احتدت لغة التخاطب بين الرباط ومدريد في ظل اتساع الأزمة الديبلوماسية بين البلدين نتيجة استقبال إسبانيا لزعيم حركة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي للعلاج من فيروس كوفيد 19 وقضاء فترة نقاهة على أراضيها
وفيما قال وزير الدولة المغربي لحقوق الإنسان المصطفى الرميد أنه "يبدو واضحا أن مدريد فضلت علاقتها بجماعة البوليساريو على حساب علاقتها بالرباط" وأن عليها أن "تعرف أن ثمن الاستهانة بالمغرب غال جدا" ، اتهمت اسبانيا السلطات المغربية بإرخاء قبضتها على الحدد المشتركة بما أدى الى وصول 8000 مهاجر غير شرعي الى جيب سبتة ما بين الإثنين والأربعاء الماضيين ،ودفعت بعشرات من جنود مكافحة الشغب الإسبان على طول شواطئ سبتة المحاذية لمدينة الفنيدق المغربية، بينما تجري سفينة لخفر السواحل دوريات مراقبة لحمل المرشحين للهجرة سباحة على التراجع.
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد وعد الثلاثاء الماضي "بإعادة النظام" إلى سبتة، واصفا التدفق غير المسبوق لآلاف المهاجرين بأنه "أزمة خطيرة بالنسبة لإسبانيا ولأوروبا أيضا".
وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس في مقابلة مع الإذاعة العامة في إسبانيا "إن ما يحدث اعتداء على الحدود الإسبانية وحدود الاتحاد الأوروبي، وهذا أمر غير مقبول بموجب على القانون الدولي"، مضيفة أن الرباط "تستغل" القصّر ، وفق تعبيرها
وما زاد في توتير الأجواء ، تصريح مارغاريتيس شيناس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، بأن “أوروبا لن تقع ضحية التكتيكات”، في إشارة إلى المغرب الذي يدخل منه آلاف المهاجرين منذ الاثنين إلى جيب سبته ،مشيرا الى أن “سبتة هي أوروبا، وهذه الحدود هي حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد إنما مشكلة أوروبية”، وفق تعبيره
وفي رد قوي ، تحت عنوان "عندما يخرج الاتحاد الأوروبي عن جادة الطريق في الأزمة بين المغرب وإسبانيا"، قالت وكالة الأنباء المغربية الرسمية، إن "آلة الاتحاد الدبلوماسية باهتة التأثير على الساحة السياسية الدولية" وأضافت أن الاتحاد "زج نفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، ولكن للدفاع عن أوروبية الثغرين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية" ، وفق نص التعليق
وتابعت الوكالة ردا على شيناس : "إذا كان الأمر يتعلق بإثبات مخلفات الماضي الاستعماري الذي تواصل أوروبا الدفاع عنه، بينما نعيش في القرن الحادي والعشرين فإن هذا التصريح المفاجئ يعكس شعورا مستترا بالكاد للتسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع البلدان الأجنبية" معتبرة أن هذا الموقف يعكس "مدى هشاشة أوروبا وقصر نظرها، عندما يتعلق الأمر باتخاذ موقف بخصوص قضايا مهمة من قبيل الهجرة أو الأمن".
وفي محاولة للتهدئة، دعت الناطقة الرسمية باسم كتابة الدولة الأمريكية، جالينا بورتر، كلا من المغرب وإسبانيا إلى العمل سويا من أجل تجاوز الخلافات الحالية، حيث قالت في تصريح إعلامي أن الولايات المتحدة تدعم المغرب كما إسبانيا من أجل الجلوس على طاولة الحوار والتوصل إلى حل، مضيفة أن بلادها ملتزمة بتنمية المناطق النشيطة من حيث الهجرة السرية، عبر اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، وكذا تدريب السلطات الأمنية المحلية على مواجهتها.
وكان وزير الخارجية الأمريكي قد أجرى مكالمة هاتفية مع نظيرها المغربي، في عز "أزمة باب سبتة"، تطرقا فيها إلى جهود المغرب من أجل وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما اعتبره الإعلام الإسباني دعما صريحا للرباط في صراعها مع مدريد، بسبب التوقيت الذي تمت فيه المباحثات.
وفي أبريل الماضي، استدعت الخارجية المغربية السفير الإسباني ريكاردو دييز رودريغيز، احتجاجا على استقبال بلاده إبراهيم غالي، زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية.
والثلاثاء، استدعى المغرب سفيرته لدى مدريد كريمة بن يعيش، للتشاور، بعد أن استدعتها الخارجية الإسبانية، احتجاجا على تدفق آلاف المهاجرين من المغرب إلى سبتة.
و الأربعاء ، نفت المحكمة الإسبانية العليا استدعاء زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي، الذي يعالج في مستشفى في إسبانيا ويواجه شكوى بتهمة ارتكاب "أعمال تعذيب" ، بعد أن نشرت وسائل إعلام الإثنين ،  أنه تم استدعاء غالي للمثول أمام المحكمة بسبب شكوى حول "أعمال تعذيب" قدمت في اسبانيا من قبل فاضل بريكة المنشق عن الجبهة والذي يحمل الجنسية الاسبانية ، بينما أعلنت وزيرة الخارجية الإسبانية ارانكا غونزاليس لايا أن موقف بلادها لن يتغير بشأن الصحراء ،و أن استقبال إبراهيم غالي بادرة "إنسانية" وليس "اعتداء" على المغرب.
الى ذلك، طالبت منظمة العدل والتنمية لدراسات الشرق الاوسط وشمال افريقيا بإعادة سبتة ومليلية الى السيادة المغربية باعتبارهما مدينتين محتلتين من طرف اسبانيا، رغم عد اعتراف الامم المتحدة بانها مناطق مستعمرة ، وقال الناطق الرسمى للمنظمة، زيدان القنائى، ان سبتة ومليلية هما اراض مغربية احتلتها اسبانيا، وتلك حقيقة تاريخية لا يمكن تجاوزها، ولابد من إعادتهما للسيادة المغربية باعتبارهما جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي ،داعيا الدول العربية والافريقية الى دعم المغرب بشان صراعه مع إسبانيا حول سبتة ومليلية، عبر إعادة طرح القضية أمام المجتمع الدولى، وتقديم الدعم السياسي اللازم للمملكة في مختلف الخطوات التي ستنهجها الرباط.
ويرفض المغرب الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وجملة من الجزر الأخرى، ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، وسكانها الأصليون مغاربة. وظل يطالب بالدخول في مفاوضات مباشرة لاسترجاعها، علما أنها إحدى أواخر معاقل الاستعمار في إفريقيا ، في حين ترفض إسبانيا أي مناقشة حول المدينتين اللتين تمارس عليهما سلطتها منذ 1580 و1496 على التوالي.