمال صيانة عاجلة هذا الشهر، ما أوقف الإمدادات لكثير من المنازل ثم خربت جماعة مسلحة شبكة المياه مما أطال من أمد المعاناة.