حدد التحالف الشعبوي الحاكم في إيطاليا ليل الخميس الجمعة العجز ب2,4 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي في السنوات الثلاث المقبلة مثيرا استياء المفوضية الأوروبية وتوترا في أسواق المال.
وعند بدء الجلسات أمس الجمعة، ارتفع معدل فائدة الإقراض الإيطالية بينما خسرت بورصة ميلانو 3,7 في المئة عند الاغلاق.
وبدأت الآثار تظهر على اليورو نفسه أمام الدولار.
وأقرت الحكومة الإيطالية العجز بعد مواجهة طويلة بين وزير المال المعتدل جيوفاني تريا الذي كان يريد أن تكون نسبة العجز 1,6 بالمئة لتجنب أي توتر، وحزبي حركة خمس نجوم والرابطة اللذين حصلا على ما يريدانه.
وسيبلغ العجز العام 2,4 بالمئة في 2019 (وكذلك 2020 و2021)، بينما كانت حكومة يسار الوسط تهدف إلى نسبة 0,8 بالمئة للعام الجاري.
ودفع الاتفاق حركة خمس نجوم إلى الاحتفال طوال ليل الخميس الجمعة في روما. واعتبر الحزبان أنه من الضروري أن ينفذا وعودهما الانتخابية وعلى رأسها تأمين دخل للمواطنين الاكثر فقرا يبلغ 780 يورو، ونظام تقاعدي أكثر سخاء وإصلاح ضريبي.
ويشمل الإجراء الأول 6,5 ملايين شخص والإجراء الثاني حوالي 400 ألف شخص.
وصرح المفوض الأوروبي للاقتصاد بيار موسكوفيسي أن الميزانية الإيطالية "تبدو مخالفة" للقواعد الأوروبية. وقال لإذاعتي "بي اف ام تي في" ومونتي كارلو "إنها ميزانية تبدو اليوم خارجة عن قواعدنا المشتركة".
ووصف الدين الإيطالي العام الذي تبلغ نسبته حوالي 132 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي، بـ"القابل للانفجار". وشدد على أن قواعد منطقة اليورو "يجب أن تحترم".
وقال إن "هذه القواعد هدفها مشترك في فرنسا وإيطاليا وكل دول منطقة اليورو. إذا ارتفع الدين العام فإننا نوجد عندها وضعا غير مستقر". وأكد أن "العقوبات ممكنة نظريا لأنها ورادة في الاتفاقيات، لكن لسنا في وارد العقوبات".
وأكد نائب رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو زعيم كتلة حركة خمس نجوم الجمعة أن روما "لا تنوي الذهاب إلى نزاع" مع المفوضية الأوروبية.
وأضاف أن "المخاوف مشروعة لكن هذه الحكومة ملتزمة الإبقاء على العجز 2,4 بالمئة لثلاث سنوات" وفق مشروع الميزانية الذي وصفه رئيس الحكومة جوزيبي كونتي بأنه "منطقي وشجاع".
وأكد دي مايو "نريد تسديد الدين ويمكنني أن أؤكد لكم أن الدين سينخفض" بفضل "نمو اقتصادي لم يكن متوقعا" وسينجم عن الميزانية التي تتضمن استثمارات كبيرة.
لكن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي قال بعد ظهر الجمعة إن الميزانية الإيطالية لا تحاول "تلبية توقعات المفوض الأوروبي".
أما ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء فقال "في بادئ الامر ارادت الأمم المتحدة إرسال "مفتشي مكافحة العنصرية"، والان تهدد أوروبا بوضع الحكومة والإيطاليين تحت الوصاية، هذا يكفي. الاستثمار في العمل والشباب ومكافحة الفقر وتخفيض الضرائب ليس فقط حقنا بل من واجبنا".
ورأى كارلو كوتاريلي مدير مرصد الحسابات العامة في جامعة كاتوليكا والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي إنه بهذا المستوى من العجز، "ستضعف" المالية العامة الإيطالية بما أن الدولة ستقوم بتمويل الإصلاحات "ليس بالضرائب بل بالاقتراض".
لكن المعارضة لا تصدق ذلك. فإيطاليا تعاني من دين يبلغ 2300 مليار يورو تمثل حوالي 131 بالمئة من أجمالي ناتجها الداخلي، وهو أعلى معدل في منطقة اليورو بعد اليونان.
وقالت مارياستيلا جيلميني المسؤولة في حزب إيطاليا إلى الأمام فورتسا ايطاليا حزب سيلفيو برلوسكوني إن الحكومة "تعرض البلاد لمخاطر غير معقولة عبر رفع العجز في اجمالي الناتج الداخلي إلى أكثر من 2 بالمئة".
يمكن أن تشهد روما ارتفاعا في الفارق بين معدلات فائد الاقراض الايطالية والألمانية الذي يخضع لمراقبة دقيقة وتجاوز ال300 نقطة بسبب القلق من السياسة المقبلة.
وحوالي الساعة 18,00 كان معدل فائدة الاقراض الايطالي لعشر سنوات 3,136 بالمئة مقابل 2,888 بالمئة في نهاية جلسة الخميس في السوق الثانوية، ما يرفع الفارق إلى 267 نقطة.
وبقدر ما ترتفع المعدلات تزداد كلفة التسديد على الدولة، ما يقلص هوامش المناورات المالية.
وقال جاك آلن المحلل في مجموعة "كابيتال ايكونوميكس" إنه في هذا الوضع سيشكل الحصول على ضوء أخضر من المفوضية الأوروبية التي تتذمر من كل ميزانية إيطالية، على الرغم من الظروف التخفيفية (الهجرة والزلازل خصوصا...) "أكثر من تحد".
وقال آلن إن معدل الفائدة لعشر سنوات يمكن أن يبلغ 3,5 بالمئة بحلول نهاية العام، "ما سيثير قلقا حول قدرة إيطاليا على سداد الدين".
وردا على سؤال في هذا الشأن، أكد دي مايو إنه "ليس قلقا" لأن 2,4 بالمئة هي أيضا "15 مليار يورو من الاستثمارات" التي ستؤدي إلى النمو، على حد قوله.