جاء قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تكليف الجيش بإدارة الأزمة في غرداية، لعدة أسباب أهمها أن الأوضاع في الولاية تعدت الصراع الطائفي المحلي، إلى مشاحنات قوية وصلت إلى عتبة مكتب الرئيس بقصر المرادية، وذلك بعد أن حاصر الشرطة الغاضبون مقر الرئاسة، في حركة انطلقت من مدينة غرداية.

كما حمل الأسبوع الأخير مؤشرات تصعيد خطيرة أهمها استعمال غير مسبوق لأسلحة نارية بعضها تم تطويره محليا.

قررت السلطات المركزية نقل مسؤولية تسيير أزمة غرداية للجيش. وجاء القرار بعد يومين فقط من نقل النائب العام لدى مجلس قضاء غرداية، ويحمل القراران عدة دلالات أهمها إعطاء دور أكبر للقضاء في مهمة التصدي لأعمال العنف الطائفي، وإبعاد اللواء عبد الغني هامل عن غرداية.

 وقد أقرت السلطات للمرة الثالثة في غضون أشهر قليلة بأنها ارتكبت خطأ فادحا أثناء تسيير أزمة غرداية، حيث قرر بوتفليقة تكليف اللواء شريف عبد الرزاق، قائد الناحية العسكرية الرابعة، بتسيير أزمة غرداية، وأعطاه صلاحيات واسعة للتعامل مع أعمال العنف، بما فيها استدعاء الجيش للتعامل مع أعمال العنف الطائفية التي باتت على وشك إنهاء عامها الأول، حسب صحيفة الخبر.

ويعني قرار نقل تسيير أزمة غرداية بالنسبة لعناصر الشرطة، الذين ثاروا قبل أيام أن حركتهم حققت بعض النجاح، حيث بات تسيير أكثر من 4 آلاف من قوات الشرطة في غرداية، من مسؤولية جنرال في الجيش، وهو ما يحمل مؤشرات بأن أيام اللواء عبد الغني هامل على رأس جهاز الشرطة باتت معدودة، كما يعني وعد سلال لسكان غرداية والسياسة التي انتهجتها حكومته المدنية فشلت فشلا ذريعا بعد تحويل والي غرداية السابق وتعيين والي جديد، ومحاولات وقف العنف.

 وكان الوزير الأول قد تعهد لسكان غرداية في شهر مارس 2014 بإيقاف العنف الطائفي في المدينة، بعد الانتخابات الرئاسية والذي على أساسه ألغي قرار وصاية الجيش على الوضع في غرداية بعد تشكيل حكومة سلال، وهاهو الرئيس بوتفليقة يعود مرغما إلى القوات المسلحة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في مدينة غرداية قبل فوات الأوان.

وجاء قرار الرئيس الذي بدأ تطبيقه منذ الساعات الأولى لصباح يوم الجمعة، على خلفية تدهور أمني ميداني خطير في مناطق عدة بغرداية، حيث أصيب عدد من عناصر الشرطة والدرك بجروح خطيرة، في عمليات استهداف مباشرة من طرف شباب أثناء محاولتهم التصدي لأعمال العنف الطائفية.

وسجلت تقارير أمنية ميدانية استعمالا غير مسبوق لأسلحة نارية في المواجهات، وهو ما وقع بالفعل في مدينة بريان، حيث تعدى الأمر استعمال بنادق الصيد إلى بنادق آلية. كما طورت عصابات الملثمين، التي يدعي أعضاؤها الدفاع عن النفس، بينما يمارسون جرائم يومية ضد أشخاص أبرياء، أسلحة نارية باتت تستخدم على نطاق واسع في الموجهات. وقال مصدر أمني إن مجموعات الملثمين التي تورطت في أعمال العنف في غرداية، طورت كثيرا من تكتيكاتها وتغلبت في عدة مواجهات على قوات الدرك والشرطة.

 وفي نفس السياق يتهم جهاز العدالة بالتورط بشكل مباشر في تغذية أعمال العنف في غرداية، حيث حصل أكثر من 180 موقوف منذ بداية أعمال العنف على أحكام قضائية مخففة. كما تم إخلاء سبيل عدد كبير من المتورطين بقرار من النيابة، وهو ما دفع السلطات لنقل النائب العام لدى مجلس قضاء غرداية.