جاء إعلان حركة «طالبان» ومن قبلها المخابرات الأمريكية، وفاة «الملا عمر»، زعيم الحركة، أمس الأول الخميس، ليثير تساؤلًا عن أسباب «إخفاء» الحركة وفاة زعيمها لمدة عامين، وأسباب عدم ظهوره طوال ١٢ عامًا كاملًا، والتي يأتي في مقدمتها محاولة «طالبان» الحفاظ على رأس وهرم وشكل وتماسك التنظيم، وذلك لعدم امتلاكها «لائحة داخلية» تنظم شئونها، حال وفاة زعيمها، بل حركة ذات «خلفية فكرية» منحت «الملا عمر» نوعًا من «السيطرة الروحية» على أفرادها الذين اعتبروا مخالفته «معصية شرعية».

وقال موقع البوابة نيوز المصري إن السبب الثاني لإخفاء «طالبان» تاريخ وفاته عن أعين أجهزة الاستخبارات العالمية، وإخفاء مكان تواجده منذ ١٢ عامًا، فكان محاولتهم عدم «إطفاء» ما يعتبرونه «شعلة الجهاد»، وحتى لا يؤثر هذا الأمر بالسلب على معنويات عناصر الحركة، نظرًا لما يمثله «الملا عمر» من أهمية وثقل.

كما اعتقدت «طالبان» أن إخفاء خبر وفاة «الملا عمر» عن الأنظار، سيقي الحركة من «الانشقاقات» في ظل تخوفهم من «انقسام» قادتها، بما يؤدى إلى اندماج أو انضمام عدد منهم إلى صفوف الجماعات الإرهابية الأخرى وعلى رأسها تنظيم الدولة الإرهابية «داعش»، ورأى قادة الحركة أن «التكتم» على مكان اختفاء «الملا عمر» طوال ١٢ عامًا، وإخفاء وفاته عامين كاملين، سيصب في مصلحة «الجهاد».

وتطبق الحركة «عقوبات فورية» للمخالفين ممن يفشون أسرار التنظيم، فضلًا عن إجرائها «تغييرًا» مستمرًا في المناصب حتى لا تتشكل «جيوب داخلية» في الحركة أو داخل مراكز القوى، بالإضافة إلى عدم قبولها أفراد الأحزاب الأفغانية الأخرى، لتولى المناصب الكبيرة ومراكز اتخاذ القرار.

كما كان لتميز «الملا عمر» في الاختفاء وشخصيته «الغامضة» عاملًا مهمًا في إخفاء مكان تواجده، وإخفاء خبر وفاته، فاستخدم جميع أساليب «التخفي» حتى لا يستطيع أحد تعقبه، حتى إن أحد سكان مدينة «قندهار» قال عنه: «يتميز بالغموض، ولم يشاهده أحد إلا مجموعة قليلة جدًا من حرسه، حتى إنه إذا تجول في الشوارع فلن يعرف أحد هويته».

وكان يرى «الملا عمر» أن كثرة الظهور الإعلامي هي التي أوقعت بزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وهو ما دفعه إلى عدم إذاعة أي كلمات مصورة أو رسائل صوتية مذاعة، بسبب كرهه وتخوفه من «الظهور الإعلامي»، وحاولت الحركة في وقت سابق نشر «سيرة ذاتية» مفصلة لزعيمها، في خطوة فسرها محللون بقولهم: «محاولة لتأكيد وجود الحركة وزعامتها».

وهدفت الحركة أيضًا من تلك الخطوة إلى مواجهة نفوذ «داعش» الذي حاول التغلغل في صفوفها واستقطاب عدد من عناصر الحركة إليه.